في إطار مخطط، كشف عنه النقاب صباح اليوم، بدأت سلطات الاحتلال بتشديد قبضتها على المؤسسات المدنية المرتبطة بحركة حماس في الضفة الغربية، وداهمت مكتبا فلسطينيا للشؤون الدينية في مدينة نابلس وأمرت بإغلاق مدرسة وعيادة ومسجد لمدة ثلاثة أعوام. وذلك وفقا لخطة منهجية، تستهدف المؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية والأهلية التابعة أو المرتبطة بحركة حماس، للحد من تأثير الحركة وقوتها في الضفة الغربية.

وقال حسن الهلالي مدير مكتب وزارة الشؤون الدينية الفلسطينية في المدينة ان هناك أبوابا محطمة وخزانات مقلوبة، وأوضح أن بعض الوثائق أخذت في ما يبدو. وذكر الهلالي أن الجنود علقوا أوامر عسكرية على أبواب المدرسة الثانوية والمسجد والعيادة الطبية تفيد بأن هذه المنشآت ستظل مغلقة لمدة ثلاثة أعوام بسبب صلاتها بحركة حماس. وأدان سامي أبو زهري المسؤول بحماس في غزة التصعيد الإسرائيلي ضد الحركة واعتبر أن الخطوة التي قامت بها الاتحاد جريمة. وقال إنه «يتحتم على كل الأطراف المعنية إرغام إسرائيل على وقف عدوانها».

وقد حظيت الخطة المذكورة على موافقة رئيس الحكومة ووزير الأمن ورئيس الأركان ورئيس الشاباك، وتستهدف المؤسسات والجمعيات المدنية والمصالح التجارية المقربة من حركة حماس، بما في ذلك مصادرة ممتلكات وإغلاق مدارس وحضانات ومراكز صحية ودور أيتام ومؤسسات مالية ومصالح تجارية ومراكز خدمات اجتماعية. وتهدف هذه الخطة إلى ضرب بنية حركة حماس من أجل الحد من نشاطها وتأثيرها على الشارع الفلسطيني.

وقد طرحت أوساط فلسطينية تساؤلات حول دور السلطة الفلسطينية في الخطة التي شكلت قوات الاحتلال لتنفيذها طاقم خاص، عزز بمستشارين قضائيين. وقال مسؤول فلسطيني لموقع عرب48 إن مسؤولية هذه الأعمال تعود بالتالي على السلطة الفلسطينية التي يتوقع منها أن تقف في وجه مخططات الاحتلال لضرب مؤسسات حيوية تخدم الشارع الفلسطيني.

ونقلت صحيفة هآرتس عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن «إغلاق المؤسسات يجفف مدخولات الحركة المعدة للإرهاب، بهدف التضييق على الحركة لمنع زيادة تأثيرها في الضفة الغربية». ويرى المسؤول أن حماس تكتسب شعبية متزايدة في الضفة الغربية تتيح لها السيطرة مستقبلا على السلطة الفلسطينية. واعتبر أن «ضرب مؤسسات الحركة أمر ضروري لتعطيل نشاطات الحركة لمنعها من تحقيق أهدافها».

وحسب المصادر الإسرائيلية ستشهد الفترة المقبلة تكثيفا ممنهجا، وحربا دون هوادة على مؤسسات تابعة أو مرتبطة بحماس. وحصل الجيش على موافقة من المستوى السياسي لتنفيذ تلك العمليات.

ويقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن البنية التنظيمية التي أسستها حركة حماس في السنوات الأخيرة يمكن أن تكون أساسا لبناء دولة، دولة جمعيات. ويضيفون: حماس تكتسب يوما بعد يوم تأييدا شعبيا متزايدا، وتعتمد مؤسسات حماس على تمويل كبير من الخارج في بناء مؤسساتها، بالأساس من مؤسسات في في السعودية ودول الخليج والجاليات المسلمة في اوروبا والولايات المتحدة وجنوب أمريكا.

وقد أغلقت سلطات الاحتلال في الفترة الأخيرة مركزا تجاريا في الخليل بسبب علاقته بجمعية إسلامية مرتبطة بحركة حماس. كما أغلقت ورشات أعمال خياطة وصادرت حافلات ركاب تابعة لشركة سفريات بملكية جمعية إسلامية، وأغلقت مكاتب ومخازن ومصالح تجارية أخرى. وفي الخليل منع الجيش فتح مدرسة جديدة في بناية تم الانتهاء من بنائها بسبب علاقتها بمؤسسة مرتبطة أو مقربة من حركة حماس. ومن بين المؤسسات التي اقتحمتها قوات الأمن في الضفة الغربية مؤسسات تربوية وصحية ودور أيتام وجمعيات خيرية، ولجان زكاة. وأغلقت عشرات الجمعيات وصادرت محتوياتها.

يذكر أن في نهاية عام 2007 أقيم في قيادة منطقة المركز، بمبادرة قائد المنطقة، غادي شميني، طاقم خاص هدفه محاربة البنية الاجتماعية لحركة حماس. وهو طاقم مشترك للشاباك والإدارة المدنية والشرطة. وتم تعزيزه مؤخرا بقوات من وحدات مختلفة في الجيش ومن أجهزة الأمن وضُم إليه مستشارون قانونيون. كما تم تعزيز الطاقم بعدد من المترجمين لاستخدام الوثائق التي تضبط في تلك المؤسسات كدلائل إدانة من أجل تقديم ولوائح اتهام ضد مسؤولي وناشطي الجمعيات والمؤسسات. يذكر أن عشرات لوائح الاتهام قدمت حتى الآن ضد موظفين ومسؤولين في مؤسسات وجمعيات مقربة من حركة حماس، وأدين عدد من الفلسطينيين المرتبطين بتلك المؤسسات وحكم على قسم منهم بالسجن الفعلي. كما تدير الشرطة عددا كبيرا من ملفات التحقيق ضد فلسطينيين وتوجه لهم تهما تتعلق بـ«تبييض الأموال ودعم الإرهاب».

ويقول ضابط رفيع المستوى في جيش الاحتلال: العائق الوحيد أمام سيطرة حماس على الضفة الغربية هو الجيش، حيث أن نشاطاته في مدن الضفة الغربية تحد من قدرة حركة حماس العسكرية وتمنعها من تشكيل تهديد على السلطة الفلسطينية. لقد فازت حماس في الانتخابات الأخيرة في قسم كبير من البلديات والمجالس المحلية الفلسطينية، وهي تسيطر تدريجيا على مؤسسات تربوية وصحية ومؤسسات اجتماعية ودينية.
ويضيف الضابط: نحن نتحدث عن تعزيز قوة الجهات المعتدلة أي السلطة الفلسطينية ولكن سيطرة السلطة الفلسطينية عمليا ضعيفة على الأرض. فحماس سيطرت على كافة الجمعيات والمؤسسات، وليس فقط على جمعيات إسلامية محضة، بل أيضا على مؤسسات كانت في السابق تابعة للسلطة. كما أن الجمهور الفلسطيني يفضل حركة حماس لأنها أقل فسادا وأكثر نجاعة في العمل. وأنهى حديثه بالقول: هناك قفازات لم تنزعها إسرائيل عن يديها بعد، يجب أن تكون المعركة سياسية".