غزة: الشباب في مرمى الحركات السلفية
تسعى جماعات سلفيّة جهاديّة في قطاع غزّة إلى تعزيز وجودها عبر استقطاب شبّان يعانون من إحباط وانسداد آفاق المستقبل في منطقة واقعة تحت سيطرة حركة حماس وحصار إسرائيليّ خانق.
وتتجنّب هذه المجموعات الصّدام مع حركة حماس التي تلاحقها وتقيّد نشاطاتها.
وشهد قطاع غزّة، الأسبوع الماضي المواجهات المباشرة الأولى بين إسرائيل وحماس منذ حرب 2014، ما أثار قلقًا من حرب جديدة.
وينشط السّلفيّون الجهاديّون بين الفتية والشّبّان، مستغلّين الفقر والبطالة والحصار والإحباط، علمًا أنّ بعض هذه الجماعات تبنّت خلال الأشهر الأخيرة هجمات بالصّواريخ على بلدات إسرائيليّة متاخمة لغزّة، في تأكيد على موقعها في المواجهة الأساسيّة مع العدوّ.
وتتّهم حماس السّلفيّين بخرق تفاهمات سابقة أفرجت بموجبها عن غالبيّة النّاشطين السّلفيّين مقابل التزام بالتّهدئة التي تمّ التّوصّل إليها مع إسرائيل بعد حرب 2014.
وسبق لحماس خلال السّنوات الماضية أن قمعت بالقوّة ناشطين سلفيّين اعتبرت أنّهم يهددّون سلطتها، فدمّرت مساجد لهم ولاحقت قادتهم.
ويقول المحلّل السّياسيّ، أسعد أبو شرخ، أنّ بعض الجهات 'تستغلّ تنامي الفكر الجهاديّ المتطرّف في عدد من الدّول العربيّة وبينها تنظيم داعش، لاستغلال الشّباب المراهق والمحبط بلا أمل في غزّة'.
ومنذ سيطرة حماس على قطاع غزّة، ازدادت حالات الفقر المدقع ووصلت نسبة البطالة إلى 45% في القطاع البالغ سكّانه نحو مليوني نسمة، بسبب الحصار المشدّد الذي تفرضه إسرائيل منذ 10 سنوات.
ويقول قياديّ بارز في جماعة 'الشّباب السّلفيّ المجاهد'، أبو العيناء الأنصاريّ 'أولويّتنا مقاتلة اليهود في فلسطين'.
ويضيف 'نحن التزمنا بالتّفاهمات مع حماس، وحماس لم تلتزم وقتلت أبناءنا واعتقلت المجاهدين. ردّنا تمثّل بإطلاق صواريخ على الاحتلال الصّهيونيّ'.
وكان أبو العيناء واحدًا من الأعضاء السّابقين في الجناح العسكريّ لحماس الذين قاموا بإنشاء جماعات جهاديّة كردّ على مشاركة حماس بانتخابات السّلطة الفلسطينيّة في 2006 التي حقّقت فيها فوزًا ساحقًا على حركة فتح.
وكشف أبو العيناء أنّ نحو 200 مقاتل سلفيّ 'يقاتلون في صفوف 'الدّولة الإسلاميّة' (داعش) في سورية والعراق لدفع الظّلم عن المسلمين رغم محاولات حماس لمنعهم'.
وغادر غالبيّة النّاشطين غزّة عبر الأنفاق على الحدود المصريّة الفلسطينيّة. وبحسب أبو العيناء، فإنّ ناشطين 'بأعداد قليلة' غادروا في العامين الماضيين من معبر رفح المغلق مع مصر والذي يتمّ فتحه استثنائيًّا بين الحين والآخر.
ويقول أبو العيناء 'نحن جزء من إقامة الخلافة، الدّولة الإسلاميّة العالميّة، ولا نغضب إذا قيل عنا داعش'.
ويتابع 'نريد تطبيق شرع الله في غزّة وكلّ فلسطين، لكن نفضّل حاليًّا التّوعية الدّينيّة التزامًا منّا بالواقع الفلسطينيّ'، مشيرًا إلى أنّ 'هذا ليس أولويّتنا الآن في ظلّ الاحتلال'.
'لا نريد صدامًا'
ويقدّر النّاشطون السّلفيّون الغزّيون بالمئات، لكن مسؤولًا سلفيًّا قدرهم ب،'اكثر من ثلاثة آلاف مجاهد يمثّلون أكثر من 10 جماعات'. لكن يصعب التّحقّق من هذا العدد.
وأبرز الجماعات هي: تنظيم الشّباب السّلفيّ المجاهد وجماعة جند أنصار الله وتنظيم جيش الإسلام وجيش الأمّة وجماعة سيف الله وكتائب التّوحيد والجهاد وكتائب سيوف الحقّ، إضافة إلى مجلس شورى المجاهدين.
ويقول أبو سياف، وهو قائد عسكريّ في جماعة سلفيّة فضّل عدم ذكر اسمها، 'أولويّتنا حاليًّا تقوية الوضع العسكريّ للمجاهدين لمقاتلة أعداء الله اليهود'.
ويضيف 'لا نريد صدامًا مع حماس'، مستدركًا 'لن نتأخّر عن قتال الكفّار أو كلّ من يقف في وجه المجاهدين إذا فرض علينا'.
ويرى أستاذ العلوم السّياسيّة، وليد المدلّل، أنّ السّلفيّة المتشدّدة 'ستبقى ضعيفة'، لا سيّما أنّها 'تواجه محاربة قويّة من أجهزة الأمن' بغزّة.
ولم يستبعد محلّلون سياسيّون حدوث مواجهة عسكريّة جديدة بين حماس والسّلفيّين.
في 2009، قتل عبد اللطيف موسى، أبرز قادة السّلفيّين ومساعده في مواجهة مسلّحة مع حماس، بعدما أعلن إنشاء إمارة إسلاميّة في رفح.
وقتل النّاشط السّلفيّ يونس الحنر بمنزله في شمال غزّة، عندما رفض تسليم نفسه لأمن حماس العام الماضي.
ولا يزال نحو 20 ناشطًا من بين أكثر من 120 سلفيًّا كانوا محتجزين، في سجون تخضع لحماس بغزّة.
وفي تمّوز/يوليو الماضي، وجّه تنظيم الدّولة (داعش) عبر شريط فيديو بثّ على الإنترنت، رسالة تهديد لحماس. ونفّذ سلفيّون هجومًا بقذائف الهاون على موقع تابع للقسّام في جنوب القطاع.
ويقول القياديّ البارز في حركة حماس، محمود الزّهّار 'إنّهم يؤمنون بالعنف، نحن نتابعهم ونحاورهم لنوضح لهم'، مشيرًا إلى أنّ بعض السّلفيّين 'حاول قتل جيرانه أو أقاربه، ولو لم نوقفهم لحدث انفجار كبير'.
وعن العلاقة بين جماعته وتنظيم داعش، يقول أبو العيناء إنّها 'علاقة تناصح، أمّا الفكر واحد، ولا ارتباط تنظيميًّا'.