اعتبر مشاركون في ندوة حول جهاز القضاء الإسرائيلي، نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - "مدار"، في رام الله، أمس الاثنين، أن التقاضي أمام المحاكم الإسرائيلية لا يعتبر بأي حال شرعنة للاحتلال وللتمييز، ولكن جدواه محدودة، ويجب أن  يكون جزءا من استراتيجية سياسية، وأن لا يكون بديلا عنها.

ولفت المشاركون إلى أن قبول المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات فلسطينية يأتي بناء على ملاحظات إدارية، تتعلق بعدم إيفاء الحكومة الإسرائيلية بالخطوات الإدارية السليمة لممارساتها وقراراتها، ولا يمس قبول الالتماسات جوهر القرارات والسياسات التمييزية وانتهاكات الحقوق لصالح تنفيذ المخططات الاستيطانية والتهويدية.

وأوضحت الدكتورة هنيدة غانم المديرة العامة لـ "مدار"- في افتتاح الندوة أن أهمية التطرق لجهاز القضاء الإسرائيلي يكتسب أهمية خاصة في التوقيت الحالي، خاصة مع تصاعد الأحداث الميدانية وما يرافقها من خطاب هستيري يعم كافة القطاعات في إسرائيل، الأمر الذي يترك أثره أيضا على المواضيع القانونية.

وأشارت غانم إلى ما تشهده الساحة الإسرائيلية من تجاذب حول مواضيع المحكمة العليا ودورها، وما تشهده أروقة الكنيست من مشاريع قوانين إشكالية، هذا إلى جانب الهجمة على القدس، والتي تستند أيضا إلى مرجعيات قانونية انتقائية وتمييزية.

وتحدثت المحامية والناشطة الحقوقية عبير بكر عن موضوع التقاضي أمام المحاكم الإسرائيلية، مشيرة إلى عدم إمكانية الفصل بين القضائي والسياسي في مناطق الأزمات، بشكل عام الأمر الذي ينطبق على الحالة الإسرائيلية، حيث أن "الحالة القضائية تستمد مادتها من المنظومة الحزبية البرلمانية والثقافية.. هناك لـ قواعد لعبة، الذهاب إلى المحاكم غير ممكن خارج محددات اللعبة، التي لا تتيح تحقيق الكثير من الأهداف".

وحذرت بكر من خطورة التعامل الاحتفالي مع ما قد تقبله المحاكم العليا من التماسات، فالمحكمة في العادة لا تقبل قضايا تمس جوهر المشروع الصهيوني، وتتجنب التدخل في ما يصوغه المشّرع، كما أن الارتكان إلى المحكمة والاكتفاء بقراراتها، يكون على حساب النضال ضد القوانين والاجراءات التعسفية في الميدان.

وقدم المحامي علاء محاجنة قراءة في الخصوصية القانونية لمدينة القدس، في ضوء ما تتعرض له المدينة من هجمة شرسة. 

وبين محاجنة أن الحالة القانونية للقدس تتسم بمواصفات فريدة من نوعها، بحكم التعامل الاحتلالي الخاص معها، فهي ليست تحت الحكم العسكري كما الضفة الغربية، وليست تحت الحكم المدني كما هو الحال داخل "الخط الأخضر" ، وهي منطقة مزدحمة بالسكان، وليست منطقة جغرافية فارغة، وموضوع "الإقامة الدائمة" الذي يمنح المقدسيين بعض الحقوق المدنية لا يرتقي بهم إلى صف المواطنة، كما أنه يعتمد حالة قانونية يفترض أنها تخص المهاجرين، ويفترض أن تكون مؤقتة، لكن إسرائيل تحولها إلى حالة دائمة، رغم أن المقيمين الدائمين هم السكان الأصليون في الواقع.

وبين محاجنة أن إحدى خصوصيات القدس التي تجد لها تعبيرات قانونية، تتمثل في أن تهويدها لا يأتي تحت أي ذريعة، كما هو حال المستوطنات، وإنما هو مشروع رسمي معلن.

وذكر محاجنة أن التهويد في القدس يعتمد أدوات تخطيطية وتهجيرية صامتة وتدريجية، مذكرا أن إسرائيل ضمت إلى القدس بعد احتلال عام 67، مساحة 66 كم لصالح استيطانها وتحقيق أغلبية يهودية، هذا إضافة إلى ضم مساحات شاسعة من الأراضي بذريعة "المنفعة العامة"، في سياق استخدامات مشوهة للقوانين، وتم في المقابل "قتل" الحارات الفلسطينية تخطيطيا، ما انتهى إلى وجود 20 ألف ملف هدم منازل بحجة عدم الترخيص، علما أن الترخيص للفلسطينيين في القدس غير متاح أصلاً.

وختم محاجنة أن تهويد القدس عملية قيد التشكل، وأنها لم تنته بعد، حيث التجمعات الفلسطينية مازالت قائمة، وهي بالغة الحيوية، ما يفتح نافذة أمل للمواجهة.

وشهدت ندوة "مدار" توزيع عدد جديد من فصلية "قضايا إسرائيلية" ضم محورا رئيسيا تحت عنوان "الجهاز القضائي في إسرائيل في ظل نظامين متضادين، مدني وعسكري".