بين ركام الذكريات.. غزاوي أقعدته إسرائيل يرفض نسيان منزله وعائلته
يقول عويضة الناجي من القصف إن "القصف الإسرائيلي أفقدني قدماي وإحدى عيني وأصابني بحروق في أجزاء مختلفة من جسدي وأسفر عن استشهاد 4 من أبنائي. أتمنى الحصول على كرسي متحرك يساعدني على التنقل، وعلاج طبي لتحسين ظروفي الصحية واستعادة جزء من حياتي التي دمرتها الإبادة".
لا يمضي يوم دون أن يقصد الفلسطيني الجريح رجاء عويضة (45 عاما) أطلال منزله الذي دمرته غارة شنتها طائرات حربية إسرائيلية بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ليستعيد اللحظات الأخيرة التي جمعته بأبنائه الأربعة الذين قتلوا بهذه الغارة.
وبقلب مثقل بالألم، يتأمل عويضة، الذي فقد عينه وقدميه جراء الهجوم، أطلال منزله الذي كان مصدرا للأمان والدفء له ولعائلته، أما اليوم فقد بات شاهدا صامتا على مأساة لا تُنسى.
أصوات الأحبة
وينظر عويضة بحزن إلى الحجارة المتناثرة، وكأنما يبحث بينها عن ضحكات أبنائه وذكرياتهم التي ما زالت حية في مخيلته، حيث تحمل كل زاوية منهارة قصة لهم.
بين ركام الذكريات.. غزاوي أقعدته إسرائيل يرفض نسيان منزله وعائلته pic.twitter.com/krCBYEmO8t
— موقع عرب 48 (@arab48website) November 18, 2024
وفي 14 آب/ أغسطس الماضي، قصفت المقاتلات الحربية الإسرائيلية منزل عائلة عويضة بعدة صواريخ، ما أسفر عن مقتل 18 شخصا، بينهم أبناؤه الأربعة: شيماء (23 عاما) التي كانت حاملا في شهرها السادس، ولؤي (22 عاما) الذي كان يستعد لخطوبته، وأسماء (16 عاما)، ومحمد (15 عاما).
وأمام ركام منزله، يجلس عويضة على كرسي متحرك متهالك، تحيط به مجموعة من الشبان الذين يساعدونه في التنقل وتلبية احتياجاته اليومية.
وقالت كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ، في 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، إن "أكثر من 22 ألف شخص في غزة يعانون من إصابات غيرت حياتهم، إضافة إلى إصابات خطيرة في الأطراف تتراوح بين 13 ألفا و17 ألفا".
أحلام متبخرة
وكان عويضة، الذي عمل لسنوات في مجال صيانة السيارات، يأمل مثل أي أب بأن يرى أولاده يكبرون أمامه ويعيشون حياة واعدة ومستقرة، لكن أحلامه تبخرت تحت ركام منزله، تاركة وراءها فراغا لا يندمل.
ويأمل الفلسطيني مبتور القدمين بالحصول على كرسي متحرك يساعده على التنقل وتلقي العلاج اللازم لتعافي عينه المصابة وجسده المحروق لتمكينه من استعادة جزء من حياته التي دمرتها الإبادة الإسرائيلية.
وفي 11 تموز/ يوليو الماضي، كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن "شظايا الأسلحة الإسرائيلية ساهمت في ارتفاع معدلات عمليات بتر الأعضاء لدى الفلسطينيين بشكل مثير للقلق منذ بدء الحرب بقطاع غزة".
ونقلت الصحيفة عن 6 أطباء أجانب عملوا في مستشفيي "الأوروبي" و"الأقصى" بغزة، قولهم إن "العديد من الوفيات وعمليات بتر الأطراف جاءت نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف إسرائيلية مصممة لانتشار الشظايا، في مناطق مكتظة بالمدنيين".
عويضة يروي الفاجعة
وحول هذه الفاجعة، قال عويضة، إن المقاتلات الإسرائيلية قصفت منزله ما أدى "لاستشهاد 18 شخصا من أفراد عائلتي وجيراني، بينهم أربعة من أبنائي".
وأضاف أنه "أصبت بجروح خطيرة خلال القصف، فقدت على إثرها قدميّ الاثنتين وعيني، إضافة إلى حروق في ظهري وأجزاء مختلفة من جسدي".
وأوضح أنه يزور "أنقاض منزله الذي لم يعد صالحا للسكن بشكل يومي وهو مقعد على كرسي متحرك"، معبرا عن حنينه للمكان الذي ولد وترعرع بين جدرانه.
وتابع أنه "لا أنتمي لأي تنظيم، ولم نتلق أي تحذير بأن المنزل سوف يقصف".
وحول وضعه الصحي، قال إنه "أضطر لزيارة المستشفى بشكل متكرر، وأقطع مسافات طويلة في ظروف صعبة".
وأضاف أنه "أعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية وأتكبد يوميا تكاليف النقل المرتفعة، في وقت لا أملك فيه أي مصدر دخل أو عمل".
وطالب عويضة بتوفير كرسي متحرك كهربائي، يتيح له التنقل بسهولة، إلى جانب العلاج اللازم لعينيه وجسده الذي لا يزال يعاني من آثار الحروق.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي، يحتاج أكثر من 12 ألف فلسطيني جريح في قطاع غزة للعلاج خارج القطاع، في ظل الإبادة وتدمير إسرائيل القطاع الصحي.
وتغلق إسرائيل معابر قطاع غزة خاصة معبر رفح الحدودي مع مصر الذي سيطرت عليه في 7 أيار/ مايو الماضي ودمرته ما حال دون خروج آلاف الجرحى والمرضى من قطاع غزة لتلقي العلاج في الخارج.
ومنذ بداية الإبادة على غزة، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 34 مستشفى عن الخدمة و80 مركزا صحيا، واستهدف 162 مؤسسة صحية.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 147 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
اقرأ/ي أيضًا | الأونروا: كيف نظر الغزيّون إلى بداياتها؟