حذر الدكتور إياد السراج، رئيس الحملة الدولية لفك الحصار عن غزة، من أن الحصار الإسرائيلي قد يتسبب بكارثة نفسية صامتة لأبناء قطاع غزة جراء الضغوط النفسية الهائلة المترتبة على استمراره.

وقال السراج في تصريح صحفي إن من بين الآثار النفسية غير الملموسة على الشعب هو شعور المواطنين بفقدان الأمان وخوفهم الدائم من الأيام القادمة، وما تحمله من كوارث وآلام.

وأضاف "نلمس ذلك من خلال السلوك العصبي والتصرفات الانفعالية وحالات الاكتئاب المتزايدة ناهيك عن تأثير الحصار السلبي بشكل خاص على الأطفال، حيث أن الكبت والعنف المتراكم داخل الطفل أثر على قواه العقلية وإبداعه، وجعله يلجأ إلى طرق وأفعال متطرفة يعكس من خلالها ما في داخله من ألم وإحباط حيث في الانتفاضة الأولى كان الأطفال يرمون الحجارة على الجيش الإسرائيلي، ولكن في الانتفاضة الثانية كبر هؤلاء الأطفال ليصبحوا استشهاديين.

وفي السياق ذاته أوضح أن الأوضاع السائدة في القطاع تخلق واقعا صعبا ومتشددا، مشيرا إلى أن البيئة هي التي تخلق الإنسان، متابعا القول: "فماذا يمكننا أن نتوقع من طفل نشأ في بيئة مضطربة وغير مستقرة نفسياً؟، وكيف لنا أن نتوقع منه أن يتصرف بإنسانية وأن يكون إنسانا طبيعيا؟".

ورأى السراج أن الطفل الفلسطيني فقد أهم ركنين في حياته، حيث فقد شعوره بالأمان بسبب الغارات والقصف والدمار، كما فقد الشعور بالبهجة والسرور، فأصبح يرى والده رمز القوة والرجولة والصلابة عاجزا وغير قادر على توفير الأمان والغذاء له إذ بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 80%.

وتابع بعض الأطفال فقدوا احترامهم لوالدهم حيث أشارت دراسة على 3000 طفل في غزة لسنة 1991، 45% منهم شاهدوا آباءهم يضربون ويهانون أمام أعينهم مما خلق داخلهم حالة من الاغتراب، فأصبحوا يلجأون لمن هم أقوى من آبائهم، فاتجهوا للتنظيمات السياسية لنيل هويات جديدة يحتمون بها.

وأفاد أن أهم مظاهر الحصار على الصحة النفسية عند الأطفال هي تعرضهم لحالة ما بعد الصدمة والتي من أهم أعراضها: الاكتئاب، التوتر النفسي، عدم القدرة على النوم، عدم القدرة على التركيز، العنف، فقدان الشهية، التبول اللاإرادي، واستمرار تذكر الأحداث المؤلمة، فقبل عامين كان ما نسبته 33% من أطفال غزة يعانون من هذه الحالة النفسية.

وأوضح السراج أن الحصار ترك آثاراً قاسية على جميع القطاعات في قطاع غزة ومن أكثر القطاعات تضرراً برأيه هو القطاع الصناعي، حيث أدى الحصار إلى توقف حوالي 4000 مصنع عن العمل مما أدى إلى قطع أرزاق 180 ألف عاملا .

وفي إشارةً لجهود الحملة في فك الحصار، أضاف السراج أن الحملة كان لها دور أساسي في توصيل آثار الحصار للعالم، وأصبح لها صوت مسموع، فقد كانت ركناً أساسياً بإحداث الضجة الإعلامية الضخمة التي أدت إلى الضغط على إسرائيل مما أجبرها على التراجع عن قطع التيار الكهربائي وتقنين كميات الوقود، بالإضافة إلى موقف البرلمان الأوروبي الذي اتخذ قرارين لمساندة وقف الحصار، وقد تم التباحث أيضاً في موضوع الحصار أمام الكونجرس الأمريكي لفكه.

وأضاف مستدركا: لكن هذا لا يكفي فهدف الحملة الأساسي هو فك الحصار تماماً وفتح المعابر كافة وبالذات معبر رفح المصري.

وأعرب عن خشيته من أن التطرف الذي يتزايد نتيجة الاحتلال والقهر والموت المفروض على الشعب الفلسطيني بالآلة الإسرائيلية سيؤدي إلى مزيد من التطرف من جيل إلى جيل، محذرا من مغبة أن يصبح المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة أكثر خطراً ليس على نفسه فقط بل على المنطقة بأسرها.

وجدد تحذيره للعالم وللجانب الإسرائيلي من مغبة أن الحصار يزيد المواطنين تطرفاً ويقضي على أي صوت ينادي بالسلام، قائلا بنبرة يأس: "ستحصدون غداً شر ما تزرعه الآلة العسكرية".
وأضاف: تؤمن الحملة بأن أفضل طريقة للانتصار على التطرف هو العمل المدني والسلمي المتحضر والذي هو جزء من المقاومة المشروعة.

وأكد على ضرورة مواصلة العمل بكل الطرق اللازمة، من بينها التقدم للمحاكم الدولية وحشد الرأي العام الدولي لفضح الجرائم الإسرائيلية ليس فقط من أجل فك الحصار، ولكن أيضاً من أجل تحرير فلسطين وجلاء الاحتلال.

وأشاد إلي مسيرة تشابك الأيدي التي رتبتها اللجنة الشعبية لفك الحصار عن قطاع غزة قبل أسابيع على طول شارع صلاح الدين، والتي كان لها أبرز تأثيراً على العالم كله من إطلاق الصواريخ، باعتبارها وسيلة سلمية، والدليل على قوة تأثيرها أن إسرائيل كانت قد حشدت لمواجهتها قوات أكثر من حشدها لوقف الصواريخ.