عاش قطاع غزّة، الجمعة، يومًا هادئًا نسبيًا، مع حفاظ مسيرات العودة، للأسبوع الثاني على التوالي، على إيقاع أقل حدة في حراكها المتواصل منذ 7 أشهر، بالتزامن مع تفاهمات توصلت إليها حركة حماس مع مصر وقطر والأمم المتحدة، تتعلّق بتخفيف حصار غزّة، وصولًا لإنهائه بشكل كامل.

واختفت مظاهر إشعال الإطارات المطاطية، كما لما يتم إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة باتجاه البلدات الإسرائيليّة المحاذية لقطاع غزّة، وتوقفت محاولات اقتحام السياج الحدودي الفاصل.

واحتشد الآلاف من المتظاهرين، مساء اليوم، على بعد يتراوح ما بين 100 إلى 300 متر من السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزّة وسائر فلسطين.

وفي المقابل، قلّص الاحتلال استهداف المتظاهرين بالرصاص الحي وغارات الطائرات المسيّرة، إلا أنّه كثّف من استخدام الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع في قمع المتظاهرين.

وأسفر القمع الإسرائيلي للمتظاهرين على طول حدود القطاع، مساء اليوم، عن استشهاد شاب فلسطيني، وإصابة 36 فلسطينيا، بالرصاص الحي، بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.

في حين قام شاب باختراق الجدار الأمني والدخول إلى داخل الخطّ الأخضر، ما استدعى استنفارًا إسرائيليًا شديدًا في المنطقة، تخلله إطلاق قنابل للإنارة أدّت إلى إشعار حريق كبير في منطقة محاذية للقطاع، قبل أن تقوم قوات الاحتلال باعتقاله، وفقًا لما ذكرته وسائل إعلام إسرائيليّة.

وكان لافتا في مسيرات اليوم، المشاركة الواسعة للفتيات، وبخاصة في منطقة ملكة، شرقي مدينة غزة، فالعشرات منهن حملنَ الأعلام الفلسطينية، وتوشّحن بالكوفيّات ورددن هتافات تطالب برحيل الاحتلال وعودة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء الحصار عن قطاع غزة.

وليس بعيدًا عن الفتيات، كانت هناك مجموعة من الأطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم الـ10 سنوات، يحملون الأعلام الفلسطينية ويعتلون سيارة نقل صغيرة ويهتفون بالكثير من الحماس " (على) القدس رايحين (متوجهين) شهداء بالملايين"، و"يا محتل ارحل عنا"، و"من غزة تحية للقدس الأبية".

وبينما كان الأطفال يلهون قرب أمهاتهم اللواتي يتبادلن أطراف الحديث تارة، ويشاركون بالهتاف والتكبير تارة أخرى، احتشد الرجال لمشاهدة فرقة فنية كانت تؤدي رقصات شعبية فلسطينية مثل الدبكة والدحيّة.

وداخل هذه الخيمة، يتواجد عدد من قيادات الفصائل الفلسطينية من بينهم قائد حركة "حماس" بقطاع غزة، يحيى السنوار، والمسؤول البارز في الحركة، خليل الحية، والقيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، خالد البطش، وبالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة.

وكان القيادي في حماس، خليل الحية، قد قال في تصريح خاص لمراسل الأناضول أثناء مشاركته بالمسيرة، إن "مسيرات العودة، حقّقت بعض أهدافها، لكنها ستستمر حتى تكسر الحصار عن قطاع غزة، بشكل كامل".

وذكر الحية أن الأسبوعين الماضيين، شهدا تحقيق "جزء من مظاهر كسر الحصار عن غزة، كتحسن ساعات وصل التيار الكهربائي ووصول أموال المنحة القطرية الخاصة بالموظفين والجرحى وأهالي الشهداء والأسر الفقيرة".

في حين أكّد قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أنه "لا يوجد أي اتفاق جديد بين حركته وإسرائيل"، وأنّه "ليس بيننا وبين الاحتلال أي اتفاقات".

وتابع السنوار "يوجد تفاهمات بيننا وبين المصريين ومع القطريين وتفاهمات مع الأمم المتحدة من أجل تخفيف ورفع الحصار عن شعبنا في القطاع"، قائلًا إن "الحصار الإسرائيلي بدأ يتهاوى وسينهار مرة واحدة وللأبد".

وحول مصير مسيرات العودة بعد إقرار تفاهمات التهدئة، أكّد السنوار أنها "تُغيّر من أدواتها، لكنها متواصلة حتى تحقيق كامل أهدافها بكسر الحصار والعودة وتحرير فلسطين".

وتقود مصر وقطر والأمم المتحدة، مشاورات منذ عدة أشهر، للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية بغزة والاحتلال الإسرائيليّ، تستند إلى تخفيف الحصار المفروض على القطاع، مقابل وقف مسيرات العودة.

ويُجري وفد أمني مصري جولة مكوكية بين غزة والضفة الغربية وإسرائيل منذ أسابيع، يلتقي خلالها مسؤولين في حركتي حماس وفتح، والاحتلال الإسرائيليّ في إطار استكمال المباحثات التي تقودها بلاده حول ملف المصالحة الفلسطينية و"التهدئة" بغزة.

وصباح الجمعة، بدأ موظفون غزيّون، عيّنتهم حركة حماس خلال فترة إدارتها للقطاع، بالحصول دفعات مالية من منحة قدمتها قطر للقطاع.

والثلاثاء الماضي، أعلنت اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، تقديم مساعدة نقدية عاجلة بقيمة 5 ملايين دولار، لـ50 ألف أسرة في قطاع غزة من ضمن المنحة الأميرية.

وكان مصدر فلسطيني مطلع، قد كشف للأناضول، مطلع الشهر الجاري، أن المخابرات المصرية، التي تقود جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، قد حققت تقدما ملموسا في مفاوضات التهدئة.

وتشمل بنود الاتفاق المرتقب، تخفيف الحصار عن قطاع غزة، مقابل وقف الاحتجاجات التي ينفذها الفلسطينيون قرب السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل.