قال فيليب ديسكولا، عالم الأنثربولوجيا الفرنسي الشهير، إن الاحتجاجات التي تهز العالم العربي فيما يعرف بالربيع العربي غير مسبوقة في العالم، وجاءت عفوية ولم تستوح أي نموذج سابق، ولم يستبعد أن تشكل هذه الاحتجاجات نموذجا للتفكير في أنظمة سياسية جديدة لم يعرفها العالم العربي خصوصا، أو العالم ككل من قبل.

وقال ديسكولا في مقابلة مع رويترز: "نجد دول خارج المنطقة العربية تأثرت بالربيع العربي كالصين.. الرائع في هذه الجماهير السلمية غير المسلحة، أنها استطاعت أن تشل أنظمة ديكتاتورية."

وأضاف ديسكولا (62 عاما): "في الوقت نفسه، الأمور منظمة بشكل كبير بدون أن تبني على آيدلوجية معينة، عكس ما كان عليه الحال في جيلي، كان هناك نموذج مقابل نموذج، وهذا شيء جديد".

وأوضح ديسكولا الذي قدم إلى المغرب من أجل إلقاء عدد من المحاضرات في مدن مختلفة، أن ما حدث من احتجاجات في العالم العربي أسفرت عن سقوط ثلاثة أنظمة في تونس، ومصر، وليبيا، معتبرا أن هذا "شيء مهم لأن العالم الاسلامي كانت له أنظمة بديلة عن الأنظمة السياسية التي تطورت في أوروبا منذ نهاية القرن الثامن عشر."

وأضاف ديسكولا، وهو أستاذ الانثربولوجيا الطبيعية في "كوليج دي فرنس": "الأمة إمارة المؤمنين، هذه الأنظمة في العالم الاسلامي المؤسسة على أبعاد دينية سياسية، وآيديولوجية وقضائية واقتصادية، كانت تشكل مصدر انجذاب للعديد من الأنظمة في العالم الاسلامي والعربي"، وقال: "كنا نتساءل كيف يمكن لهذه الانظمة أن تشكل أنظمة تقارب النموذج الغربي؟"

ولكن ما حدث "في الربيع العربي، بين أن هناك مجموعة من الناس يجذبون الحبل في الاتجاه الآخر"، وتساءل: "هل هذا الاتجاه سيكون مماثلا للنظام الذي تطور في العالم الغربي، أم سيكون الأمر مختلفا؟."

وأضاف: " ما يحدث في العالم العربي اليوم شيء مهم للغاية، لأنه بعد سنوات لم تتحرك فيه الأمور، تحدث اليوم تحركات جد مهمة قابلة لأن تصبح نموذجا للتفكير في أنظمة سياسية جديدة في العالم العربي."

وعاش ديسكولا في شبابه ثلاث سنوات بين أفراد شعب "الجيفارو"، على ضفاف نهر كابوا في الأمازون، واستلهم من بقائه هناك أطروحة الدكتوراة التي أشرف عليها عالم الاجتماع الفرنسي الشهير، كلود ليفي شتراوس.