لم تكترث الفلسطينية، جهاد أبو محسن، حينما أخبرناها بأن اليوم يصادف يوم المرأة العالمي، فلديها ما يشغلها عن الاحتفال بهذه المناسبة.

فمع إشراقة كل صباح تتجه أبو محسن، برفقة صغيرها كريم، الذي لا يتجاوز عمره (5 أعوام)، إلى أماكن دمرتها الطائرات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، لتجمع ما تقدر عليه من الحجارة وتضعها على عربة يجرها حمار.

وتقول السيدة البالغة من العمر 48 عاما، بينما كانت تجمع بيديها قطع الحجارة، إن الأولوية لديها تتمثل في توفير قوت يوم عائلتها.

ويحتفل العالم في الثامن من آذار/مارس من كل عام، بيوم المرأة العالمي، وفيه يتم الاحتفال عالميا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.

وتبيع 'أبو محسن' تلك الحجارة إلى معامل، تعيد تدويرها، وتصنع منها حجارة بناء، مقابل دولارين فقط لكل حمولة عربة كاملة.

وتقول إنها لا تتمكن سوى من جمع عربتين أو ثلاث من الحجارة يوميا.

ورغم الإرهاق الشديد الذي يظهر على ملامح السيدة، إلا أنها تواصل التجول بين الطرقات والأزقة، للبحث عن مزيد من الحجارة وركام البيوت المهدمة في مشهد غير مألوف.

وتقول أبو محسن، صاحبة البشرة السمراء 'إننا نساء مسكينات، لا نعرف اليوم العالمي للمرأة ولا نحتفل به'.

وتضيف 'الحرب الإسرائيلية شردت وجرحت وقتلت المئات من النساء، لا يوجد حقوق للمرأة الفلسطينية'.

وفي السابع من تموز/يوليو 2014، شنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة استمرت 51 يوما، تسببت بمقتل 2322 فلسطينيا، بينهم 489 امرأة.

ورغم التقاليد المحافظة في غزة التي لا تسمح لسيدة بالعمل في هذه المهنة، إلا أن الفلسطينية أبو محسن، مستمرة في العمل رغم بعض المضايقات التي تتعرض لها، حسب قولها.

وتضيف 'زوجي مريض ومسن ويعاني آلام في الحوض وغير قادر على العمل، لا أحد يوفر لنا الطعام والدواء، فلجأت لجمع الحجارة وبيعها لأوفر قوت يوم عائلتي والدواء لزوجي'.

وتتابع 'أسرتي مكونة من طفلين، نعاني من الفقر والجوع ونقص الدواء، وبيتي يفتقر لأدنى مقومات الحياة، إن العمل في أي مجال ليس عيبا، نعم مهنة شاقة ولكن أفضل من مد يدي للناس والتسول'.

وتشير السيدة ذات الرداء الأسود المحتشم، إلى أنها لم تجد فرصة عمل ملائمة لها، 'الحصار الإسرائيلي قضى علينا، لا يوجد فرص للعمل، ونعيش في مناطق مهمشة لا عمل ولا مساعدات'.

وتؤكد أن أسمى أمانيها، ترك هذه المهنة الشاقة التي أدمت جسدها الضعيف وأوهنته.

لكنها لا تبدو متفائلة بالحصول على فرصة عمل أفضل، خلال الفترة القادمة.

وفرضت إسرائيل حصارًا على سكان غزة '1.9 مليون فلسطيني'، منذ كانون الثاني/يناير 2006، وشددته في منتصف حزيران/يونيو 2007، إثر سيطرة حركة حماس على القطاع.

ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80% من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش.

وقال التقرير السنوي، الصادر عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية 'الأونكتاد'، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2015، إن غزة قد تصبح منطقة غير صالحة للسكن بحلول عام 2020، خاصة مع تواصل الأوضاع والتطورات الاقتصادية الحالية في التراجع.

وبمناسبة يوم المرأة العالمي، قال اتحاد العمل النسائي الفلسطيني، إن نسبة البطالة في صفوف النساء في قطاع غزة وصلت لأكثر من 63%، فيما تخرج الجامعات الفلسطينية قرابة 30000 طالب وطالبة سنويا.

وكانت منظمة 'المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان' ومركزها جنيف، قالت في إحصائية نشرت نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، إن 6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، منها 27% انعدام حاد و16% انعدام متوسط و14% نقص في الأمن الغذائي'.

اقرأ/ي أيضًا | في يومهن العالمي.. نساء غزة يدفعن ثمن الاحتلال

وأضافت المنظمة أن شرائح واسعة من سكان قطاع غزة تعاني من الاكتئاب، ومستويات عالية من 'الضغط النفسي'.