تعتبر الاعتداءات الجنسيّة من أكثر الجرائم انتشارًا في العالم كلّه، وهي كذلك، واحدة من أكثر الجرائم التي لا يتمّ الإبلاغ عنها في كلّ الحالات، وعلى الرغم من العديد من الإصلاحات التي اتّخذتها بعض الدول في التعامل والتفاعل مع هذه القضايا، إلّا أنّ الإحصائيّات تعكس أنّ العديد من الجرائم لم يتمّ التعامل معها، أو فهمها بشكل كامل.

ولطالما كان موضوع استغلال الأطفال جنسيًّا، هو مثار بحث لدى كثير من المؤسّسات الدوليّة، مثل مؤسّسة "ايكبات"، التي أجرت أبحاثها ودراساتها في دول مختلفة، مثل بلجيكا وبوليفيا وغامبيا وهنغاريا والهند والمغرب وباكستان وسريلانكا وكوريا الجنوبيّة وتايلاند، وشملت هذه الدراسة سلسلة من الوثائق والأبحاث الميدانيّة، وتناولت السلوكيّات وتحليل عوامل الخطورة والتحديات التي تواجه العمل الحقوقي في مواجهة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المغرب.

وواحدة من الدراسات التي أجرتها "ايكبات" في المغرب، كشفت عن أنّ الأصغر عمرًا، هم الأكثر تعرّضًا للاعتداءات الجنسيّة، من 6 إلى عشر سنوات، و54٪ من مجموع الملفّات، تتعلّق بأطفال قاصرين ذكور، وأنّ 40٪ من القاصرين الذكور، تعرّضوا ولو لمرّة واحدة لاعتداء أو تحرش جنسي في المغرب، كما أشارت الدراسة إلى أنّ نسبة كبيرة من الأطفال من ضحايا الاغتصاب، تعرّضوا لهذا عن طريق الغواية، إمّا مقابل المال، أو الهدايا، أو مأوى… وخلصت الدراسة، إلى أنّ أغلب المغتصبين في القضايا المتعلّقة بالأطفال، كانوا من الرجال.

وفي الولايات المتّحدة، ، وحسب ما جاء في تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي، في عام 2016، كان هناك ما يقدّر ب 95,730 حالة اغتصاب التي تمّ الإبلاغ عنها، وهو ما يعدّ أعلى من تقدير عام 2021 بـ12.4٪. وعمل أستاذ القانون كوري رايبونغ يونغ على دراسة بعنوان "أزمة الاغتصاب الخفيّة في أميركا" عام 2014، وتناولت مدى تقلّص التبليغ عن جرائم الاغتصاب في أقسام الشرطة، والتي تمنع ظهور العدد الحقيقي لشكاوى الاغتصاب.

هارفي واينستين (Getty)

وحلّت ألاسكا في الولايات المتّحدة الأميركيّة في المركز الأوّل فيما يتعلّق بمعدّلات الاغتصاب، حيث بلغت 148 حالة اغتصاب لكلّ 100 ألف نسمة، فيما بلغت ولاية أركنساس في المركز الثاني، بنسبة 77 حالة لكلّ 100 ألف نسمة، وفي داكوتا الجنوبيّة وميشيغان، بلغت 72 لكلّ 100 ألف نسمة، فيما بلغت نيفادا 70 لكلّ 100 ألف نسمة.

ومن المعروف، أنّه من الصعب الحصول على إحصائيّات دقيقة بشأن الاغتصاب، وأكبر العقد التي تصاحب هذا الأمر، هو عدم إبلاغ الضحايا في كثير من الحالات، لأسباب مختلفة، بالإضافة إلى أنّ قوانين العديد من الدول ضدّ جرائم الاعتداءات الجنسيّة، هي غير كافية، ولا تطبّق كما ينبغي، ممّا يضع الضحايا في حالة خوف من إشراك القانون. والغريب في الأمر، أنّ الدراسات التي تتحدّث حول الاعتداءات الجنسيّة، تتباين في نتائجها الكثيرة، وذلك لأنّ التعريف القانوني للاغتصاب، يمكن أن يختلف دولة إلى أخرى، وعلى الرغم من الاختلافات بين التعبيرات والأرقام، إلّا أنّ البيانات توضّح أنّ الاغتصاب هو مشكلة كبيرة ورئيسيّة في مختلف دول العالم.

وقد تشهد الدول التي تكثّف جهودها لمنع الاغتصاب، ارتفاعًا في حالات الاغتصاب التي تم التبليغ عنها، بدلًا من انخفاضها، لكن ما تشير إليه كثير من الدراسات، هو أنّ حالات الاعتداء الجنسي في ارتفاع يوميًّا.

وحسب موقع "وورلد بوبيوليشن ريفيو"، تعرّضت حوالي 43.6٪ من النساء و24.8٪ من الرجال إلى شكل من أشكال العنف الجنسي في حياتهم، وذلك وفقًا للمسح الوطني للعنف الجنسي، وقالت نحو 21.3٪ من النساء اللاتي شاركن في الاستطلاع، أنّهن تعرّضن لمحاولة اغتصاب ولو مرّة في حياتهن.

وخلال الأعوام السابقة، انطلقت حملة "مي تو" في 85 دولة على الأقلّ، والتي شجّعت الناس في جميع أنحاء العالم على نشر قصصهم عن الاعتداءات الجنسيّة، والتي استطاعت أن تطيح بكبار المتهمين بالاعتداء الجنسي، مثل هارفي واينستين، المنتج الكبير في هوليوود، ولاقت هذه الحملة صدى واسعًا في العالم كلّه.