هذا الاسبوع الذي أعرب المواطنون العرب فيه عن الوفاء للأرض والشهداء، كان عاصفا، بفضل الممارسات السلطوية؛ ففي حين سادت منطقة وادي عارة الشهرين الاخيرين هدوءًا نسبيًا، بعد الهبة الشعبية التي شهدتها المنطقة إحتجاجا على أوامر الهدم الصادرة بحق عشرات المنازل، عاد التوتر من جديد، بعد القرار الذي أصدرته المحكمة في الخضيرة والقاضي بهدم منزلي المواطنين نزيه يونس وأحمد سعيد يونس، هذا القرار جمدته المحكمة المركزية في حيفا حتى التاسع من نيسان الجاري.

وتتوافد حشود المتضامنين الى المنزلين، بعد النداء الذي وجهته اللجنة الشعبية للدفاع عن المنازل المهددة بالهدم في وادي عارة، خاصة وأن أمر الهدم الذي أصدرته المحكمة في الخضيرة، لم يعط مهلة للهدم بل أنه أبقى أمر الهدم غير محدود، بمعنى الهدم الفوري، وأمر التجميد لم يبقَ من عمره إلا بضعة ايام.

وتنظم منظمات نسائية، يوم غد السبت، في الرابعة من بعد الظهر، في وادي عارة، مظاهرة احتجاجا على هدم البيوت، وعلى قرار إلغاء تجميد الهدم.

وتتزامن هذه الأحداث مع الكشف عن مخطط جديد لتوسيع مستوطنة "حريش" في منطقة وادي عارة وتحويلها إلى مدينة "للحريديم اليهود" تستوعب 130 ألف نسمة. وكان وزير الداخلية، مئير شيطريت، خلال زيارته الأخيرة الى منطقة وادي عارة قبل أقل من شهرين، قد أعلن بشكل واضح أن كل منزل بني بلا تراخيص سيتم هدمه! والتقى برئيس بلدية أم الفحم واعضاء اللجنة الشعبية في المنطقة الذين سلموه رسالة تطالبه بايجاد حل لمشكلة ألمباني غير المرخصة، غير أن شيطريت أبلغهم بأنّ حلّ مشكلة المباني غير المرخصة ليست من صلاحياته! كما تراجع شيطريت في وقت لاحق عن إعلانه بشان إقامة مدينة عربية.
وقال أحد المسؤولين في منطقة وادي عارة في حديث لـ"فصل المقال" إنه في حال إقدام "سلطات التنظيم والبناء" على هدم أحد المنازل في منطقة وادي عارة فإنّ وتيرة الهدم ستتسارع، لأنّ السلطات برأيه تحدد سياستها ووتيرة هدم المنازل بحسب ردّ الفعل الجماهيري ومقاومة الهدم من قبل الجمهور وأصحاب المنازل. واضاف ان السلطات تخشى في هذه المرحلة من هدم المنازل في وادي عارة تحسبا من تفجر الغضب الجماهيري العارم في منطقة وادي عارة.

الى ذلك، تواصل جرافات بلدية اللد و"لجنة التنظيم والبناء"، هدم المنازل العربية في اللد بحجة البناء بلا تراخيص، علمًا أنّ أحياء عربية كاملة مؤلفة من عشرات المنازل في اللد غير مرخصة، ويتعرض أهالي اللد العرب الى اعنف هجمة منذ عشرات السنوات بغية محاصرة وجودهم على أقل مساحة من الأرض وبالتالي ترحيلهم.

وكانت آخر عمليات الهدم التي شهدتها الأحياء العربية المنكوبة في اللد عملية هدم منزلي المواطنين وسام وتوفيق خواجة في حي المحطة، حيث داهمت قوات معززة من الشرطة والوحدات الخاصة المنطقة، ترافقهم جرافات الهدم ، وباشرت بهدم المنزلين بدون سابق انذار، بحجة البناء بلا تراخيص.

وقال وسام خواجة صاحب المنزل المهدوم، إنّ الخلاف على الأرض متواصل منذ عام 94 عندما أخذت دائرة أراضي إسرائيل تطالب عائلة الخواجة التي تمتلك خمسة دونمات في حي المحطة بإخلاء الأرض، بحجة عدم الملكية، على الرغم من أنّ العائلة تملك الأرض منذ عام 1936، أي قبل قيام إسرائيل".

وقال وسام: " يحاولون بكل الطرق الاستيلاء على أرضنا لكي يرحلونا من هنا، هذه الأرض ورثناها عن أجدادنا ولا يوجد أيّ سبب منطقي في ملاحقتنا على الأرض، فقد إستطعنا سابقا الحصول على قرارات حكم لصالحنا، لكنهم في كل مرة كانوا يستأنفون على قرار الحكم ويغيروه لصالحهم في النهاية.

وكانت دائرة أراضي اسرائيل قد حصلت على قرار من المحكمة كما يقول خواجة بشكل غيابي دون علمهم، يقضي بإخلاء العائلتين من المنزل وعدم هدمه، إلا انّ السلطات هدمت المنزل بطريقة وحشية، ولم تمهلهم الوقت للتوجه للمحكمة لمنع الهدم. يذكر ان منزل وائل خواجة شقيق أصحاب المنزلين اللذين تم هدمها، قد هدم قبل نحو عامين بحجة البناء بلا ترخيص على ارض ليست بملكيته، ورغم ذلك اقدم زاهر على بناء المنزل من جديد.

ويقول أفراد عائلة خواجة إنهم يتعرضون لمسلسل ملاحقة من قبل السلطات الاسرائيلية، بل وان أفراد من الشرطة وقوات الأمن قد عرضت على بعض الأخوة بالعمل لصالحها من اجل إبطال أوامر الهدم، بحيث يزودوا الشرطة بمعلومات عن اهالي اللد العرب، ومساعدة الشرطة في التوصل الى معلومات داخل الأحياء العربية.

وقال وائل خواجه، شقيق أصحاب المنزلين المهدومين، إنّ نحو 500 شرطي ومجند حضروا الى المنزل، وأبدوا استهتارا كبيرا بنا، من ضحك وتهكم، ناهيك عن قذفنا بالشتائم النابية، وأضاف: "الشرطة أرادت هذه المرة ان نتوجه لها طالبين العمل لصالحها كي لا يهدموا منزلنا، ونحن نقولها علنا إننا نرفض أن نعمل لصالح الشرطة والاستخبارات حتى وان هدموا كافة منازلنا وبقيينا في الشوارع".

وصرح عرفات إسماعيل، عضو منتدى السبيل، والناشط ضد سياسة هدم المنازل في اللد، رئيس لجنة حي دهمش غير المعترف به، إن عملية الهدم هذه هي جزء من سلسلة عمليات هدم سابقة تستهدف الوجود العربي، وأضاف انه فور وصول معلومات عن نية السلطات هدم المنزل، تم توكيل محام لمتابعة الموضوع ولمحاملة تجميد امر الهدم، إلا أن السلطات سارعت في هدم المنزل للأسف، النضال ضد هذه السياسة شاق لكن سيكون لصالحنا في نهاية المطاف".

وقال علاء نجمي مدير السبيل (منتدى الإسكان في اللد): "إنّ هجمة السلطات الأخيره على العرب في اللد (وإن كانت تحت غطاء القانون) تستذكرنا بالماضي القريب من إحتلال العراق وسقوط بغداد من دون مقاومة! والقصد هنا (في اللد) للمقاومه القانونيه طبعا، مضيفا: أنه يجب أن يتم التصدي لهذه الحملة الشرسة قبل فوات الأوان".

وفي النقب أقدمت لجنة التنظيم والبناء في اللواء الجنوبي، الأربعاء، على هدم العديد من المنازل والخيام وحظائر الغنم في قريتي عمرة (ترابين الصانع) وطويل أبو جروال غير المعترف بهما في النقب، وخلفت 18 عائلة من دون مأوى.

وقالت لجنة الأربعين إن قوات كبيرة من الشرطة أشرفت على عمليات الهدم التي بدأت صباحا في قرية عمرة، حيث تم هدم منزل المواطن محمد ترابين الصانع الذي يأوي 19 نفرا. وكانت السلطات قد هدمت منزل الصانع في حزيران الماضي، فقام ببناء منزل آخر لإيواء أسرته، إلا انه تم هدمه صباح الأربعاء بموجب أمر إداري.

وواصلت قوات الهدم من عمرة إلى قرية طويل أبو جروال، ونفذت فيها أوامر هدم، شملت 13 خيمة و4 بيوت من الصفيح و6 حظائر للغنم.

يشار إلى أنّ السلطات تواصل هدم البيوت في القرى العربية غير المعترف بها، رغم ادعاء وزير الداخلية، مائير شطريت، بأنه تم تجميد أوامر الهدم لمدة عام، إلى أن تنتهي لجنة غولدبرغ من تقديم توصياتها إلى الحكومة بشأن النزاع بين السلطات والمواطنين العرب في النقب على ملكية الأراضي.