* بديل / المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين

تقرير صحفي صادر بتاريخ 29-03-2003

جذور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي

تواصل إسرائيل إنكارها لحق اللاجئين الفلسطينيين لاستعادة أراضيهم وممتلكاتهم داخل الخط الأخضر (بما في ذلك دعاوى الفلسطينيين المهجرين في الداخل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 واللاجئين في دول الشتات).

منذ العام 1948، قامت إسرائيل بمصادرة ما يزيد عن 17 مليون دونم (17 ألف كم2) من الأراضي التي تعود ملكيتها للاجئين الفلسطينيين (تقريباً مليون دونم منها للمهجرين الفلسطينيين في الداخل)، وأيضاً صادرت و/أو تسيطر على 4.7 مليون دونم من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس. في العام 1948، امتلك اللاجئين ما نسبته 90% من أراضي فلسطين الانتدابية، أما اليوم فإن السكان الفلسطينيين لا يملكون/يسيطرون على أكثر من 10% من الأراضي ضمن حدود ديارهم التاريخية (داخل الخط الأخضر والأراضي المحتلة عام 1967). في نفس الوقت، تم طرد/تهجير أكثر من نصف السكان الفلسطينيين الأصليين إلى خارج حدود ديارهم التاريخية.

التهجير الجماعي الذي ارتكبته إسرائيل ولا تزال، بحق الشعب الفلسطيني يعد خرقاً فاضحاً للمبادئ الأساسية لأكثر من أربعة هيئات قانونية دولية، بما في ذلك قوانين تعاقب الدول، قوانين حقوق الإنسان، القوانين الإنسانية وقوانين اللاجئين. العديد من منظمات حقوق الإنسان المختلفة تعرضت للسياسات الإسرائيلية الخاصة بالأراضي وأصدرت تقارير أجمعت كلها على أن السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تتعلق بمعاملتها للفلسطينيين تنتهك قوانين حقوق الإنسان. لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لجنة الحقوق المدنية والسياسية، ولجنة إزالة كافة أشكال التفرقة والتمييز العنصري جميعها دعت إسرائيل إلى "الوقف الفوري لسلوكها وممارساتها وقوانينها الاجتماعية العنصرية" فيما يتعلّق بالأراضي والإسكان، كما دعتها إلى "احترام حقوق الملكية بغض النظر عن الأصل العرقي والقومي" وكذلك "حق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم داخل إسرائيل".

وسيبقى الحل الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط مجرد سراب طالما لم يمارس اللاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم؛ وطالما لا تحسب إسرائيل أي حساب لالتزاماتها ومسؤولياتها طبقاً للقوانين الدولية؛ وطالما أن صناع القرار الدوليين يمارسون ازدواجية المعايير بخصوص القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة كأساس لأي حل لقضية الصراع الفلسطيني/العربي-الإسرائيلي التي تجاوز عمرها عن الخمسين عاماً.
تأتي ذكرى يوم الأرض (30 آذار) في هذا العام بينما يواصل الجيش الإسرائيلي إعادة احتلاله للأراضي وفرض حصاره على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، وبينما تنتهك الجيوش الأمريكية والبريطانية سيادة العراق وتحاول احتلاله في حربٍ يقولون أنها "حرب وقائية" من شأنها أن تعطينا مثالاً آخر على ازدواجية المعايير للسياسات الخارجية التي تمارسها الولايات المتحدة وبريطانيا في هذه المنطقة من العالم. كلا هاتين الدولتين أكدتا على أهمية الحفاظ على قرارات مجلس الأمن الدولي والقوانين والشرائع الدولية طوال ذلك الشهر بدءاً من تبني مجلس الأمن للقرار 1441 وحتى إقبالهم لخوض الحرب على العراق. وبقيت قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد جميعها على حق اللاجئين الفلسطينيين والمهجرين في الداخل في العودة واستعادة ممتلكاتهم التي حرموا منها في العام 1948، في جوارير المؤسسات الدولية دون أن يلتفت لها أحد. إن ازدواجية المعايير هذه تقدم لنا برهان آخر على السياسات الدولية الخاصة بحقوق الملكية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين مقابل تعاملها مع حالات أخرى للاجئين حول العالم. إن المسودة النهائية لما يسمى "خريطة الطريق" تدعو بشكل واضح وصريح إلى "حلٍ عادل ومنصف وواقعي ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين"، تدعو إلى حلٍ مبني على ميزان القوى الحالي وليس حلاً مبنياً على القوانين والشرائع الدولية. إن أي اتفاقية نهائية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل لا ترتكز على الشرائع والقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 194 الخاص بحق عودة اللاجئين والمهجرين واستعادتهم لممتلكاتهم وتعويضهم عن خسائرهم المادية والمعنوية سوف لن يكتب له النجاح وطول العمر.


تعود علينا ذكرى يوم الأرض هذا العام بعد حوالي ثلاثة عقود من الزمن، عندما قام الجيش الإسرائيلي بقتل ستة فلسطينيين أثناء مسيرة وإضراب دعت إليه القيادة الفلسطينية داخل الخط الأخضر احتجاجاً على مواصلة مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح بناء المزيد من المستعمرات وتوسيع المدن الإسرائيلية الموجودة. وتمثّل هذه الذكرى معناً رمزياً للمقاومة الفلسطينية ضد سياسات مصادرة الأراضي وتجاهل الدعاوى القانونية لاستعادة الفلسطينيين لأراضيهم وممتلكاتهم.

ومنذ الاحتفال بذكرى يوم الأرض في العام الماضي، يوال الاحتلال عمليات التهجير القسري وانتهاك الحقوق الفلسطينية الأساسية. وفي داخل الخط الأخضر، قامت إسرائيل بهدم 150 منزلاً في عدة قرى وبلدات فلسطينية (مثل منطقة العراقيب/النقب، المقيمان/النقب، بير هداج/النقب، الكارن/النقب، مجد الكروم، ساجور، يافا، اللد، الرملة كفر قاسم وغيرها). كما أن حملات مصادرة الأراضي لحقت أيضاً بالقرى الفلسطينية بسبب "الجدار العنصري" المفترض أن يفصل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 عن مناطق الداخل (مثل قرية جت، وباقا الغربية، وغيرها). خلال العام الماضي، واصلت "دائرة أراضي إسرائيل"، والتي تدير شؤون معظم الأراضي داخل الخط الأخضر بما فيها الأراضي التي صودرت من الفلسطينيين، تدمير المحاصيل الزراعية للفلسطينيين البدو متذرعةً بما يسمى (التعدّي على أراضي الدولة)، وهي أراضي اغتصبتها هذه الدولة من الفلسطينيين.

في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تواصلت عمليات مصادرة الأراضي، وهدم المنازل والممتلكات وبطرق لم يسبق لها مثيل. وبحسب تقديرات "الأنروا" فإن حوالي 5500 لاجئ فلسطيني أصبحوا دون مأوى منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" فمنذ أيلول من العام 2000 جراء هدم منازلهم، هذا بالإضافة إلى تدمير أكثر من 400 منزل للاجئين في مخيم جنين في نيسان من العام 2002. وبحسب نفس التقديرات، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدم ما معدله 38 منزلاً في الشهر للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال العام 2002. ولا نغفل سياسات هدم المنازل التي تنتهجها إسرائيل في المناطق العربية من القدس بحجة البناء غير المرخّص. وفي مناطق الضفة الغربية المصنفة "ج" بحسب اتفاقيات أوسلو، ولكن المنازل التي هدمت بهذه الطريقة يبقى عددها متواضعاً أمام عدد المنازل الفلسطينية التي هدمت أثناء عمليات إعادة الاحتلال الإسرائيلي للمخيمات والقرى والمدن والبلدات الفلسطينية. حتى آذار من هذا العام، صادرت إسرائيل ما يزيد عن 1500 دونم (15 كم2) من الأراضي الفلسطينية الزراعية الخصبة من أجل بناء "الجدار العنصري" الذي من المفترض أن يفصل السكان الفلسطينيين في الضفة عن إسرائيل.