تزداد حوادث العمل يومًا بعد يوم، دون أن تقوم السلطات المعنيّة بأي خطوات فعلية للحدّ من تلك الكوارث، فقد كشف انهيار مبنى بمدينة تل أبيب، الأسبوع الماضي، نقصًا في المراقبين وضعفًا في الرقابة على ورشات العمل... والنتيجة: عمّال يصابون، منهم من توفي، وهنا تبدأ معاناة أفراد أسرهم، ومنهم من بقي مصابًا يتجرّع مرارة الإصابة.

ففي حديث لموقع عرب 48، اليوم السبت، مع العامل عبد السلام رابي، من قرية جلجولية، الذي فقد بصره خلال حادث عمل قبل عدة سنين، قال: 'سقطت من الطابق السادس في ورشة عمل كنت أديرها، لم أتذكر ما جرى لي قبل السقوط، غير أنني كنت أتكلم بالهاتف'.

وتابع حديثه عن أسباب الحادث، قائلًا إن 'السبب واضح وهو عدم توفر شروط الأمان في الورشة حينها'، وعن ازدياد هذه الظاهرة، مع الوقت بدلًا من انخفاضها، قال 'إلى هذا اليوم تنعدم شروط الأمان في غالبية ورشات العمل، وكل ذلك يعود إلى إهمال الحكومة والمؤسسات التي لا تضع عددًا كافيًا من المراقبين، من أجل فحص شروط الأمان في الورشات ومعاقبة كل من يخل بهذه الشروط، وإذا ما استمرت هذه السياسة، سيزداد عدد الضحايا في السنة المقبلة أكثر'.

وجاء كلام رابي على هامش تظاهرة احتجاجيّة في مدينة الطيّبة، مساء اليوم، السبت، لإطلاق صرخة موحدة ضد استمرار حوادث العمل وإهمال أرواح العمال من قبل المؤسسات والمقاولين، وللفت انتباه الرأي العام المحلي والقطري في المجتمع العربي إزاء هذه الآفة، لأن غالبية العمال هم عرب، ومن أجل إيصال رسالة للمسؤولين للحد من هذا الإهمال، الذي أودى بحياة المئات من العمال في ورشات عمل مختلفة.

في حين قال النقابي جميل أبو راس، إن هذه التظاهرة جاءت من أجل توجيه رسالة واضحة للمسؤولين، مفادها أن حياة العمال ليست رخيصة، ومن أجل تحميل المسؤولية على جميع المؤسسات في الدولة الضالعة في هذا المجال، من وزارة الاقتصاد إلى وزارة العمال إلى الرفاه الاجتماعي وإلى المقاولين ورؤساء الأموال والشركات التي تتاجر بحياة العمال'.

وتابع حديثه، بالقول 'نطلب من الدولة والمؤسسات المسؤولة أن تضع حدًا لهذا الإهمال الصارخ ولعدم المراقبة الكافية لوقاية وسلامة العمال في ورشات العمل، ونُطالب بشكل فوري بإقامة لجنة تحقيق في جميع حوادث العمل التي راح ضحيتها عُمال، لأنه لا يمكن السكوت على هذه الأرقام المخيفة والتي تزداد فترة تلو الأخرى، سيما في هذا العام، إذ راح 35 عاملًا ضحية والسنة لم تنتهِ إلى الآن، ولو كان هؤلاء العمال يهودًا لقامت الدنيا ولم تقعد'.

وأشار في حديثه إلى أن حوادث العمل لها طابع ذو علاقة قومية،'نذكر في حادثة انهيار مبنى فرساي في القدس، وحادثة انهيار جسر 'همكابيا'، أقاموا لجنة تحقيق رسيمة على الفور، وتمت معاقبة جميع من كان ضالعًا في تلك الحوادث، ونحن نتساءل لماذا إلى الآن لم يقيموا أي لجنة تحقيق في الحوادث الأخيرة، ومنها حادثة الانهيار في تل أبيب، الأمر الذي يُثير الكثير من الشكوك حول نوايا الحكومة ومؤسساتها التي تتعامل مع الضحية بحسب جنسيته’.

وختم حديثه موجهًا نصيحة إلى العمال في ورشات العمل، 'على العمال، أيضًا، أن يحاولوا الابتعاد عن الخطر في الورشات بقدر الإمكان، وأن لا يطيعوا أي مقاول في العمل يُعرّض حياتهم للخطر، حتى وإن كان بنسبة قليلة، وأن يقفوا على حقهم في رفض أداء العمل، إذا لم تتوفر جميع وسائل الأمان، لأن حياتهم أغلى من مال العالم كله'.

اقرأ/ي أيضًا | المنسيون: مصرع 28 شخصا في حوادث العمل منذ مطلع العام

تجدر الإشارة إلى أنه قُتل خلال السنوات العشر الأخيرة 325 عامل بناء، و180 آخرين خلال السنوات الست الأخيرة. وتشير المعطيات إلى أن 51% من قتلى حوادث العمل في فرع البناء، خلال السنوات 2010 – 2015، هم فلسطينيون من الضفة الغربية. ونصف الـ49% الباقين هم عمال بناء عرب من داخل الخط الأخضر، وهناك عدد من القتلى من العمال الأجانب، بنسبة أقل بكثير من العرب.