عقدت لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب، نهار اليوم السبت، في المركز الجماهير في مدينة كفر قاسم، يومًا دراسيًا، حول تداعيات هبّة القدس والأقصى وسبل مواجهتها، بمشاركة ناشطين سياسيين واجتماعيين، وأكاديميين ومختصين من الذين عالجوا ملفات متعلقة بالهبّة والشهداء، كلجنة أور.

وشارك اليوم الدراسي، رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، ورئيس بلدية كفر قاسم، المحامي عادل بدير، والنائب السابق، إبراهيم صرصور، ورئيس قسم العلاقات بين الأديان في الجامعة المفتوحة، بروفيسور مصطفى كبها، ومدير عام مركز عدالة، المحامي حسن جبارين، د. منصور نصاصرة من جامعة بئر السبع، ود. قصي حاج يحيى، د. هنيدة غانم، ولفيف من الشخصيات الأخرى.

 ويأتي هذا اليوم الدراسي ضمن نشاطات أقرتها لجنة المتابعة لإحياء هبة القدس والأقصى على المستويين الأكاديمي التخصصي والجماهيري، في سعي لتقييم المرحلة من وجهات نظر متعددة، بهدف وضع آفاق جديدة لمواجهة التحديات.

 وأفتتح اليوم الدراسي بتحية من بدير الذي شيّد بمثل هذه الفعاليات 'التي تعصف الأذهان لتبرهن للعدو أن دماء شعبنا ليست رخيصة، وأننا لن نغفر حتى يُعاقب كل من يسفك دمًا'. وأشار إلى أهمية توقيت هذا اليوم عشية ذكرى مجزرة كفر قاسم الستين.

 ومن ثم أشار بركة إلى أهمية البحث في حيثيات الجريمة وقلب الأوراق، مؤكدًا أن هبة القدس والأقصى كانت مرحلة مفصلية بالنسبة للمجتمع العربي، إذ أن السلطة كثفت جهودها منذ سنة 2000 لتفتيت المجتمع العربي، من خلال نشر السلاح والفوضى وتضييق الخناق السكني على البلدان العربية، ومحاولات شتى لطمس الهوية العربية الفلسطينية، عن طريق وضع شروطٍ للمواطنة، كالخدمة المدنية وغيرها.

كما أشار  بركة إلى أن هذه الوضعية تُحتم علينا في القائمة المشتركة ولجنة المتابعة وكل القياديين في المجتمع العربي أن ننظر إلى الوضع بنظرة مستقبلية تستند إلى تشبث بالانتماء للوطن والإصرار على حقنا بالمواطنة، بعيدًا عن الشعارات.

 في حين أوضح نصاصرة أن 'هبة أكتوبر هي حلقة من حلقات الصراع للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، وتبين أن ما حدث في أوسلو هو فصل الفلسطينيين في الداخل عن القضية الفلسطينية بشكل تام'. وأشار إلى أن هبة الأقصى أتت لتؤكد أننا شعب واحد وجسد واحد.

 وتابع د. نصاصرة في حديثه، أن 'القدس هي أساس الصراع، ومنذ أكتوبر 2000 حتى اليوم، الهبة مستمرة والتهويد والتهجير والتطهير فيها مستمرون'.

بينما قال كبها إنه 'لا تخفى علينا الخلفية التي هبَّت الجماهير العربية لأجلها، ولا تخفى علينا سياسة الدولة وتعاملها مع المواطنين العرب وهي ليست بجديدة والتاريخ يدون ذلك'. وأوضح أن التصادم وإطلاق النار في سنة 2000، 'ليس بجديد على دولة الاحتلال حيث أنها قتلت الآلاف من المواطنين العُزل في سنوات النكبة الأولى وكل هذا باعترافهم، والإحصائيات تُشير إلى إسرائيل قتلت في كل شهر 36 فلسطينيًا داخل الخط الأخضر'.

 وتابع كبها أن 'الانتهاكات القمعية للمواطنين العرب في الداخل لم تنتهِ من قبل الاحتلال إلى هذا اليوم، والاحتلال بسياسته لم يعتبرنا ولو لبرهة مواطنين بهذه الدولة، إنما أعداء'.

 وفي الجانب القانوني، قال جبارين 'نحن كجماهير عربية لم نُطالب بإقامة لجنة تحقيق رسمية في الجرائم الأخرى التي ارتكبت في السابق، رغم أنها كانت أكثر بشاعة. وفي سنة 2000، كان المطلب الأساسي للجماهير العربية هو إقامة لجنة تحقيق رسمية'، موضحًا أن 'الخطاب القانوني في هذه المرحلة كان أقوى من أي مرحلة سابقة، الأمر الذي أحدث صدى كبيرًا في مطالبنا'.

 وأردف جبارين 'نحن كمحاميين لم تكن لدينا هذه الخبرة في كيفية التعامل مع مثل هذه الملفات. إضافة إلى أنه كان لدينا شك كبير بأن تخدم هذه اللجنة دولة إسرائيل وأفراد الشرطة، لذا وجبت علينا دراسة ملفات كثير مشابهة من دول أخرى لها خبرة في هذه الملفات والتحقيقات'.

 واستطرد 'في البداية، لم توافق إسرائيل على إقامة لجنة تحقيق. ورئيس الحكومة آنذاك، إيهود باراك، وافق على إقامة لجنة فحص فقط، لكن لجنة المتابعة في حينه لم توافق وأصرت أن تكون هنالك لجنة تحقيق وخضعت الدولة لهذا المطلب. وكان قرار إقامتها وتبنيها صعبًا جدا من قبل المتابعة لأنه كان يحتم عليها أن تتبنى النتائج في نهاية التحقيق إن كانت سلبية. وكان علينا كمحاميي دفاع أن نوجد المتهم ونبِّينه قبل البدء بالتحقيقات الرسمية، وهذا ما حصل وما وصلت إليه اللجنة في نهاية التحقيق في الملف، إلى أن الشرطة هي المسؤولة'.

 وأنهى حديثه 'رغم أن اللجنة توصلت إلى كل الأدلة الموثقة التي تنص على معاقبة الفاعلين، بين من أعطى أمرًا بالقتل أو من نفذ ذلك بيده، كأفراد الشرطة لا سيما القناص منهم، إلا أن مركز التحقيق مع أفراد الشرطة أغلق جميع الملفات ضد الشرطيين، ولم تعاقب الدولة أي شرطي أو مسؤول ولم تُقدم أي لائحة اتهام'.

 بينما قال حاج يحيى 'ما من شك أن الهبة كان لها تداعيات كبيرة، وذروتها كانت في إصدار الوثائق السياسية للدولة ونهجها، كذلك إنجاز توحيد القائمة المشتركة والنواب في الكنيست'.

 في حين تطرقت غانم إلى أسباب اندلاع الهبة، قائلة 'بداية، يجدر بنا أن نعرف أسباب اندلاع الهبة ومن ثم تعريفها بشكل دقيق. حيث أنها كانت عتبة للدخول في مرحلة جديدة لتشكيل قوانين سياسية أخرى، والتي تضع حدودًا بين الجماهير في الضفة والداخل'. ومن ثم تطرقت د. هنيدة إلى الفرق بين الهبات الأخرى وهذه الهبة وما يميزها'.

 وأشارت الدكتورة هنيدة إلى أن الكثير من المشاريع ساهمت في ضم إسرائيل إلى المستوطنات والضفة الغربية، من خلال اعتماد سياسة 'الأبرتهايد' وفرض واقع جغرافي مغاير، قد يؤدي إلى فصل تام بين الشعبين في طرفي الخط الأخضر، وبذلك حسمت إسرائيل مصير القضية الفلسطينية.

وتابعت غانم موضحةَ في حديثها أنها كانت لحظة إستراتيجية مهمة جدًا من الممكن قراءتها بعدة طرق، ففي لحظة الحدث ذاته، خرجت وانفجرت الهوية الوطنية القومية بلحظة قصيرة جدًا، واتضح من خلالها الجانب الذي اختاره عرب الداخل في أي جانب هم يتواجدون.

بينما تطرق د. أسعد غانم إلى دور الأحزاب السياسية والقياديين في المجتمع العربي والقضية الفلسطينية، لا سيما في داخل الخط الأخضر.

 وفي نهاية اليوم، تمت مداخلة من قبل جمهور الحضور والأعضاء المشاركين في المداخلة، وطرحت أسئلة عديدة في ما يتمحور بقضية هبة الأقصى.