معنوياتها عالية بالرغم من الحكم الذي أصدرته المحكمة المركزية في حيفا الأحد الماضي، بحقّ زوجها المدير السّابق "لاتّحاد الجمعيات الأهلية - اتجاه"، أمير مخول، بالسجن الفعلي مدة 9 سنوات؛ فجنان عبدو ترى أن كل الخيارات مفتوحة، وأن قضية أمير لم تنتهي بعد، خصوصا مع وجود حملة التضامن العالمية والعربية والمحلية مع مخول، كما ترى أن صدى الثورات في تونس ومصر يفتح أفقا جديدا في المنطقة، ويبعث الأمل، خصوصا لعائلات الأسرى التي أصبحت عبدو مؤخرا جزئا منها.

يضاف إليها سنة واحدة مع وقف التنفيذ؛ أصدرت المحكمة المركزية في حيفا صباح الأحد حكمها على أمير مخول بالسجن الفعلي مدة 9 سنوات، حيث يأتي هذا الحكم بناء على صفقة أبرمت بين النيابة والدفاع، وذلك بتهمة "الاتصال بعميل أجنبي والتجسس لصالح حزب الله". وجاء هذا الحكم بعد أن أدانت المحكمة الشهر الماضي مخول بالتهم المنسوبة له، حيث تم إبرام صفقة الادعاء بين طاقم الدفاع والنيابة العامة، والتي تم بموجبها إسقاط عدد من التهم والاعتراف ببعضها، والتي تصل عقوبتها من 7 إلى 10 سنوات من السجن بحق مخول.

مخّول أزعجهم فأرادوا الانتقامَ منه

وفي حديث مع زوجة أمير مخول، السيدة جنان عبدو حول الحكم قالت: "الحكم بكل المفاهيم والمقاييس قاسي جدا، فنحن نتعامل معه كنوع من الانتقام من أمير، وذلك بسبب نشاطه السياسي (لجنة الحريات مثلا)، وبسبب كون أمير يمثل حالة إجماع بين الأحزاب السياسية، وبسبب الدور الذي كان يقوم به إن كان محليا وإن كان عالميا، في فضح سياسات إسرائيل الكولونيالية وتعريتها.. فهذا الدور الذي قام به أمير أزعجهم، وأرادوا الانتقام منه بهدف ترويضنا أيضا."

وتعتبر عبدو أن الصفقة وظروفها، وسبب موافقة أمير عليها بعد التشاور مع طاقم المحامين، هو "بسبب الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، والمناخ العام في إسرائيل من ملاحقة لقيادة الأقلية العربية من مختلف الأحزاب، لكن يبدو أن حتى المحكمة لم تترفع عن هذه الأجواء، ولم تسمع ما قدمه أمير من أدلة تنفي التهم المنسوبة إليه، إذ أن القضاة تبنوا صوت النيابة العامة، وأصبحوا ناطقين باسمها، فهم حتى لم يقبلوا بإصدار حكم مدته 7 سنوات حسب الصفقة بل حكموه بـ 9 سنوات." 

وتعود عبدو إلى بداية القضية، من ظروف اعتقال أمير، إذ أن "اختطافه من البيت بهذه الصورة في الصباح وترويع البنات، وتفتيش البيت بصورة همجية، ومصادرة حواسيبنا وهواتفنا الشخصية، كان هدفه إرهابنا، فهم يستطيعون مثلا أن يحصلوا على المكالمات الصادرة من الهواتف دون مصادرتها"، وأضافت: "حتى التعتيم الاعلامي في البداية كان هدفه توجيه ضربة استباقية، حيث أن الحرب الاعلامية كانت جزءًا من معركتنا"، كما ذكّرت عبدو بأساليب التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له مخول، من حرمان للنوم، ومنع من دخول الحمامات لأيام، ومنع طبيب من جهة العائلة من معايتنه، وربطه بكرسي منخفض أثناء التحقيق، إذ قالت "مهما كان الإنسان صامدا في التحقيق، إلا أنه في النهاية هنالك جسد يتأثر من تراكم عدم النوم، وليس فقط الوعي والقناعة". 

حركة التّضامن مع أمير مستمرّة.. 

هذا وكان واضحا على جنان إصرارها أن "قضية أمير مخول لم تنتهي بعد، فنحن مستمرون وحركة التضامن مع أمير مستمرة".. وخلال لقائنا بها في منزلها، تلقت عبدو العديد من الاتصالات من محامين ومتضامنين من أوروبا من أجل التنسيق للمرحلة القادمة، إذ قالت: "المعركة لم تنتهي حتى بعد صدور القرار، فحركة التضامن القوية مع أمير ما زالت مستمرة محليا، بالرغم من كثرة القضايا التي تشغلنا كأحزاب ومؤسسات (العراقيب، واللد، والقدس، وغيرها)، وعلى المستوى العالمي، وحتى نشطاء يهود الذين وقفوا معنا منذ البداية."

حضورٌ رغم الغياب

"هنالك صعوبة في غياب أمير جسديا، فما زالت قضيته بالنسبة لي وللبنات صدمة كبيرة، فأمير كان له دور كبير في المنزل وفي مهام البيت، كما ستأتي فترات أصعب من دون أمير، خصوصا في مناسبات عائلية مهمة"، تقول عبدو عن المرحلة القادمة، بعد أن تمت عملية الحسم في المحكمة بتسعة سنوات، وتضيف: "لكن من جهة أخرى، نحن نلتقي به في السجن مرة في الأسبوعين، بالرغم من المحدودية.. نتواصل معه ونتراسل، وهو بدوره مطلع على كل الأمور، كما أنه يستطيع أن ينتج من داخل السجن.. فهو يكتب وينشر، وبالنسبة لنا ما زال مستمرا بنشاطه حتى من قلب الزنزانة."

وتشير عبدو إلى أنها دخلت "مرحلة جديدة"، وأصبحت جزءًا من عائلات الأسرى التي رفعت من معنوياتها كثيرا، "فعندما ترى عائلات الأسرى قابعين أكثر من 15 عاما في السجن، ويبتسمون، ومعنوياتهم عالية، يبعث ذلك فينا الأمل، ويساعد على الاستمرار والصمود."

وتعتبر عبدو أن أكثر ما سوف تفتقده هو الخصوصية، "فكل الرسائل مراقبة، وحتى حديثنا معه خلال الزيارات تكون مراقبة.. الخصوصية هي التي افتقدناها"، وفي الوقت نفسه تؤكد أن "الانكشاف على الاعلام طيلة الوقت أمر مرهق"، فهي تريد أن تعيش وبناتها كأي عائلة طبيعية، كما في السابق.

لكن بالرغم من ذلك، ترى عبدو أن كل الامكانيات ممكنة في الوضع السياسي في بلادنا، والأجواء السياسة لها تأثير، "ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما قد يحصل، وأكبر مثال على ذلك ثورتا تونس ومصر، اللتان نستبشر فيهما خيرا."

وتخلص جنان عبدو بالقول: "قضية أمير أثبتت وتثبت مرة أخرى مدى عنصرية هذا النظام، وأهمية التمسك بحقنا مهما حصل، الأمر الهام هو أنه ما زال هنالك أشخاص يؤمنون بالعدالة، فلا يوجد ظلم يستطيع أن يستمر، وصاحب الحق لا بد أن ينتصر".


اعتبرت جنان عبدو أن هنالك صدمة مؤسساتية بعد قضية مدير "اتحاد الجمعيات الأهلية - اتجاه"، أمير مخول، فسجن أمير مخول سوف يشكل نوعا من الفراغ بسبب الدور الريادي الذي كان يقوم فيه، حيث ستأخذ عملية إعادة بناء المشروع والاستمرار فيه وقتا طويلا على حد قولها.

واعتبرت أن عملية ملاحقة "اتجاه"، لن تؤثر على عملها بشكل كبير، فهنالك عملية إعادة بناء، معتبرة أن مجتمعنا لديه قيادات وقدرات وقوة للاستمرار.