لا بد لكل من تابع أحداث عام النكبة أنه سمع بحامية شعب،ولا يستطيع مؤرخ للقضية الفلسطينية تجاوز هذا الإسم،حامية شعب وقائدها المرحوم (أبو اسعاف)، فهي الحامية التي صمد فيها الرجال، وحققوا إنجازات عسكرية كبيرة لم تستطع مثلها مدن كبيرة، وصمدت لأشهر كثيرة حتى بعد سقوط كل ما حولها من مدن وقرى، كانت الحامية على درجة عالية من التنظيم، كما يشهد كل من درس الموضوع من وجهة نظر عسكرية ،وهناك من عاصر وما زال حيًا وعرف.

قرية شعب التي كانت عدد سكانها عام 1948 حوالي 1900 نسمة، من القرى القليلة التي قاومت الهجمة الصهيونية بشكل منظم، وكان رجالها على مستوى الحدث التاريخي الكبير، ولهذا عندما احتلت كان الإنتقام منها كبيرًا.

في هذه الأيام وتحديدًا يوم غد السبت 20-4-2013 سيجري احتفال بإذن الله في القاعة الرياضية في قرية شعب، بمناسبة صدور كتاب"شعب وحامتيها" وهو من من تأليف ابن شعب الذي يعيش مهجّرا في لبنان،الكاتب ياسر أحمد علي حسين مواليد 1969كاتب وشاعر فلسطيني يعيش قي لبنان، وقد تمّت طباعة الكتاب في طبعة ثانية بمبادرة من اللجنة المحلية في شعب والمؤلفة من الأساتذة،كامل عصام حسين، علي ظاهر خطيب، عاطف عزايزة، يوسف سعدة، نبيل خوالد، شعبان جمل، مأمون فاعور، باسم شحيبر، إبراهيم أبو الهيجا، صلاح هيبي، نهاد بقاعي، عماد خوالد. سوف يشترك في الأمسية الثقافية التي ستبدأ الساعة السادسة مساء عدد من الأساتذة ورجال الفكر والمجتمع منهم المؤرخ د.جوني منصور والأستاذ جميل عرفات وغيرهم.

يخصص الكتاب فصلا كاملا لحامية شعب إلى جانب الفصول الأخرى التي تحكي عن عائلات القرية واقتصادها وتاريخها وجغرافيتها والأحداث الهامة في تاريخها ورجالاتها.

"فصل المقال" التقت عددًا من أهالي قرية شعب ممن  عاشوا أحداث النكبة، كذلك ممن أشرفوا على إعادة طباعة هذا الكتاب الهام والإحتفاء به، وقد رافقنا في جولتنا هذه الأستاذان كامل عصام حسين، وعلي ظاهر خطيب من اللجنة المبادرة، عن هذه المبادرة يقول منسق هذا العمل وأحد المبادرين كامل عصام حسين"نقوم بهذا النشاط كي لا تنسى الأجيال الصاعدة ما حدث في قرية شعب وأهلها، علينا أن نوثق كل شيء وحتى التفاصيل الصغيرة، ولهذا بادرنا الى العمل احتفاء بالكتاب والمؤلف وبشخصيات شعب التي نسمع وسمعنا بها بها كثيرًا من أهلنا مثل أبو إسعاف والشاعر يوسف حسون القاروط، بدورنا نريد أن نعرف أكثر ونريد للجيل الصاعد أن يعرف مثلنا وأكثر، ويكفي أن تعرف بأن أهل شعب الذين يقطنون فيها عوملوا كلاجئين داخل قريتهم حيث صودرت أموالهم وبيوتهم وزيتونهم وأرزاقهم أمام عيونهم، أما حامية شعب التي حمل الكتاب اسمها فلها قصص كثيرة، نجدها في الكتاب، بعضها نعرفه وسمعناه وبعضها جديد بالنسبة لنا".

الحاج صالح أحمد عبد الحليم:شقيقي الرضيع مات جنب ترشيحا.. 
التقينا الحاج صالح أحمد عبد الحليم ،أبو أحمد الذي أذهلنا بذاكرته الحادة، فهو لا يهمل أي تفصيل، فيستهل حديثه عن أجواء القرية قبيل احتلالها"كان عمري 12 عاما في عام النكبة، أذكر الناطور أحمد أبو طيون عندما دار في القرية ينادي بأنه على النساء والأطفال الخروج من شعب،لأن اليهود احتلوا ميعار، فقد جاء  أهل ميعار إلى شعب من خلة أبو ذياب جنوبي غرب شعب، وهذا يعني أن اليهود باتوا قريبين من شعب". 

أذكر يومها رجلا جاء على صهوة حصان وهو من البروة اسمه يوسف الشيخ خليل، كان من رجال حامية شعب، لأن حامية شعب حوَت شبانا من مختلف القرى وليس فقط من شعب، هذا الرجل سأل عن أبو إسعاف-ابراهيم علي الشيخ خليل-، وقال إن اليهود يصعدون بالمجنزرات إلى قرية ميعار لاحتلالها، وفعلا بعدما غابت الشمس بقليل بدأ إطلاق النار مثل زخ المطر.

في الليل بدأنا بالخروج من شعب، كل الأطفال والنساء خرجوا وتركوا الرجال والشباب من ورائهم، خرجنا إلى خلة (أبرا) وهي منطقة بين شعب ومجد الكروم من الجهة الشرقية، وأذكر أن سيدة اسمها (أم فيصل ريا علي عبد العزيز)أنجبت ابنا في الليلة نفسها بين أشجار الزيتون، ابنها هذا عاش وتوفي في لبنان 2012 .كان هذا في شهر رمضان،بعدها انتقلنا إلى الدير والقاسية(هي ألكوش اليوم)، كنت أنا وأمي وأخوتي، (قاسم) عمره ثلاث سنوات، (عمر) خمس سنوات، (مصطفى) عشر سنوات،و(كامل) كان رضيعًا توفي  ليلة وصولنا الدير والقاسية، في تلك الليلة كان القصف عنيفًا على ترشيحا.

الحاج أحمد المطلق:النساء أوصلن الطعام للجبهة،الشباب باعوا الذهب ورهنوا الزيتون لشراء بارودة..
ألحاج أحمد المطلق الرجل الذي تجاوز الثالثة والتسعين عاما، ما زال يتمتع بروح خفيفة ويحب المداعبات ، كان في العشرينات من عمره، وكان متزوجًا له طفلتان، التقيناه في بيته، فاستقبلنا مرحبًا بحرارة، وعندما سألناه عن حامية شعب ابتسم وقال:  شبان شعب باعوا الفدان(بهائم العمل) والذهب ورهنوا زيتونهم لاقتناء السلاح، كانت هناك لجنة تدور على الناس أصحاب الإمكانيات المادية ويقولون لهم" أنت بفمك ريق" يعني حالتك مليحة هات ثمن بارودة".

بلغ ثمن البندقية  90 ليرة فلسطينية وما فوق، وقد وصل ثمنها إلى 110 ليرات فلسطينية، كان أبو أسعاف هو الملهم الأول في شراء السلاح، فقد سبق وباع ذهب زوجته واشترى قنبلة أثناء مقاومته الإنكليز في حيفا، ويقال أنه ألقى قنبلته الأولى على جنود إنكليز فهو من رجال ثورة الستة وثلاثين، ولكن القنبلة ذهبت هباء ولم تنفجر، كانوا يحكون عن أبو إسعاف الذي ولد في شعب ثم انتقل إلى عكا فحيفا، حيث تعرف على الشيخ القسّام وكان من رجال الثورة، يحكى أن شقيقته كانت تساعده، فكانت تحمل طنجرة اللبن على رأسها، وهو يطلق النار من مسدسه على الجندي الإنكليزي ثم يرمي المسدس في طنجرة اللبن. في عام 48 صار أبو إسعاف قائد حامية شعب، التي ضمت أكثر من 220 مقاتلا أكثريتهم من شعب ومن بقية قرى المنطقة.

ويضيف أبو محمد الحاج أحمد المطلق" كان النسوة يلحقن بالرجال إلى الجبهة-إلى البروة وميعار- بالطعام والماء والخضار واللبن وغيره، كن يجمعن الطعام من البيوت وينقلنه للجبهة، أذكر منهن  خضرة الشيخ خليل شقيقة أبو إسعاف، فاطمة يوسف القاسم أبو الهيجا، وزوجة علي القاروط -والدة الشاعر الفلسطيني يوسف حسون(القاروط) صاحب قصيدة مرسال فلسطين الشهيرة-.

الأستاذ علي ظاهر الخطيب أبو المعتصم عضو اللجنة المبادرة يتناول الحديث ويقول "أبو إسعاف مع وفد بقيادة صبحي الخضرا إلى ليبيا لشراء أسلحة لأبناء حيفا، ولكن عندما وصلت الأسلحة الى صور في لبنان كانت حيفا قد سقطت فتم توجيه الأسلحة الى حامية شعب. وفي الكتاب يوجد تفصيل لكل قطعة سلاح مع رقمها ونوعها والرصاص الذي يلائمها، وشملت الصفقة بنادق وذخيرة ومدفعًا مضادا للدبابات.

أبو إسعاف كان قائد حامية شعب، أما نائبه فهو مصطفى الطيار، وكان هناك ضباط آخرون مثل سعيد عبد الهادي الأسدي الذي صار أحد مؤسسي الجبهة الشعبية في لبنان فيما بعد، وقد اشتركت الحامية في معارك الدامون والبروة التي حُررت مرتين، وميعار التي قتل فيها ضابط كبير!
ولهذا قصة رواها الكثيرون فقد كان بعض الشبان من شعب يدبكون في بيت دار برق الليل، وفجأة خطر في بالهم أن يذهبوا الى ميعار القريبة، عندما اقتربوا بدأ اليهود يطلقون عليهم النار من المرتفع، الناس قالوا ولعت...وهجموا وقد قتل في هذه الموقعة أربعة من شعب، ولكن الشبان زحفوا حتى وصل أحدهم الى الضابط الذي شغل المدفع الرشاش، فقتله وغنم الرشاش، ثم أخذوا جثمان الضابط الى شعب، وقد تم اتفاق تبادل بجثته مع القوات الإسرائيلية مقابل انسحاب الإسرائيليين مساحة عشر كيلو مترات في منطقة راس الزيتون، كذلك اشترك رجال الحامية في معركة هوشة والكساير الشهيرة.

بعد سقوط شعب التحق من بقي من ابناء حامية شعب في قوات اليرموك في جيش الإنقاذ ومعهم أبو إسعاف، ثم انتقل الى سوريا وانضم إلى فوج أجنادين وعُيّن قائدا للسرية الأولى ومساعدا لآمر الفوج.وقد توفي أبو إسعاف في دمشق عام 2002.   

ضمت الحامية من 200 إلى 250 مقاتلا،وكانت منظمة بشكل هرمي، كل فرقة مكونة من ثمانية أفراد تسمى حظيرة، وكل خمس حظائر تسمى فصيلا، وكل ثلاثة فصائل شكلت سرية من 120 مقاتلا، وقد ضمت مقاتلين من قرى عديدة منها مجد الكروم ومنهم سميح كريم ابن أبو معيوف الذي استشهد في البروة، وبيت أبو معيوف كريم في مجد الكروم كان مركز التموين، ولهذا السبب عندما احتلت مجد الكروم قام الجيش الإسرائيلي بهدم بيت أبو معيوف، كذلك ضمت الحامية مقاتلين من  ميعار والبروة وسخنين والبعنة وغيرها.

يقول أبو محمد الذي ما زال يتمتع بذاكرة ممتازة، وهو صاحب مغامرات أثناء تنقله بين فلسطين ولبنان حتى العام 1959 حيث تم تأمينه ضمن لم الشمل ."بلغنا أن البروة سقطت بيد اليهود فهاجمناهم وأخرجناهم منها، ثم جاء جيش الإنقاذ فشكر الشباب على بسالتهم واستلم القرية، ولكننا فوجئنا باليوم التالي أنه سلمها لليهود وانسحب".

صلاح الحسين أبو نهاد..كان والدي وشقيقاي في الحامية...
لأبي نهاد صلاح أحمد الحسين،قصة تختصر النكبة وتجسدها في أسرته، وبأرض والده، وهو يقطن في شعب مسقط رأسه، ولكنه لا يملك فيها سوى بيته الذي بناه على أرض اقتناها بعدما كان يملك عشرات الدونمات ما زال محتفظا بكواشينها!

كان عمري إحدى عشرة سنة في عام النكبة، وقد كان والدي أحمد الحسين في حامية شعب، كذلك شقيقاي كمال ومحمد الحسين، وثلاثتهم كانوا في الشرطة الإنكليزية، ويعرفون استخدام السلاح. كمال كان شاويشًا يدرب الشبان، ولهذا كان مغضوبًا عليه، كان والدي يقاتل في الدامون،إذ أن رجال الحامية حرّروا الدامون بعد سقوطها، أما كمال ومحمد فكانا في البروة مع الحامية.

العائلة أرسلت إلى والدي كي يأتي إلى البيت لزيارتهم بعدما مكث مدة طويلة خارج البيت هو وشقيقاي في الجبهة، وكي يرغموه على العودة لزيارة البيت أرسلوا له من قال له إن ابنه صلاح- يعني أنا- أصيب بجروح وكسور..فعاد والدي إلى البيت، وعندما رآني ألعب في الحارة قال لي...تعال تعال شو صار معك..ولم يكن بي سوء، ففهم أنها حيلة من الأقارب كي يرغموه على زيارة البيت.

بعد سقوط شعب خرجت كل العائلة إلى لبنان باستثناء والدي الذي بقي في شعب، ولكن بعضنا عاد عام 1951 في إطار لم الشمل، والبعض بقي هناك منهم شقيقاي محمد الذي فقد ذراعه في البروة وكمال.

وللمّ الشمل قصة طريفة، فقد كنا خمسة في لبنان، اثنان بالغان وثلاثة صغار، الحاكم العسكري وافق لوالدي على عودة الصغار، وإبقاء  الكبار في لبنان، فذهب والدي إليه مرة أخرى وقال له" وافقت لي على عودة الصغار فمن سيعيلهم هنا بينما الكبار بقوا هناك"! بعد وقت طويل جاءت الموافقة عكسية على إحضار الكبار ولم شملهم وإبقاء الصغار هناك، فذهب والدي مرة أخرى وقال للحاكم " ولكن إذا بقي الصغار هناك فمن سيعليهم"!وحينئذ قال له الحاكم العسكري أحضر الصغار ودع الكبار يدخلون تهريبًا أي بصورة غير مشروعة وأنا أعطيهم الهويات، وفعلا هذا ما حصل ،ولهذا السبب فإن إحدى شقيقاتي بقيت بدون جنسية حتى الآن.

عند عودتنا إلى القرية كانت البيوت مهدّمة، كان المشهد كارثيا محزنا، سكنا في بيت عمي أبو صالح، كانت كل بيوت شعب وأراضها قد صودرت، وفي موسم الزيتون الأول بعد العودة ذهبت إلى الزيتون-زيتوننا- فلحق بنا شرطي وقال ماذا تفعلون هنا؟ قلنا هذا زيتوننا فرد علينا:"هذا كان زيتونكم وانتهى لم يعد لكم".قبل وفاة والدي عرض عليه رجل يعمل في دائرة أراضي إسرائيل تبديل أرضه، ولكن والدي رحمه الله رفض التبديل رغم أن الصفقة كانت مغرية، فقال له رجل الدائرة وكان يُعرف باسم غزال" أنت تنتظر جمال عبد الناصر ليحرر الأرض..يا سيدي إذا جاء ناصر خذ أرضك وأرض اليهود كمان". 

شهداء شعب..
سقط من أهالي شعب حوالي 40 شهيدا خلال النكبة. منهم من قتل قنصًا، ومنهم من قتل في المعارك، ومنهم من أعدم بعد احتلال مجد الكروم في ساحتها مع آخرين، ومنهم من استشهد في وحول مرج ابن عامر.  وهم: 1-زهرة الموسى-الشيخ محمد- 2-أبو الوحش حسين العلي-الخوالد- 3-الحاجة آمنة الخالد 4-فاطمة صالح الموسى –الحاج علي- 5-فاطمة سعيد حميد 6-حسين حميد 7-كايد محمد سليم أبو الهيجا 8-مصطفى الحاج عبد حمزة 9-محمد أحمد عبد الله دلة  10-أحمد سعيد طافش 11-مصطفى الصفي 12-لطفية  علي العايشة 13-محمد العرابي(رضيع) 14-محمود محمد خطيب طه 15-علي اسعد عبد الشيخ محمد 16-أمين حميد17-محمد عبد الرازق الخوالد 18-محمد عبد عباس19-يحيى محمد الحاج اسعد فاعور  20-عطا محمد الأسدي 21-سعيد رشيد الشيخ (رعيد) 22-محمد احمد خزنة الخوالد 23-محمود خوالد(أبو فخري)

مذبحة الوحل في مرج ابن عامر..
بالإضافة لشهداء الرصاص والمعارك فقد قام ضابط إسرائيلي يدعى (ابراهام) بعد احتلال القرية بجمع الناس على البيادر ثم أمر بتحميل عشرات العجزة على شاحنة نقلتهم إلى قرب جنين،وعند الحدود الأردنية أمرهم الجنود بالانتقال إلى الجانب العربي عبر المرج الموحل، كان المطر فيضانًا، الوحول تحتهم والمطر مزاريب، والرصاص من ورائهم وذلك كي لا يعودوا، ولم ينج منهم إلا أفراد، إذ غرق حوالي العشرين منهم في الوحول وافترستهم الوحوش.

وقد شوهدت العظام والجماجم فيما بعد.وقد عُرف منهم:  1-حسن فاعور 2-مصطفى فاعور 3-عبد الله اسماعيل الخطيب 4-حلوة الناصر(فاعور) 5-خزنة عبد الحليم(حسين) 6-عائشة المنصورة(الأسعد) 7-8الشقيقتان آمنة وخزنة الحسنا(شحيبر) 9-فاطمة المسلمانية 10-محمد الخليل( كان حادي القرية) 11-عبد محمد الخطيب 12-محمود ياسين الفاعور(مات قرب جنين وربما دفن في زبوبة) 13-حشيش(أم علي عبد الجليل) 14-محمود أيوب 15-نفيسة أيوب 16-أمينة الخطيب 17-زهرة الشاهينة(الأسعد)

الشاعر يوسف حسون(أبو العلاء-القاروط)
من شخصيات شعب الشهيرة هو الشاعر يوسف حسون أبو العلاء(القاروط)،والذي اشتهرت قصيدته مرسال فلسطين، وهو من مواليد شعب عام 1928 تعلم في مدرسة شعب الابتدائية ولكنه لم يواصل تعليمه، ثقف نفسه ذاتيا، يحكى عنه أنه أخذ بقرة لوالده إلى عكا وباعها ليشتري بثمنها كتبًا للمطالعة، وقد كان عازفا على آلة العود، إضافة لموهبته الشعرية.وقد رعا موهبته الشعرية الشاعر أبو سعيد الحطيني، الذي سمعه وهو في الثالثة عشرة في فرح في شعب فأعجب به، وصار يرافقه في المناسبات.وقد كان الشاعر مقاتلا في حامية شعب.بعد سقوط قريته نظم قصيدته الشهيرة(مرسال).واصل دراسته في لبنان في الفن، وصار مذيعا في إذاعة فلسطين من القاهرة.وعمل مدرسًا في الأونروا في لبنان.  

____________________________________________________________________________

 

مقاطع من قصيدة مرسال فلسطين ليوسف حسون( القاروط)

مرسال يا ممتطي شملال كالســــــــــــــــــــــــــــرحــــــــــــــــــــــــان تسبق نسيم الشمالي حين ترخيها
حثّ المطية وسير برفــــقة الرحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمان             وفي أقرب السبل يا مرسال مشّيها
وخذ هالرسالة وفيها من الدما عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنوان     ودمع الحزانى مطرّز عا حواشيها
ومضمونها منتهى النكبات والأحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزان        أسرع بها ولملوك العرب ودّيها
الأردن
اقصدْ سليل النبي (الهاشمي) بعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمان           وقللو على لسان قاصيها ودانيها
يا صاحب التاج هيك الأمل ما كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان        تفنى فلسطين وعيونك تراعيها
يِخْوي عليها الدويري وحولها عقبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان        وينوشها الذيب والآساد حدّيها
فلسطين مهد المسيح ومعرج العـــــــــــــــــــدنـــــــــــــــــــــــــــــــــــان                عَمّال تبكي على حالة أهاليها
الجوع والبرد والتشـــــــــــــــــــريد والحرمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان           وأمراض عميعجز الدكتور يشفيها
حيفا ويافا وصفد والناصـــــــــــــــــــرة وبيســــــــــــــــــــــــــــــــــــــان         وعكا وبلدان لا أحصي أساميها
صارت أسيرة وفيها تحكموا العــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدوان       ورايات صهيون رفّت في أعاليها
يا حيف يا حيف يا حسرة ويا خـــــــــــــــــــســــــــــــــــــــــــــــران             يا للأسافة ويا خيبة أمانيها
مصر
مرسال من بعد هذا الجهر والإعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلان        عرّج على مصر أم الخير وافيها
إذهب (لفاروق) راعي مصـــــــــــــــــــر والســـــــــــــــــــودان     وانعي فلسطين للفاروق وابكيها
وقلوا أيا من بذكرك سارت الركـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبان        وأزهر بلادك علوم الدين حاويها
أطفالنا تْذبّحت بالـــــــســـــــــــــــــــيخ كالخرفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان           وسالت دماهم على البيداء ترويها
كم مرضعة طفلها قدّام منها عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيان           أردوه للموت لم يرعوا ترجّيها
وكم من حبالى عليها حوّمت غربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان        لا خبر لا ستر؛ بل لا ما يُواريها
وشيوخ تقتّلت عا مذبـــــــــــــــــــح الطغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيان           أما الفضايح فإن الله يدريها
يا حامي النيل عنا ما الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــبب غـــــــــــــــــــفلان         معهود منك مواعيد توفيها
جدّك (محمد علي) بيصيـــــــــــــــــــح بالأكـــــــــــــــــــــــــــــــــفان         فلسطين حدّك وكيف الخصم يؤذيها
العراق
مرســـــــــــــــــــالنا لا حمى بغـــــــــــــــــــداد ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير الآن     نادي على ملكها وراعي نواصيها
وخبّر ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــمو الوصي وعـــــــــــــــــــــــــــرّفو ما كــــــــــــــــــان           لا بدّ هامو لِهول الخطب يحنيها
إشكي الذي صــــــــــــــــــار بالرملة من النكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــران      واللد يا حسرتي واللي محاذيها
و(طيره) الشهيرة (وترشيحا) غدوا قيعــــــــان       و(لوبِه) الشهيدة رياح الظلم تذريها
واشكي انســـــــــــحاب (الجليل) وتلكم البلـــــــــــــــــــدان       وحالة بلدنا (شعب) واللي جرى فيها
مرســـــــــــــــــــال قـــــــــــــــــــل للوصـــــــــــــــــــي ولا تكن خجـــــــــــــــــــلان       أجدادك الصيد فعلك ما بيرضيها
ما كان شعب العــــــــــــراق فيما مضـــــــــــــــــــى كســـــــــــــــــلان           مالو عيونو عن فلسطين مغضيها
بغداد بغـــــــــــــــــــداد وين رجــــــــــــــــــــــــــالك الشــــــــــــــــــــــــــــــــــــجعان          من غفلة القلب يا مرسال وعّيها
واشكي لفيصل وغازي في حمى رضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان      واشكي لهارون والمأمون ثانيها
الحجاز
مرســـــــــــــــــــال زور الحجـــــــــــــــــــاز وحـــــــــــــــــــرّض الفتــــــــــــــــيان         وجوز (المدينة) وتجوّل في ضواحيها
ونـــــــــــــــــــادي الســـــــــــــــــــعودي وقـــــــــــــــــــللو يا رفيع الشــــــــــــــان       صارت فلسطين شعلة نار طفّيها
ولّعتها ونمـــــــــــــــــــت عنها ليـــــــــــــــــــش يا ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلطان           وخليت صهيون بالويلات ترميها
و(صخرة) نبيك تهددهـــــــــــــــــــا بنو الشــــــــــــــــــــــــــــــــــــيطان        بْزَتّ القنابل تهدّم من مبانيها
البتـــــــــــــــــــرول حـــــــــــــــــــق امتياز  و ســـــــــــــــــــيفك الرنـــــــــــــــــان           سِلّوا بوجه الأعادي ولا تداريها
ويغـــــــــــــــــــنيك مـــــــــــــــــــولاك من أمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوال لمريكــــــــــــــان         واللي نَشَا الناس، يطعمها ويسقيها
وأنجـــــــــــــــــالك الغرّ حــــــــــــــــــــــــــــولك كلـــــــــــــــــــهم فرســــــــــــــــان          ابعث بهم والعدى نيران تصليها
وانكان ما جـــــــــــــــــــيتنا في الحـــــــــــــــــــال بالأعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان          ما عاد نرضى الكعبة تكون حاميها
اليمن
مرســـــــــــــــــــال خوذ الرســـــــــــــــــــالة لليـــــــــــــــــــمن تبــــــــــــــــــــــــيان            للشيخ أحمد أبو الإيمان إعطيها
وقللو فلســـــــــــــــــــطين صـــــــــــــــــــفى شـــــــــــــــــــعبها تلفـــــــــــــــــــــــــان           جيعان عريان آلامو يقاسيها
كم مـــــــــــــــــــن يتامـــــــــــــــــــى أصـــــــــــــــــــابتها يد الحدثـــــــــــــــــــان           آباءها بالموت والإمّات طاويها
لا لبس لا أكل مـــــــــــــــــــثل النـــــــــــــــــــاس والنعـــــــــــــــســـــــــــــــــــان         ما عاد يأمن عويناتو يغفيها
واللي بْعـــــــــــــــــــيونو  رمد بيصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيح والعـــــــــــــــــــــــــــيان            بشكي وْجاعو وهات اللي يداويها
يا ملك أحمد ســـــــــــــــــــكوتك حـــــــــــــــــــيّر الأذهــــــــــــــــــــــــــــــــان                 هيا أغثنا وخفف من بلاويها
ستـــــــــــــــــــين مليون عـــــــــــــــــــندك ذهـــــــــــــــــــب بالخــــــــــــــــــــــــــزان            مالك ورثتو عن المرحوم محييها
في جزء منها علـــــــــــــــــــينا لا تكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن بخـــــــــــــــــــلان            المال يفنى وأما الحمد باقيها
الشام
مرســـــــــــــــــــال للشـــــــــــــــــــام عود وفـــــــــــــــــــوت عالديــــــــــــــــــوان         نادي الرئاسة شكري الكان واليها
وقللـــــــــــــــــــو أيا ذا الفخـــــــــــــــــــامـــــــــــــــــــة فِعْلكـــــــــــــــــــم ما بـــــــان          وين الخطابات هللي كنت تلقيها
في الجو طـــــــــــــــــــارت هـــــــــــــــــــباء ومـــــــــــــــــــالها حــــــــــــــسبان      يا ريت ما كنت يا (شكري) بتحكيها
ويا زعيم بدنا جيـــــــــــــــــــوش منظـــــــــــــــــــمة من شـــــــــــــــــــان               تنقذ فلسطين وتحرر بواديها
فلســـــــــــــــــــطين من ســـــــــــــــــــوريا قطعة وإذا بتنهـــــــــــــــــــان                معنى الإهانة لسوريا وأهاليها
لبنان
مرسالنا نادي (بشارة) في حمى لبنان                قللو فلسطين خلّصها ونجّيها
يا شيخ جيشك تركها وزاد بالنسيان             وحدودها ظل محجم عن تخطيها
وانكان عندك عذر بيّن لنا برهان          يقنع إلى الناس ويبرّر مساعيها
لبنان لبنان نحنا كلنا إخوان                 لا فرق ما بين مسلمها ومسيحيها
نحنا منأسف على رياض الصلح من كان         يلقي بيانات تحيي نفس قاريها
وبعدين ظهر النشيط وبيّن العجزان        وعرفت فلسطين مبغضها وهاويها
فلسطين أبناءها يا أمة العربان              لاقوا إهانات شتى ما منخفيها
ما بيسمعوا غير كلمة ((هيه يا خوّان      يا بايعين الأراضي للْ يشتريها))
يا قوم معروف من باع البلاد وخان       لا تاخذوا اللي مطيع بذنب عاصيها
سرسق يبيع الأراضي ويقبض الأثمان              وكتير مثلو ونحنا ننتهم فيها
القادة العرب
يا قادة العرب يا سادات يا أعيان          هذي فلسطين بدها جيوش تحميها
أما السياسة تياسة وضحك عالأذقان         لا تتبعوها وخافوا من دواهيها
ودولة بريطانيا أمكر من الثعبان         والموت في نابها ساعة تِلَوّيها
اللوم كلّو عليكم يا ذوي التيجان          هذا اعتقادي ونفسي لا أبريها
نحنا طلبنا وصيحنا بفرد لسان              حتى نسلح فلسطين ونقويها
قلتم لنا اطمئنوا أيها السكان               نحنا فلسطين عنا جيوش تكفيها
عدنا انتظرنا وبقينا نرقب الميزان             ونفوسنا في معونتكم نمنيها
وف بالنا ملوك سبعة عندنا يا فلانانكان ثارت بني صهيون تفنيها
ما جال باْفكارنا (شرتوك) أو (ويزمان)       يربح على ملوكنا السبعة ويرديها
وانكان ضغط السياسة حجة الغلبان       ظلي دموعك أيا فلسطين صبيها
لما بيرضى المستر (بيفن) و(ترومان)             في إم عينِك فعايلنا تشوفيها
من بعد ما تهدمت عاروسنا الحيطان       ومن بعدما رواحنا وصلت تراقيها
ومن بعدما يسيل دم ولادنا طوفان         واكبادنا الجوع يقتلها ويهريها
ومن بعدما يصير ثلاث رباعنا بليانبدها ملوك العرب تنقذ بواقيها
نشكي ملوك العرب لله والقرآن           وللهاشمي وصاحب الإنجيل نشكيها
نشكي حياة الهوان وفرقة الأوطان         شكوى أليمة ومين اللي يراعيها
واللي بياكل على جسمو عصي وقضبان           ما هو شبيه الذي بالعد يحصيها
عودة المرسال
راح الرسول ورجع قللي إنِتْ غلطان        أرسلتني للملوك وقلت انخيها
لاقيتهم كل منهم بالذهب طمعان          ونكبة فلسطين في صهيوني ناسيها
وحب الزعامة مرضهم ضيّع الإيمان        فيهم وضاعت عروبتنا ومباديها
تخمين ضاع الضمير الحي والوجدان       وتبعوا الزعامة وما فهموا معانيها
جار الزمان وعلينا سادت العبدان          سودا ليالي الشقا الله يجازيها
يا ريت عشنا بأمة عمر أو عثمان          أو كان حيدر أو الصدّيق بانيها
رهان على الشعوب
مرسال نادي الشعوب تْجُول بالميدان      بلكي بقية نخا للحرب تدعيها
هذي ملوك العرب ما في عليها ركان        والأجنبي مسيطر عليها وطاغيها
وختام قولي تحية خالصة وشكران        لا كل مخلص بلاد العرب يفديها