العنف فاجعة مجتمعية تستصرخ
*في يافا: اكثر من 100 ضحية للعنف منذ عام 1978، والقاتل مجهول..؟!
تحولت مدينة يافا، إحدى أهم المدن الفلسطينية التاريخية، إلى مسرح للعنف والجريمة يتواصل حتى يومنا هذا دون توقف، علمًا أن غالبية البلدات والمدن العربية بالداخل الفلسطيني تشهد هذه الأيام مسلسلا غير مسبوق من تفشي العنف والجريمة دون توقف .
فضيلة الشيخ سليمان سطل إمام مسجد النزهة في مدينة يافا أعدّ قائمة بأسماء ضحايا حوادث العنف والإجرام التي وقعت في مدينة يافا منذ عام 1978 ولغاية يومنا هذا، حيث سقط في الفترة المذكورة أكثر من 100 ضحية من أبناء المدينة.وبحسب ما جاء في القائمة فإن عام 2002 شهد 9 عمليات قتل، كما أن العام 2005 شهد 9 حالات قتل هو الآخر،فيما شهد العام 2012 مقتل 7 شبان في حوادث قتل وإجرام. وتؤكد المعلومات أنه لم يتم اعتقال أي من الجناة في مجمل هذه الجرائم سوى قاتل مواطن يهودي؟ وآخر كان مكشوفًا ومعروفًا؟
جمال شقرا والد الضحية تامر شقرا 19عاما: أيها الشباب لاتتصارعوا..ارحموا أنفسكم وأهاليكم
رغم أنه مؤمن بقضاء الله وقدره، إلا أنه تحدّث بحسرة على فقدان فلذة كبده تامر 19عامًا الذي كان قد بدأ يتعلم فني أسنان في إحدى الكليات في مدينة يافا ليلتحق بشقيقه الذي يعمل في عيادته الخاصة، إلا أن أحدًا لم يكن يتوقع أن حلم تامر وعالمه الجميل سيتوقف عند حدود طعنات غادرة اخترقت جسده الغض وأودت بروحه وأحلامه الجميلة تاركا وراءه أسرة تندب فقدانها وحسرة ووجعًا ربما لن يندمل،تحدث جمال شقرا والد المرحوم تامر بصوت يختنق ويغمره الأسى: نحن والدان سهرنا ليل نهار على تربية أبنائنا وتعليمهم وصونهم برموش العيون، إبنان أحدهما مدرس للغة الانجليزية والثاني طبيب أسنان، كان طموحنا أن يتخرج المرحوم تامر ليلتحق بعيادة شقيقه، إلا أن الله هو من أعطى وهو من أخذ،وأضاف"لكن الألم الأكبر هو أن تعرف بأن المجرم حر طليق وأنت تعلم أنه هو الذي من قام بالجريمة..أما حول إطلاق سراح المشتبه له قال"الجواب لدى الشرطة..؟!
الشيخ سليمان سطل: غياب القانون وتراجع القيم الحقيقية وصفة لإنتاج العنف والجريمة
بروفيسور حاج يحيى: التهميش والإقصاء وغياب البنى التحتية أرضية خصبة لإنتاج العنف
البروفيسور محمد حاج يحيى، محاضر في الجامعة العبرية بالقدس، تحدث لـ"فصل المقال" حول أسباب ومخاطر الظاهرة مشيرًا إلى جملة من العوامل الموضوعية والذاتية لنشوء وتفاقم ظاهرة العنف والجريمة المتفشية في أوساط عرب الداخل وقال:إن يافا مثلها مثل الكثير من البلدات والمدن العربية ومجمل المجتمع الفلسطيني حيث مر ويمر منذ 65عامًا في حالة من القهر والإضطهاد المنهجي ويتم إقصاؤه عن مركز القوى في البلاد وإمكانية التأثير في القرارات وفي واقعه، من حيث التخطيط لاحتياجاته،والإجحاف بالميزانيات والبنى التحتية وفي السكن والصناعة والزراعة والخدمات الإجتماعية والنفسية والتربوية، وأضاف هناك ظروف قاسية ناتجة عن هذا الإقصاء بحيث أن 50% من العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر و70% من الأطفال العرب هم كذلك،بحيث أن مجمل هذه العوامل تنتج حالة من الإحباط والإجهاد النفسي ليس على المستوى الفردي فحسب بل المجتمعي الأمر الذي من شأنه أن يفرز الكثير من الآثار النفسية الفردية والجمعية مثل الإحباط والغليان الإجتماعي والشعور بالوهن والضعف وانعدام الجدوى والأمل والتوتر والعنف والجنوح واللجوء للعنف لحل النزاعات والصراعات حتى البسيطة منها، والقهر الذي يمر به المواطن العربي يلامس الكثير من المجالات فهي دولة لاتعترف بوجودك العرقي والقومي والوطني وكيانك وتقصيك عن مواقع التأثير والقوة وهذا يسبب وهنًا وإحباطات مجتمعية لا تقتصر على الفرد.
نحاول النضال ولسنا ناجحين
التصدي "لبرافر" يجب أن يستفاد منه وتطويره
يعتبر بروفسور حاج يحيى أن للنضال الميداني السلمي دورًا هامًا للمضي في بلورة إرادة شعبية موحدة وإعادة الثقة للشباب وقال:إن حالة التكافل والتضامن الجماهيرية التي تجلت بالكثير من النشاطات ومنها في يوم الغضب لنصرة النقب وغيرها من النشاطات ربما تشكل عينة ايجابية بهذا الصدد وقال:علينا ألا نجعلها طفرة عابرة والمطلوب مأسسة وتهذيب هذا التوجه وتطويره من أجل انتزاع حقوقنا،إذ علينا أن نتجاوز ردود الفعل إلى الفعل المبادر والمنظم لمواجهة السياسات التي تكرس التمييز والإقصاء والإحباط والشعور بالوهن لدى الشاب العربي والتي تشكل أرضية ومناخًا مثاليا لإنتاج الفراغ و كل ظواهر اليأس والعنف والانحرافات ،وبالتالي علينا ان نحافظ على استمرارية نضالنا بشكل منظم وواع.
على القوى السياسية والمجتمعية تهذيب خطابها
برفسور حاج يحيى لايستثني الخطاب السياسي والإجتماعي في تكريس ثقافة التنافر والضغينة وقال:أعتقد أن الخطاب السائد لدى القوى السياسية والعربية وبتفاوت هو خطاب تنافري ويغذي ثقافة التنافر والضغينة بدلا من ثقافة التضامن الإجتماعي حيث في كثير من الأحيان نجد الخطاب السياسي في الانتخابات المحلية والقطرية للكنيست أبعد من أن يكون توافقيًا وبعيدا كل البعد عن مفهوم التعددية والتربية الديمقراطية الحقة على مستوى قواعد الحزب وعلى المستوى الجماهيري عامة، وبالتالي فإن القوى السياسية مطالبة بأن تقوم بعملية مراجعة نقدية وجذرية لخطابها وسلوكها الذي يكرس النتائج النفسية كما ذكرنا سالفًا.