يمرّ التعليم في المجتمع العربيّ، بالعديد من العوائق التي تحول دون تحقيق ذاتهِ وأهدافهِ، خاصّةً تلك التي تتعلق بآمال الطلاب العرب في الحصول على علامات عالية، مع عدد وحدات تعليميّة أكبر، وتخصص ناجع.

ونشرت وزارة التعليم قبل أيام معطيات حول نتائج امتحانات البجروت في مدارس البلاد والمجتمع العربي للعام 2014، ويستدل من المعطيات أن  نسبة الحاصلين على البجروت من مجموعة الذين يدرسون %65.5، فيما بلغت نسبة الحاصلين على البجروت من مجموعة الجيل %52.7، ما يعني، بحسب تقييم الوزارة أنه خلال الخمس سنوات الأخيرة طرأ ارتفاع في البجروت حسب مجموعة المتعلّمين % 7.7 وحسب مجموعة الجيل %6.6.

ووفق المعطيات فأنّه طرأ ارتفاع بنسبة %1.3 مقارنة مع العام 2013، 'ففي 2013 كانت النتيجة %64.2 أمّا العام 2014 النتيجة هي %65.5 '، ووفق نظرة شموليّة وعامّة فأنّه خلال الخمس سنوات الأخيرة طرأ ارتفاع بنسبة %7.7 ، العام 1999 كانت النتيجة%57.8 أمّا العام 2014 فالنتيجة %65.5.

وأتت نتائج مدارس المجتمع العربي- لا تشمل المدارس الفلسطينية بالقدس الشرقية المحتلة-على النحو التالي: ارتفاع بنسبة %4.8 'عام 2013: النتيجة كانت %54.7 وفي العام 2014  وصلت النتائج إلى %59.5 هذا وفق مجموعة المتعلّمين، ولكن حسب مجموعة الجيل فكان الارتفاع بنسبة %0.9 فقط.

أما بخصوص المدارس التي تعرفها الوزارة على أنها تابعة لما تسميه 'الوسط الدرزي'، سجل ارتفاع بنسبة %4.5 وفق مجموعة المتعلّمين 'العام 2013 : %68.6 وفي العام 2014 النتيجة : %73.1 '، وحسب مجموعة الجيل  طرأ ارتفاع بنسبة %0.3 فقط.

بالمقابل في المدارس العربية بالنقب، طرأ انخفاض بنسبة %2.8 على نسبة الحاصلين على البجروت وفق مجموعة المتعلّمين 'العام 2013: %50.3 وأمّا في العام 2014 : %47.5 '، وأمّا حسب مجموعة الجيل  فقد طرأ انخفاض بنسبة %2.

'مشكلة في عدم وضوح خط الوزارة'

ويقول مؤلف كتب دراسيّة وأستاذ في موضوع الرياضيّات، عيد جبيلي، من الناصرة لـ'عرب 48' إنّ 'المشكلة العامّة في البلاد، تكمن في أنّ 60% من طلاب صف 12 يقدمون البجروت، أمّا 40% فلا، أي أنّ من كل 10 طلاب ينهون الصف الثاني عشر، هناك 4 منهم لا يمتلكون شهادة بجروت'.

ويتابع أنّ 'هناك مشكلة في عدم وضوح خط الوزارة، فكل وزير يريد تقديم الإنجازات بسرعة، فعلى سبيل المثال، هناك اقتراح أولي لزيادة 30 علامة لمتقدمي البجروت للـ5 وحدات، الجامعات لم تعطِ جوابها بعد، وهي لا زالت تفحص الموضوع، وستعقد جلسة مع روساء الجامعات لتحديد أيّ من الكليات تقبل احتساب العلامة، وهو أمر غير أكيد تطبيقه في كل الكليات والجامعات'.

'لا توجد مؤسسات تحتضن الطلاب بشكل مجّاني'
 
ومن جهة أخرى، تقول الطالبة شيماء جابر:، لـ'عرب 48' إن 'هناك طلاب من أترابي لا يتقدمون للبجروت، لا توجد مؤسسات تحتضن الطلاب بشكل مجّاني، وهناك صعوبات تواجهني في مادتيّ الرياضيات واللغة الإنجليزيّة، وأنا أطلب من المسؤولين تأسيس مراكز تعليميّة مجانيّة لمساعدة الطلاب، وتخفيف حدّة أسئلة البجروت'.

ويؤكد جبيلي ذلك، بأنّ 'السلطات المحلية العربيّة لا تدعم التربية والتعليم، ولا يوجد هناك برامج وأنظمة تمد يد العون للطلبة المحتاجة للتوجيه والإرشاد، فتجهيز المباني والمدارس بالكراسي والطاولات غير كافية، بل يجب أن تحمل السلطات المحليّة العربيّة مسؤولية صنع تغيير في البرامج الداعمة للطلاب العرب'.

ويستطرد أنّ 'هناك فرق في وضع التعليم في المجتمع العربي، والمجتمع اليهودي، بحيث أنّ ميزانية الطالب اليهودي هي 6 أضعاف العربي، بسبب السلطة المحليّة اليهوديّة التي تعطي ميزانيّة أكبر للطالب، من تلك الممنوحة للمجتمع العربي'، مضيفًا أنّ 'هناك ارتفاع في نسبة الأهالي الذين يساهمون في تعليم أولادهم دورات خارجة عن المنهج التعليمي في المجتمع اليهودي، وتدني قرينتها في المجتمع العربي، وبناء المدارس غير كافٍ، ويجب التقليل من عدد طلاب الصف الوحد'.

مسؤولية جماعيّة

ويناشد جبيلي المهتمين قائلا إنّه 'لا يوجد مناهج تعليميّة عربيّة، بل أغلب المناهج مأخوذة بترجمة حرفيّة من العبريّة إلى العربيّة، فالوضع غير مشجع'، على حدّ تعبيرهِ، مضياً: 'يجب أن تُسلّم الأمور لأخصائيين وخبراء في مجال التربية والتعليم، ويجب علينا نحن أيضًا كأفراد في هذا الجهاز النتجنّد لإنقاذ التعليم العربي، وكتابة خطة عمل مستقبليّة لتطبيقها، بالرغم من ارتفاع النتيجة العام الماضي بنسبة 4.5%، إلّا أن الوضع غير مطمئن بشكل عام'.

ويرى أنّ 'المدارس الأهلية لا تساهم في رفع مستوى التعليم، كونها تقبل الطلاب بمستوى فوق الوسط، والممتاز فقط، أما من هم ضعفاء أو متوسطي الوضع العلمي فيتم رفضهم، بالإضافة إلى معايير القبول فهي غير واضحة، وأحيانًا على أساس طائفيّ، فالمدارس الأهلية في الناصرة يجب أن تعطي حق الأولويّة لأبنائها، لكن كان يتم تفضيل من هم خارج الناصرة للالتحاق بها'.

 ويطالب جبيلي أن 'تتحمل المدارس الأهلية مسؤولية تراجع التحصيل العلمي لدى طلابها وعدم طرد الطالب الضعيف إلى المدارس الرسميّة، بل يجب أن تبقى حاضنة لهؤلاء الطلاب حتى يتغلبوا على الصعوبات التي تواجههم'، مؤكدًا أنّ 'المدارس الأهلية منتشرة بكثرة، وبالمقابل لا تملك برامج خاصة لدعم الطلاب، لكنها تملك مستوى طلاب متميّز، مع تساوي الكفاءات بين معلمي المدارس الأهليّة والرسميّة'.

أما الطالبة ليان صايغ، فترجح برأيها في أن 'نسبة البجروت هي أقل من السنين السابقة، لأنّ فرصة الحصول على عمل تزايدت في الآونة الأخيرة، بدون الحاجة إلى شهادة بجروت، إضافةً إلى تسهيل التعليم الأكاديمي في خارج البلاد، وشيوع هذه الظاهرة'، معبّرةًعن 'عدم التشجيع من قِبل المدرسة والمعلمين، بل الدعم يأتي في الغالب من الأهل'.

الانخفاض بنسبة %2.8، في المدارس العربية بالنقب، يعني أنّ وضع التعليم العربي ككل بحاجة إلى تحسين، إضافةً إلى المعيقات التي تشكّل شوكة في حلق المجتمع العربي ومدارسه ومؤسساته التعليميّة، التي ما زالت جميعها بحاجة ماسّة إلى جهود من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح، وهي قضية تتطلب النضال، كما باقي النضالات الأخرى.