تُصادف يوم غد الخميس، الذكرى الـخامسة عشر لهبة القدس والأقصى التي ارتقى فيها 13 شهيدا وأصيب فيها عشرات الشبان في الداخل الفلسطيني أثناء شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000.

واندلعت شرارة الانتفاضة الثانية إثر الانتهاكات المتكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والزيارة الاستفزازية التي قام بها أريئيل شارون في باحات المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة.

وانتفض أبناء الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ونظمت مسيرات غاضبة في البلدات العربية احتجاجا على الانتهاكات، غير أن قوات القمع الإسرائيلية ومعها وحدة القناصة التي كانت تطلق النيران دون رحمة، قتلت ثلاثة عشر شابا من الداخل الفلسطيني.

مرّ على هذه الهبة عقد ونيف، ولا زالت حيثيات الأمر تهم كل شاب وشابة في هذه البلاد، عملاً بالحفاظ على التاريخ الفلسطيني وتعزيز روح الانتماء في نفوس الأجيال الصاعدة.

'عرب 48' استطلع آراء عدد من أهالي مدينة أم الفحم حول هبة القدس والأقصى.

مصير واحد

وقالت تهاني محاجنة لـ'عرب 48' إن 'الأهالي ليسوا بحاجة إلى أحداث الهبة لكي نقوي انتماءنا وشراكتنا بالمصير، فمصيرنا واحد شئنا أم أبينا، ومن ينكر هذا فهو حقاً جاهل، وستبقى أحداث هبة القدس والأقصى وصمة عار في جبين هذه الدولة. باعتقادي  أن الهبة كانت لنا عبرة وستبقى عبرة للأحداث العدائية المقبلة، فلا غموض في الموضوع. استشهاد شبابنا أثر على البعض، من له علاقة بمن استشهد شخصيا أو من تهمه الأمور الوطنية'.

الشرارة

من ناحيته، قال الناشط محمود حصري لـ'عرب 48' إن 'الشرارة التي انطلقت في اليوم الثامن والعشرين من عام 2000 عندما اقتحم رئيس الوزراء سابقا، أريئيل شارون، برفقة وحدات معززة من الشرطة والجيش، المسجد الأقصى المبارك، فما كان لهذا الاقتحام إلا أن يثير كل المصلين في باحات الحرم لتندلع الانتفاضة الثانية. وامتدت هذه الانتفاضة كهبة شعبية إلى مناطق الـ48 وقد استشهد في الداخل الفلسطيني في الأول والثاني من تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000 ثلاثة عشر شابا من عدة بلدات منها أم الفحم الناصرة وسخنين. أرى أهمية لإحياء هذه الذكرى لكي لا تنسى أجيالنا الصاعدة محطة هامة كانت في حياة أسلافهم'.​

تجاهل الجميع

وقال الشاب عبد الناصر محاميد لـ'عرب 48' إن 'الذي يمر عن هذه الذكرى، مرور الكرام، بنظري بتجاهله هذا هو لم يتجاهل ملف الذكرى والشهداء فقط، إنما تجاهل جميع الفلسطينيين الذين يطالبون بحقهم المشروع منذ عام 1948'.

نموذج ثوري مصغر

وأكد عضو شبيبة التجمع (اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي)، أمير عسلية جبارين، لـ'عرب 48' إن 'هبة الأقصى هي بمثابة نموذج ثوري مصغر الذي استشاط غضباً على الحكومة الصهيونية، وسقط فيها العديد من الشهداء، وبدمهم الطاهر رووا  أرضنا بالحرية والكرامة، وكلي أمل أن تحل الذكرى مستقبلا ونكون قد شهدنا ولادة جيل جديد واع، وبوحدتنا وتكاتف أيادينا نحقق أهدافنا بإذن الله'.

وقال سكرتير التجمع في أم الفحم، محمود أديب إغبارية، لـ'عرب 48' إن 'واجبنا جميعا إحياء الذكرى الـ 15 لهبة القدس والأقصى وتكريك الشهداء، فقد هبت الجماهير العربية الفلسطينية آنذاك من شمال فلسطين إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها دفاعا عن الأقصى وقدمت الشهداء من أجل منع محاولات تدنيسه وتهويده'.

وأضاف أنه 'ما أشبه اليوم بالأمس حيث تأتي هذه الذكرى ولا يزال الأقصى يتعرض لأبشع محاولات التدنيس من قبل المستوطنين الصهاينة وبحمايه قوات الجيش'.

وأردف 'نحن نرى أن الأقصى اليوم على أبواب تقسيم زماني ومكاني إن لم تستعيد جماهيرنا العربية في الداخل ومعها شعبنا الفلسطيني وكافة الشعوب العربية والإسلامية وقفتها الشجاعة والمسؤولة تجاه أقصانا الحبيب'.

وأوضح أنه 'لا يجب أن نكتفي اليوم بالفعاليات الروتينية والتي تتمثل بالمسيرات التقليدية التي تقرها وتنظمها لجنة المتابعة والأحزاب الفاعلة على الساحة، بل يجب ابتكار أساليب حديثة تنسجم مع متطلبات المرحلة بكل خطورتها لكي يعي حكام إسرائيل أن قضية الأقصى هي خط أحمر وأنهم يلعبون بالنار ولا بد أن هذه النار ستحرق من يحاول الاقتراب منها'.

مرحلة تاريخية

وقالت سكرتيرة الشبيبة الشيوعية في أم الفحم، مرح إغبارية، لـ'عرب 48' إن 'هبة القدس والأقصى لم تكن مجرد مواجهات عنيفة بين قوات الأمن الإسرائيلية وأبناء شعبنا في الداخل، بل هي مرحلة تاريخية لم يفجرّها دخول أريئيل شارون إلى باحة الأقصى فحسب، إنّها حقبة من احتراق الأمل الكاذب الذي عاشه الفلسطيني نهاية التسعينيات في تلك الأيام، كان الناس على موعدٍ مع الغضب الذي راكمته سنوات “الانفراج” المزيّف بعد “أوسلو”.

وأكدت أنه 'من واجبنا إحياء ذكرى هبة القدس والأقصى وإحياء ذكرى جميع الشهداء سواء كان ذلك في المدارس أو المراكز الثقافية أو حتى في أمسيات تعمل على توعية أبنائنا وتعزيز انتمائهم'.