أثار إعلان الحكومة الإسرائيلية إخراج الحركة الإسلامية (الشق الشمالي) عن القانون استنادا إلى قانون الطوارئ الانتدابي (من العام 1945) بذريعة أنها تشكل خطرا على أمنها ردود فعل غاضبة في المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد.

ورأى النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، د. باسل غطاس، أن 'القرار موجود منذ أسبوعين بحسب المعلومات إلا أن إخراجه في هذا التوقيت ليس صدفة فقد تزامن مع تفجيرات باريس للإيحاء أن هناك إسلاما إرهابيا متطرفا يغزو العالم، وهذه محاولة لربط الحركة الإسلامية كحركة سياسية فاعلة في الداخل مع الإرهاب وكذلك تغليف هذا القرار غير القانوني الذي يستند على قانون الطوارئ الانتدابي من عام 1945'.

وأضاف غطاس لـ'عرب 48' إن 'هذه القرارات هي جزء من سياسة ممنهجة لهذه الحكومة إلى جانب ممارساتها اليمينية الفاشية، وهذه الخطوة هي تعبير عملي وقمعي وتعتبر ملاحقة سياسية لنشاطنا ولا علاقة لها بالأمن أو التحريض الذي يدعونه، إنما هو قرار سياسي بامتياز لكبت حرية التعبير وحق التنظيم السياسي ولمنع شعبنا من أخذ دوره للتصدي للاحتلال وممارساته وخاصة في القدس'.

وأوضح أن 'هذا القرار من شأنه أن يسهل الطريق أمام قرارات أخرى تستهدف مجمل نشاطنا وتستهدف كوادر وقيادات العمل السياسي من خلال هذه الملاحقة السياسية، أي أن هذا السيف سيسلط على أعناقنا جميعا. وأعتقد أن قرار لجنة المتابعة يعكس وحدة الصف الشاملة للتصدي لهذا القرار واتخاذ خطوات تصعيدية لحماية حقنا بالعمل ومناهضة هذه السياسات القمعية'.

التوقيت واستغلال الأجواء

واعتبر النائب عن الحركة الإسلامية الجنوبية في القائمة المشتركة، مسعود غنايم، في حديثه لـ'عرب 48' أن 'هذا القرار بمضمونه وتوقيته يعكس حال السياسة الإسرائيلية المتردية'.



وأوضح أن 'القرار جاء من حيث التوقيت مستغلا الأجواء العالمية والإقليمية المؤججة ضد التفجيرات في باريس لتحسين الصورة الإسرائيلية المتردية، وبما أن نتنياهو يعتبر نفسه من العالم 'الحضاري والتنويري' قام باستغلال هذه الأجواء المتأججة ليظهر بأنه يحارب قوى 'الظلام والإرهاب' وفي نفس الوقت فإن القرار ليس موجها ضد الحركة الإسلامية فقط، بل ضد الجميع وضد القضايا التي نمثلها والمتعلقة بالجماهير العربية، وكذلك جاء بهدف تهويد المسجد الأقصى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن نتنياهو أراد بهذا القرار تحسين وجهه وصورته لدى الشارع اليميني المتطرف وأن يظهر بأنه حريص على حماية المجتمع الإسرائيلي وتحصينه أمام 'الإرهاب' المتزايد، كل هذه الأسباب مجتمعة بالإضافة إلى الخلل السياسي المتدهور المترافق مع تضيق الهامش الديمقراطي ومساحات التعبير وتغليب المنطق الصهيوني على الحكم الديمقراطي في إسرائيل، لكن نحن من جهتنا سنكون ملتزمين ومنظمين خلف قرارات لجنة المتابعة لمواجهة هذه السياسات'.

نقطة تحول

وقال الباحث الدكتور مهند مصطفى إن 'إخراج الحركة الإسلامية عن القانون ملاحقة سياسية وليس في هذه الخطوة أي بُعد قانوني قضائي والدليل على ذلك أنّ حظر الحركة الإسلامية جاء بناءً على قوانين الطوارئ الانتدابية، فغالبية المؤسسات التي تمّ إغلاقها، وهي 17 مؤسسة ليس لها أي نشاط مباشر بنشاط الحركة الإسلامية في القدس، وهذا الأمر يوضّح بشكلٍ أولي أنّ هذا الحظر هو ملاحقة سياسية، وأعتقد أنّ حظر الحركة الإسلامية هي نقطة تحوُّل في تاريخ العلاقة بين الدولة والجماهير العربية في الداخل، وعلى الجماهير العربية وقيادتها أن تعي هذا الأمر، وتتخذ خطوات تتناسب مع هذا التحوُّل، فإخراج الحركة الإسلامية عن القانون هو ليس حظر لمؤسسة أهلية عثمانية، وهو ليس التنكيل بحركة اجتماعية صغيرة، وإنما هو إخراج عن القانون لحركة وتيار سياسي مركزي وجماهيري في صفوف المجتمع العربي، وهذا معناه أنّ كل العمل السياسي العربي قد يدخل في دائرة التجريم السياسي، والتجريم القانوني، ولذلك باعتقادي هنالك أمران يجب القيام بهما في هذه النقطة، الأمر الأول هو أن يكون لقاء للقيادة العربية وعلى رأسها لجنة المتابعة، لاتخاذ خطوة تليق بمستوى الحدث، غير ذلك فإنّ الحكومة الإسرائيلية سوف تتجرأ على توسيع التجريم السياسي ويشمل حركات سياسية أخرى، وهذا ليس ببعيد، والنقطة الثانية في هذا الإطار أنه يجب ضمان بقاء الحركة الإسلامية ونشاطها وخطابها وعملها في الإطار السياسي العربي، لأنه غير ذلك معناه أنّ كل حركة وكل حزب مشروعيته ستؤخذ من قرار الحكومة، وهذا طبعًا غير مطلوب وطنيًا والأمر الثالث كجماهير عربية وكأحزاب سياسية لا يجب علينا أن نتخلى عن ثوابتنا في هذه الهجمة وعن خطابنا السياسي وأخلاقياتنا السياسية'.

وأكد أن 'ثباتنا على هذه الأمور هي في اعتقادي رد، قد يمنع الحكومة مستقبلاً أن تقوم بمثل هذه الخطوات تجاه المجتمع العربي. هذه الخطوة هي جزء من كل التصور الذي يحمله نتنياهو للربط ما بين الاحتجاج السياسي العربي والشرعي والأخلاقي وبين موضوع الإرهاب العالمي، وهذا تفكير كولونيالي تقليدي، ويجب علينا أن نتصدى له، وهذا يتم من خلال توعية جماهيرنا أولاً وتوعية الرأي العام العالمي بأخلاقية القضية التي ندافع عنها'.

إعلان حرب

وتحدث المحامي علي حيدر، وهو ناشط سياسي واجتماعي، لـ'عرب 48' عن خطورة إخراج الحركة الإسلامية، الشق الشمالي، عن القانون، وقال إنه 'باعتقادي أولاً القرار غير ديمقراطي وغير قانوني وغير أخلاقي في الدرجة الأولى والحكومة الإسرائيلية من خلال هذا القرار تفتح مواجهة وتعلن الحرب ضد المجتمع العربي داخل البلاد، فالحركة الإسلامية الشمالية لم تقم بأي عمل غير قانوني، وإذا كان هناك من بين أفرادها مَن قام بعمل غير قانوني فمن المفروض أن تقدمه الحكومة للمحاكمة وألا تُخرج جميع أعضاء الحركة الإسلامية ومؤسساتها خارج القانون، وأن تهدد كل من يكون على اطلاع وعلى ارتباط بها ليكون معرضًا للمحاكمة، وبالتالي أعتقد أن هذه الخطوة هي انتهاز لفرصة ما يحدث على المستوى العالمي وعلى المستوى الإقليمي، وبالتالي هو رضوخ من قبل رئيس الحكومة ومجلس وزرائه المصغر لليمين الإسرائيلي المتطرف في هذه المرحلة'.

وأضاف 'أعتقد أن القرار لم يكن مفاجئًا، فالعديد من الأحزاب السياسية العربية ولجنة المتابعة عقدت مؤتمرًا كبيرًا في الناصرة أعلنت من خلاله تأييدها ودعمها ووقوفها إلى جانب الحركة الإسلامية الشمالية، وأعتقد أن الحكومة لن تستطيع أن تستفرد بالحركة الإسلامية'.

وحول  دور لجنة المتابعة والخطوات اللاحقة ردًا على إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، قال إنّ 'هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها من قبل لجنة المتابعة، بدايةً بالتئامها وأن تجلس وأن تكون بحالة التئام دائم فالقرار هو قرار تاريخي وسابقة لم تحدث في التاريخ حتى الآن، صحيح أنه كان في السابق إخراج لحركة الأرض في السنوات الأولى لتأسيس دولة إسرائيل، ولكن في اعتقادي لم تكن الحركة قوية ولم يكن لها هذا العمق والتواصل والدعم الشعبي، ولذلك يجب أن تكون لجنة المتابعة في حالة التئام دائم ويجب استنفاذ كل الوسائل القانونية والشعبية المحلية والدولية، وهناك حق للتوجه للمحكمة العليا. وبالتالي يجب أن تُطرق كل أبواب السفارات والمؤسسات الدولية لأنّ هذا يتنافى مع الحقوق الأساسية للمواطن والفرد، كالحق في التنظم والتعبير عن الرأي والحق في المشاركة السياسية وما إلى ذلك، وأعتقد أنه يجب تعريف العالم بأنّها عملية ملاحقة سياسية لقيادات المجتمع العربي، وهنالك عمليات تحقيق ضد عدد من الأعضاء في البرلمان والقيادة السياسية والقرارات السياسية التي تؤخذ من قبل الحكومة نتيجةً لنبض الشارع اليهودي، وهذا يتطلب الآن وقفة جدية من قبل لجنة المتابعة ورئيسها وأعضائها في التخطيط والعمل المنهجي والمدروس من أجل تحقيق نتائج تكون عند طموحات المجتمع العربي'.

وأشار إلى أنّ 'الحركة الإسلامية لها امتدادات داخل البلاد وعملها واضح في مشاريع اجتماعية ورفاه اجتماعي وأيضًا في العمل المؤسساتي وبالتالي يجب على الحركة الإسلامية أن تقود هذا النضال بشكلٍ مدروس وبحكمة وألا تدع المجتمع الإسرائيلي والحكومة أن تستغل أي خطوة غير مدروسة مِن قِبلها'.

تبعات خطيرة

وقال الناشط السياسي والاجتماعي سامي أبو شحادة من يافا، لـ'عرب 48' إن 'إخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون مستنكر، كونها جزء أصيل من مركبات شعبنا ولها دور كبير في إعادة بناء وتنظيم الأقلية الفلسطينية في الداخل'.

وأضاف أنّ 'هذه خطوة غبية سيكون لها تبعات خطيرة على المجتمع بأسره، ومن الواضح أن دولة إسرائيل لم تستفد من التجربة المريرة التي يمر بها العالم العربي من ناحية التعامل مع التيارات الإسلامية، وذلك قد ينقل جزءا مما نراه في عالمنا العربي إلى داخل حدود دولة إسرائيل. بالطبع نحنُ نرى أنّ التيار الإسلامي هو تيار شرعي وأصيل ولديه الحق بأن يتنظم كما يرى. حكومة إسرائيل اليمينية الفاشية مُصابة بالغرور والعمى السياسي وكما يبدو تعتقد أن الحالة الرديئة في العالم العربي ستسمح لها أن تفعل كل ما تريده، لكن من الواضح أن ردود الفعل محليًا وعالميًا على هذه السياسات العنصرية سيأتي بالمزيد من المقاطعة والحصار لهذه الحكومة وسياساتها'.

وأشار إلى أن 'زيادة الضغط بهذا الشكل غير المسؤول وغير القانوني على أي تيار سياسي لن يؤدي إلى إضعاف هذا التيار بل على العكس من ذلك سيزيد من الالتفاف الجماهيري حول هذا التيار المستهدَف ويزيد من قوته وتأثيره داخل المجتمع'.

دفع الدفاع

وفي حديث لـ'عرب 48' مع الصحافي والمحلل السياسي، توفيق محمد، أشار إلى أنّ 'ما يجري من ملاحقة ضد الحركة الإسلامية، الشق الشمالي، وإخراجها عن القانون هي خطوة تندرج في إطار الملاحقة السياسية التي تتعرّض لها الجماهير الفلسطينية في الداخل، وكان للحركة الإسلامية أن تكون في المواجهة لتدفع ثمن دفاعها المستمر عن المسجد الأقصى، ولم تقتصر الملاحقة على الحركة الإسلامية فقط وإنما تعدتها إلى المؤسسات والأحزاب السياسية التي طالتها التهديدات مِن قِبل الحكومة اليمينية، وهددوا التجمع الوطني الديمقراطي أيضًا بإخراجه عن القانون، وما تعرضت له النائبة حنين زعبي من ملاحقة وتحريض استمر لوقتٍ طويل، كما تعرّض الأمين العام لحركة أبناء البلد رجا إغبارية للاعتقال، ما يعني أن الملاحقات هي جزء من سياسة هذه الحكومة، والآن يتم ملاحقة الحركة الإسلامية باعتبارها الحاضنة الشعبية لكل المكونات السياسية الإسلامية، وعلى هذه المؤسسة أن تعي أنّنا أقوى من كل هذه العنتريات'.

وأنهى بالقول إنه 'في اعتقادي أنّ الجماهير العربية لن تصمت على ما يجري وكما أعلنت المكونات السياسية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية أنّ هنالك قرارات مهمّة سيتم اتخاذها، والحديث عن إضراب عام ومظاهرة قُطرية ومظاهرة رفع شعارات، وشعبنا لن يسمح بتمرير سياسة إسرائيل على حساب شعبنا وتاريخه ومؤسساته'.

تغيير أدوات

وقال الباحث د. إمطانس شحادة لـ'عرب 48' إنّ 'إسرائيل اختارت تغيير أدواتها في العلاقة مع الفلسطينيين، وهذا الأمرُ جليٌ للجميع، وها هي الحكومة الإسرائيلية تغيّر قواعد اللعبة بإخراج حركة سياسية شعبية عن القانون، علمًا أنّ هذه الحركة لديها انتماءات واسعة في الشارع الفلسطيني بالداخل، وهكذا اختارت المؤسسة معاقبة الحركة الإسلامية، الشق الشمالي، على مواقفها السياسية، وهو أمرٌ ليس مستغربًا، فقد اختارت تصعيد أدوات القمع واستعمال القوة، وهذا يُشير بصورة واضحة إلى أنّ إسرائيل الآن مأزومة، وفقدت أدواتها والتجأت إلى ترهيب المجتمع الفلسطيني، مثلما كانت تفعل أيام الحكم العسكري، في محاولة لإخافة وردع الشعب الفلسطيني بكامله، متخليةً عن الردع التقليدي الذي أثبت فشله، والآن تحاول أن ترفع من جرعات القوة من أجل التأثير على الآخرين'.

وتوقع أن 'يكون هنالك مقولة للجماهير العربية ردًا على إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، والآن يُتوقع من هذه الجماهير أن تقوم بإنجاح الإضراب، لكن الأهم هنا هي قيادات الحركة الإسلامية ماذا سيكون ردها، وماذا ستفعل؟!'.

وأضاف أنّ 'إسرائيل استغلت ما يجري في العالم الغربي من عمليات إرهابية لتؤثِر على الرأي العام العالمي ويجعله يتفهم خطوة إسرائيل بإسكات الحركة الإسلامية من خلال إخراجها عن القانون'.

مواجهة السياسة العنصرية

وقال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مازن غنايم، لـ'عرب 48' إنّ 'إخراج الحركة الإسلامية عن القانون خطوة مرفوضة بالنسبة لنا نحنُ فلسطينيي الداخل جميعًا، والذنب الوحيد الذي فعلته الحركة الإسلامية الشمالية أنها دافعت عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية وإذا كان هذا الدفاع جريمة فنحنُ نعتز ونفتخر بهذه الحركة ونساندها ونقف معها ضد هذا القرار'.

وأضاف أن 'هذا القرار يعتبر الخطوة الأولى في سياسة إسرائيل والتي قد تمتدُ تجاه أحزاب شعبنا المختلفة، ونحنُ لن نسكُت، فسكوتنا يعني استفراد المؤسسة بأحزابنا السياسية وهذا الأمر مرفوض، بدليل أنّ إضرابًا شاملاً سيكون يوم الخميس القريب إضافة إلى وقفات احتجاجية لشعبنا، ستكون على مدار السبت القريب والذي يليه، إضافة إلى تنظيم مظاهرة ومسيرة كبيرة لوقف قرار المؤسسة'.

وحول تأثير ما يجري في العالم الغربي وإخراج الحركة الإسلامية عن القانون، رأى أن 'إسرائيل تستغل صمت العالمين العربي والإسلامي وتعطي شرعية لملاحقة مؤسساتنا وأحزابنا، لكنها لا تعرف أنّ شعبنا لن يضعف ولن يركع، وأن الوقوف إلى جانب الحركة الإسلامية مِن قبل شعبنا الفلسطيني هي أقل واجب يمكننا القيام به تجاه الحركة الإسلامية الشمالية وتجاه مجتمعنا الذي يتوخى مِنّا أن نقف صفًا واحدًا في مواجهة السياسة العنصرية ونحنُ بدورنا سنُسقط القرار من خلال الخطوات المنوي اتخاذها وهي الإضراب والوقفات الاحتجاجية التي تعزز وحدتنا وقوتنا'.

خطوات مدروسة

وعقّب البروفيسور والمؤرخ مصطفى كبها على إخراج الحركة الإسلامية عن القانون قائلاً لـ'عرب 48' إنّها 'خطوة تندرج في الملاحقة السياسية والتمثيلية للمواطنين العرب في إسرائيل، وباعتقادي أنّ اختيار التوقيت كان استغلالاً لما جرى ويجري من ضغوط دولية، ما جرى في المنطقة وما يجري في باريس، فضلاً عن أنها خطوة مرفوضة ديمقراطيًا من حيثُ التضييق على المجموعات والحركات السياسية، وإضافة إلى ذلك يمكن أن تكون فاتحة لخطوات أخرى ضد أحزاب وحركات سياسية فاعلة لا تتماثل مع السياسة المُعلنة لهذه الحكومة'.

وأضاف أنه 'من المفترض أن تكون هنالك خطوات مدروسة وليست مجرد ردود فعل شعورية فقط، والخطوات المدروسة يجب أن يشارك في تنظيمها وتأطيرها أناس مهنيون على المستوى القضائي أو التنظيمي وما إلى ذلك'.

وحول نشاطات الحركة الإسلامية الشمالية أوضح أنه 'حقيقةً يجب أن تُفحص الأمور من كافة جوانبها، وماذا تعني هذه الخطوة السياسية، وإذا كانت تعني نشاط في المنظومة السياسية، فالحركة الإسلامية لا تشارك في انتخابات الكنيست، ولكن إذا شمل ذلك كافة ما تقوم به الحركة الإسلامية خاصةً بكل ما يتعلق بالأعمال التطوعية وما إلى ذلك فهذا أمر في بالغ الخطورة لأنّ هناك الكثير من المجالات التي تقوم بها الحركة الإسلامية وتعود بالنفع في كل ما يتعلق بالأعمال التطوعية والمشاريع العامة، فهذه الامور- كما قلت- يجب أن تُفحص وبناءً عليه يكون أيضًا يكون التقييم ماذا يمكن أن يُفعل في ذلك؟!'.

إفلاس وخواء

وتعقيبًا على القرار، تحدث المحامي والناشط السياسي إياد رابي لـ'عرب 48' قائلاً 'اعتبر قرار حظر الحركة الإسلامية الشمالية قرار سياسي أحمق وليس له علاقة بمخالفات قانونية، وتمّ وفق أنظمة الطوارئ الانتدابية سيئة الصيت لأنها تفتقد للحد الأدنى من الأسس والتسويغات والتبريرات القانونية للقانون الجنائي وحتى البنود الأمنية الفضفاضة. ولو كانت هنالك أدلة وأسس لتقديم لوائح اتهام كانت النيابة الإسرائيلية ستفعل ذلك كما فعلت في مرات عديدة سابقة'.

وأوضح أنّ 'أنظمة الطوارئ للعام 1945 فرضتها حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين في خضم الحرب العالمية الثانية بواسطة المندوب السامي بالأساس لقمع الثورة والتمرد الفلسطيني وحالاً بعد إقامة دولة إسرائيل على أنقاض اللاجئين المهجرين الفلسطينيين تم تبني أنظمة الطوارئ ومن ثم تمديد حالة الطوارئ المزعومة رغم كل المحاولات والالتماسات للمحكمة العليا لما تحمله من تناقض مع نص وروح أسس دستورية خاصة تلك التي تضمنتها قوانين أساس، ناهيك عن القانون الدولي بما في ذلك وثيقة جنيف الرابعة، وبذلك تحوي في داخلها أدوات مهولة في يد السلطة التنفيذية عامة ووزير الأمن خاصة مما يخوله بجرة قلم سحب البساط من تحت أسس التشريع والقضاء والمحاكمات العادلة دون أدنى رقابة قانونية أو دستورية حتى من المحكمة العليا'.

وأضافَ أن 'إسرائيل قدمت سابقا الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية للمحاكمة بتهم تلقي التبرعات من منظمات خارجية صنفتها إسرائيل في قائمة المنظمات الإرهابية وكذلك التبرع لمؤسسات خيرية تساند عائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين، وحتى الحكم عليه وتم سجنه لثلاث سنوات بعد إجراء صفقة ادعاء. هذه المرة، كما جرى في فترات سابقة من مصادرة واضطهاد وقمع حريات، استعملت الحكومة الإسرائيلية أنظمة الطوارئ لإخراج مركب أساس من الحركات والفعاليات والأحزاب والناشطين في الداخل الفلسطيني وعضو فاعل في لجنة المتابعة، لأسباب سياسية بحتة، وبسبب إفلاس وخواء جعبتها من أي تهمة أو أساس قانوني لشبهات وأدلة تبني عليها لتقديم لوائح إتهام، فلجأت بشكل فاضح لأنظمة الطوارئ الفاشية ما يدل مره أخرى على طبيعة النظام التشريعي والقضائي والتنفيذي في هذه الدولة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال تسميتها ديمقراطية كما تتشدق وتسوق نفسها للعالم'.