قبل عامين تماما، وتحديدا في يومي 14 و18 كانون الثاني/ يناير، استشهد سامي الجعار وسامي الزيادنة برصاص الشرطة في النقب. 18 يناير، أمس، هو أيضا يوم استشهاد المربي يعقوب أبو القيعان برصاص الشرطة في قرية أم الحيران. 

مازن سليمان أبو حباك العزازمة

في الأول من كانون الأول/ ديسمبر من العام 2014 وجدت جثة الشاب محمود القاضي (40 عاما) من مدينة رهط داخل غرفة الاعتقال في مركز شرطة مدينة كريات جات، نفت العائلة رواية الشرطة التي ادعت في حينه أن ابنها المعتقل أقدم على الانتحار داخل المعتقل، وأكدت أنها جريمة قتل، واعتبرته شهيدا قُتل تحت التعذيب.

الشاب مازن سليمان أبو حباك العزازمة (18.4 عاما) من سكان مسعودين العزازمة بضواحي شقيب السلام، أصيب بعيار ناري من الشرطة في الثاني من شباط/ فبراير 2016 وتوفي بعد خمسة أيام متأثرا بجراحه البالغة، حسبما قال والده لـ'عرب 48'.

عامان، خمسة شهداء، وصفر لوائح اتهام ومدانين، وعشرات المعتقلين من المتظاهرين العرب الذين احتجوا على جرائم الشرطة. وعشرات القرارات السابقة في ظروف مشابهة ولا متابعة من قبل المتابعة. ماذا فعلنا لتغيير هذا الواقع المأساوي وتحقيق العدالة؟ 

سامي الجعار

استشهد الشاب سامي الجعار (22 عامًا) من مدينة رهط قبل عامين بعد إصابته بجروح خطيرة برصاص أفراد الشرطة إثر مواجهات مع سكان الحي الذي تسكنه أسرة الجعار. اقتحمت الشرطة الحي بذريعة إجراء التفتيش، واعتدت على الأهالي.

سامي الجعار

وأكدت عائلة الشهيد أنه جرى قنص ابنها سامي وهو في ساحة المنزل. وأكدت أن الشاب لم يكن متورطا في حملة الشرطة بجانب مدرسة 'النور' في حارة 25، كما أكدت أنه قتل أمام عيني والدته.
لاحقا، أغلقت الشرطة الملف ضد الشرطي المجرم، وزعمت وحدة التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش) أنها لا تستطيع اتهام أي من أفراد الشرطة بالقتل لعدم توفر الأدلة الكافية. وكانت عائلة الجعّار قد قدمت التماسًا للمحكمة العليا، تطالبها فيه بمحاكمة قاتل ابنها، لكن دون جدوى.

سامي الزيادنة

استشهد سامي  الزيادنة (47 عامًا) يوم 18 يناير قبل عامين، نتيجة للاختناق بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة الإسرائيلية على المشاركين في تشييع جثمان الشهيد سامي الجعار في رهط.
وخلال دفن الشهيد الجعار وصلت مركبة تابعة للشرطة إلى منطقة المقبرة الأمر الذي استفز المشيعين، فقام بعض الشبان برشقها بالحجارة، فدفعت الشرطة بقوات كبيرة لمحيط المقبرة، وبدأت بإطلاق قنابل الغاز على تجمعات المشيعين مما أدى إلى حالات اختناق وإغماء.

سامي الزيادنة

وقال شهود حينها لـ'عرب ٤٨' إن الشرطة أطلقت قنابل مسيلة للدموع باتجاه المشيعين، مما أسفر عن حالات إغماء واختناق، وإن أصوات إطلاق نار سمعت في مكان التشييع، وإن مواجهات دارت بين قوات الشرطة والمشيعين، في حين شوهدت طائرات مروحية تابعة للشرطة تحوم في أجواء المنطقة.
ملف قتل الزيادنة أغلق ولم يقدم للمحاكمة أي رجل شرطة أو مسؤول فيها.

القرارات ذاتها

في أعقاب استشهاد الجعار وزيادنة، نشرنا في 'عرب ٤٨' الخبر التالي:
 
الإضراب الشامل غدا الثلاثاء في المجتمع العربي
 
في سياق الخطوات الاحتجاجية على عنف الشرطة، قررت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الإضراب الشامل غدا الثلاثاء في المجتمع العربي يشمل جهاز التربية والتعليم والمدارس في جميع المراحل.

محمود القاضي

كما تقرر تنظيم تظاهرات غدا الثلاثاء في كافة البلدات العربية، وإغلاق المحاور الرئيسية بتخوم البلدات العربية بساعة محددة ومتزامنة وتنظيم مظاهرة قطرية يعلن عن موعدها لاحقا، وإقامة 48 غرفة قضائية للمتابعة القانونية والقضائية لجرائم الشرطة بالمجتمع العربي، وإبراق رسالة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وتقرر كذلك التوجه إلى المحافل الدولية لطرح جرائم الشرطة الإسرائيلية بحق المواطنين العرب للمطالبة بتوفير حماية دولية لفلسطينيي.
 
* تنظيم مسيرة مشاعل مركزية وقطرية يوم غدٍ الثلاثاء في مدينة رهط
 
قررت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، وفي أعقاب العدوان البوليسي المتجدّد على  أهالي رهط ، وسقوط الشهيد سامي الزيادنة إعلان الإضراب العام والشامل للجماهير العربية الفلسطينية في البلاد (يشمل جهاز التربية والتعليم)، يوم غدٍ الثلاثاء بتاريخ 20.01.2015.

مظاهرات غاضبة في رهط بالنقب في أعقاب سقوط شهيدين، كانون الثاني/  يناير 2015 (أ ف ب)

تنظيم مسيرة مشاعل مركزية وقطرية يوم غدٍ في مدينة رهط، حيث تنطلق في تمام الساعة السادسة مساء من بيت الشهيد سامي الجعّار الى بيت الشهيد سامي الزيادنة.

الدعوة إلى تنظيم تظاهرات احتجاجية وِحدوية محلية ، في المدن والقرى العربية ، ظهر يوم غدٍ الثلاثاء (20.01.2015).

تخصيص ساعتين دراسيتين صباح يوم الأربعاء  في المدارس العربية، لعرض ومُناقشة جرائم وعنف الشرطة وسياسة المؤسسة الإسرائيلية تجاه الجماهير العربية.

التوجه الى الهيئات والمحافل الدولية وتشكيل وفد لرفع شكوى باسم الجماهير العربية حول قمع وعدوانية الحكومة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب.

توجيه رسائل احتجاج وإدانة وتحميل المسؤولية للحكومة الإسرائيلية وجميع المسؤولين الرسميين ومطالبتهم بمحاكمة ومعاقبة المجرمين والمسؤولين عنهم.

*** 

عودة إلى 2017: من يتابع تنفيذ القرارات؟

قرارات 2015  تبدو شبه متطابقة مع  قرار المتابعة أمس، وكأنها منسوخة من البيان قبل عامين؛ إضراب، مظاهرات، تخصيص حصص دراسية، مطالبة بلجنة تحقيق، تدويل... أي أن ليس هناك أي تصعيد من طرفها في مواجهة التصعيد الحكومي. الأدوات ذاتها.

يبدو واضحا أن العشوائية والانفعالية تسيطر على نشاطنا وقراراتنا السياسية، لكن الأهم هو سوء الإدارة أو القيادة. لا نحمل الأحزاب أو المتابعة مسوؤلية جرائم إسرائيل، لكن نعول عليها في منع الجريمة المقبلة وملاحقة الجناة حتى معاقبتهم. هذه مسؤولية جماعية.

لكن الإدارة بحاجة إلى إرادة أيضا، ويبدو أن الإرادة غير متوفرة.

ومن حقنا أن نتساءل ما مصير 'غرفة قضائية للمتابعة القانونية والقضائية لجرائم الشرطة بالمجتمع العربي' التي أعلنت المتابعة عنها قبل عامين؟ هل من تقدم وتقارير؟ هل من مساءلة؟

وما مصير 'المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية' التي أعلنت عنها المتابعة قبل عامين؟ هل من متابع؟
وما مصير 'التوجه إلى المحافل الدولية لطرح جرائم الشرطة الإسرائيلية بحق المواطنين العرب للمطالبة بتوفير حماية دولية لفلسطينيي الداخل'؟ هل من خطوات عملية إستراتيجية؟

المتابعة وأحزابنا مؤسسات وطنية هامة وضرورية، لكن يعتريها سوء التخطيط وغياب الإدارة الجماعية. لا نعول على حكومة إسرائيل ولا على لجان تحقيقها. نعول على مؤسساتنا الوطنية فقط.

في المقابل، دعاة 'العقلانية' وعدم 'التطرف' هم ذاتهم... لكن 'عقلانيتهم' و'اعتدالهم' لم تمنع سفك دماء يعقوب أبو القعيان ولم تمنع هدم المنازل في قلنسوة وأم الحيران.

من يتابع قرارات المتابعة؟ العشوائية؟