تُبدي الأطر والهيئات العربية الفاعلة في مجال التربية والتعليم بالمجتمع العربي تخوفا من إلغاء وزارة التربية والتعليم القرار الذي يمنع بشكل صريح كتابة أجوبة عنصرية في امتحانات الثانوية (البجروت) في موضوع المدنيات.

ورأت أن إلغاء الوزارة الحظر الصريح للقرار الذي كان قد نشر مطلع العام الدراسي، والذي ينص على أن "أي تعبير عن العنصرية والتحريض يؤدي إلى إلغاء الجواب في الامتحان"، يندرج في إطار تشجيع الكتابات التحريضية ويفاقم الأجواء العنصرية المتصاعدة أصلا.

فرض الرواية الصهيونية

وقال عضو لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست عن القائمة المشتركة، النائب د. يوسف جبارين، لـ"عرب 48" إن " رئيس حزب المستوطنين 'البيت اليهودي' ووزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، لا يعرف الحدود من ناحية محاولاته المستمرة لفرض الرواية الصهيونية والرواية اليهودية الدينية في جهاز التربية والتعليم وفي مناهج التعليم، وهو يكرّس كل جهوده من أجل تغيير معالم هذا الجهاز ليعكس أكثر البرنامج السياسي لحزبه المتطرف".

وأضاف أن "القائمة المشتركة ترفض بشدة سياسات الوزارة وتحذّر من خطورتها على جهاز التربية والتعليم، وبدورنا سنتصدى لهذه السياسات قدر الإمكان، وسنبادر مع افتتاح دورة الكنيست إلى عقد جلسة لبحث الموضوع في لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست".

أجندة سياسية

وأكد النائب جبارين أنه "من واجب وزارة التربية والتعليم مناهضة المواقف العنصرية بين الطلاب ونبذها، لكننا نرى أن الوزارة، الآن، ليس فقط تغض البصر عن هذه المواقف بل تشرعنها. موقف الوزارة هذا هو موقف غير تربوي وغير أخلاقي، ويكشف بوضوح الأجندة السياسية الضيّقة للوزير بينيت، الذي أصبح يملي في وزارته سياسات جديدة، وكأن الوزارة فرع من فروع حزبه اليميني المتطرف وتخضع لمواقفه العنصرية".

وأضاف أن "الوزارة أصدرت، مؤخرًا، كتاب المدنيات الجديد الذي يحمل تشويهات خطيرة لتاريخ المنطقة بل وللنظريات الديمقراطية عمومًا، والآن تسعى الوزارة إلى شرعنة المواقف العنصرية والمواقف غير الديمقراطية بين الطلاب، بحيث تصبح هذه المواقف بمثابة وجهة نظر مقبولة تربويًا، مما سيكرّس المواقف العنصرية المعروفة بين الشباب اليهود ويزيد من التطرف المتصاعد أصلًا بين الطلاب اليهود".

منهاج يتبنى الرواية الصهيونية

وقالت عضو المكتب السياسي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، المربية نيفين أبو رحمون، لـ"عرب 48" إن "المنهاج الموجه بصورة عامة للطالب الفلسطيني هو منهاج مبني على الرواية الصهيونية، وهو متناغم مع الرواية الصهيونية، وهناك تغييب واضح للرواية الفلسطينية، وهذا لم يأت عبثا وإنما بصورة مقصودة".

وأكدت أن "الوزير بينيت ووزارة التربية والتعليم يساهمان، مؤخرا، بدور كبير في تعزيز كل ما يرتبط بفكرة "يهودية الدولة" وهي أفكار مهووس بينيت بها، ويحاول محاصرة موضوع المدنيات، الجغرافيا والتاريخ وحتى المفاهيم السياسية التي تحول لقوانين يسعى لإدخالها إلى المنهاج التعليمي".

شرعنة العنصرية

وتطرقت أبو رحمون إلى السؤال حول الموقف الإلزامي في امتحانات البجروت، بأن "هذا الموضوع يعطي مساحة أكبر للطالب الإسرائيلي أن يعبر عن رأيه، علما أن المنهاج بالأصل متناغم مع روايته، فبالتالي التعبير بالنسبة له سيكون أوسع بدون أي ضوابط تمنع الكتابات العنصرية والتحريضية التي قد تمس بنا كفلسطينيين في هذه البلاد، وهو يحاصر أيضا عقل الطالب والمعلم الفلسطيني، وهذا الموقف في السؤال كما نعرف يرتبط دائما في قضايا اليهودية أكثر بكثير مما هي قضايا مدنية، فهذا يحاصر أصلا الطالب العربي، فالقضايا ليست قضايا مدنية يستطيع من خلالها الطالب الفلسطيني التعبير عن رأيه، وهذا يرتبط مع كون المنهاج بعيدا عن واقع الطالب الفلسطيني، ولذلك يواجه الطالب صعوبات في ربط المنهاج بواقعه، لذلك أي تعبير عن موقف سيكون ركيكا بهذا التوجه الذي يقدم عليه بينيت، فهو يشرعن التحريض والعنصرية وتحويلها إلى ثقافة في المدارس اليهودية على حساب الطالب العربي الفلسطيني، وكذلك تشكل عقبة أمام المعلم الذي يواجه أصلا صعوبات في تمرير الرواية الصهيونية التي هي ليست روايته بل تنتزع شرعيته كصاحب وطن".

الحكم الثقافي الذاتي

وختمت المربية أبو رحمون بالقول إن "السؤال كيف يواجه هذا المشروع؟ أرى أنه علينا تحدي هذه الوزارة والمؤسسة التي تحاول محاصرتنا من خلال المنهاج، قبل أن نطرح البدائل وهذا يتم من خلال برنامج نضالي ضد هذه السياسية، ويمكن أن يكون هذا النضال تحت إطار الحكم الثقافي الذاتي، إذا ملكنا مشروعا كهذا يمكن تنفيذه من خلال بناء مؤسسات وطنية تحمل الهم الوطني، وتكون شريكة في وضع مناهج وقيم وروايات تندرج تحت مفهوم المناهج في المدارس، كما أن لجان أولياء أمور الطلاب يمكن أن تؤخذ دورها في تعديل 20% من المنهاج، والعامل الأخير هم المعلمون، فعلى المعلم تقع مسؤولية كبرى، إذ كيف يمرّر هذا المنهاج وهذا الحصار قائم على المعلم الفلسطيني، وأؤكد أنه حان الوقت أن يلعب المعلم دور من يملك بوصلة وطنية واضحة وهذا ليس سهلا، ولا أزاود على المعلم الذي ينبغي عليه تعليم هذه المواد من أجل نجاح الطلاب، ولكن في الوقت ذاته فإن المعلم غير متنكر لذاته وشعبه وقضيته، وهناك مساحة لفعل ذلك".

موقف عنصري

وقال رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، المربي محمد حيادري، لـ"عرب 48" إن "المشكلة تكمن أصلا في أسئلة المواقف التي تقدمها الوزارة في هذه الامتحانات، لأن السؤال يتطلب الإجابة".

وأضاف أن "الإجابات التي كانت تحتوي مواقف عنصرية، سابقا، حظيت بتساهل من الوزارة ولم تُلغ، وهنا تتحول الوزارة كمربية للعنصرية رغم أنها ادعائها أنها تعارض العنصرية. هذه السياسة مرفوضة والطلاب يفضلون الأسئلة التي تستوجب إجابات تشمل المعلومات وليس أسئلة الرأي وعدم إتاحة الفرصة لإجابات تحتوي على مواقف عنصرية".

أسرلة المدارس العربية

وقال رئيس الاتحاد القطري للجان أولياء أمور الطلاب العرب، أحمد جبارين، لـ"عرب 48" إن "قرار السكرتاريا التربوية في وزارة التربية والتعليم إلغاء الحظر عن الإجابات وتغيير طابع السؤال يشير إلى أن الوزارة مستمرة بنفس السياسة التي تنتهجها كافة الحكومات السابقة بهدف أسرلة جهاز التعليم بالمجتمع العربي والسيطرة عليه في كافة المجالات".

وأكد أن "هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة خطوات لتوسع الفجوة بين المجتمعين العربي واليهودي بالبلاد وزرع روح الكراهية بينهما. وبالطبع هذا القرار مرفوض من طرفنا نحن كلجان أولياء أمور الطلاب العرب في هذه البلاد".

وطالب جبارين بالعمل على إلغاء هذا القرار والبحث عن برامج تعليمية تعمل على خلق روح الاحترام ونبذ كل مظاهر العنصرية.

وأشار إلى أن "الوضع القائم بالسكرتاريا التربوية بالوزارة غير سليم بسبب تسلط الوزارة عليها حسب أجندتها، ويتوجب العمل على تغيير ذلك، وإشراك المجتمع العربي بكافة شرائحه من الأكاديميين واللجنة القطرية للجان أولياء الأمور ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي ببناء برامج ومضامين الكتب التي تدرس لأبنائنا".

وتطرق جبارين إلى الالتماس الذي تقدم به أعضاء القائمة المشتركة لإعادة بناء المجلس التربوي الاستشاري، وقال إن "هذا الالتماس حث الوزارة على إعادة هيكلة هذا المجلس الاستشاري من جديد، والذى يمكن من خلاله المشاركة في قضايا التعليم بالمجتمع العربي، ورغم أن هذه الخطوة محدودة الصلاحيات، إلا أنها تبقى المنفذ العملي الوحيد الذى يمكن التأثير من خلاله على البرامج التعليمية، وخاصة في موضوع المدنيات وكل ما يتعلق بتعليم هوية المجتمع العربي بالبلاد. ونحن باللجنة القطرية للجان أولياء الأمور مستعدون للعمل بشراكة مع الوزارة لمصلحة أبنائنا وفقا لثوابتنا وانتمائنا، ويدنا ممدودة دائما لترجمة هذه النوايا للعمل بشكل فعلي".

اقرأ/ي أيضًا | التعليم العربي وآثار وصاية "الشاباك"

اقرأ/ي أيضًا | بينيت يلغي حظر الإجابات العنصرية في البجروت