يُواصل العرب الفلسطينيون في أراضي 48 تمسكهم في الأرض أو ما تبقى منها، ويتصدون للمصادرة والاقتلاع وخصوصا في منطقة النقب، جنوبي البلاد، في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية استفزازاتها وممارساتها لتهويد المكان واقتلاع أهالي بلدات أم الحيران والعراقيب والزرنوق ورأس جرابا، وتهجير أهلها وهدمها وإقامة مستوطنات يهودية على أنقاضها.

وأسوء ما في الاتفاق الذي أبرمته السلطات الإسرائيلية مع أهالي قرية أم الحيران المهددة بالاقتلاع والتهجير، فجر اليوم الأربعاء، أنه يفتح الباب على مصراعيه أمام جرائم اقتلاع وتهجير لبلدات عربية أخرى في النقب، إلى جانب أضراره وتبعاته على أهالي أم الحيران أنفسهم.

النقب ما قبل نكبة العام 1948

كان عدد السكان العرب البدو في النقب قبل العام 1948 ما يقارب 90 ألف نسمة، وتنظموا في 95 قبيلـة. وأغلبيّـة بـدو النقـب فروا أو طـردوا خلال النكبة في العام 1948 وبعدها، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة المحيطة وفي المناطق الفلسطينيّة التي لم تحتلها إسرائيـل في العـام 1948. وهكـذا، لم يبق منهـم في النقب مع حلول العـام 1952 إلا 11 ألف نسـمة.

سـيطرت السلطات الإسرائيليّة على معظم أراضي النقب، وهكذا فقد البدو حريّة الحركة مع قطعانهم وحريّة زراعة أراضيهم. وتم إبعاد 12 قبيلة من القبائل الـ19 المتبقية في النقب عن أراضيهم، وُحصر السـكان كافة في منطقة مغلقة معدة لذلك شرق شمال النقب تمثل %10 فقط من الأراضي التي سيطروا عليها قبل العام 1948. بالإضافـة إلى ذلك، ُوضعوا تحت حكم عسـكري حتى العام 1966، وهو ما عنى أن أنهم لم يسـتطيعوا العودة إلى أراضيهم وزراعتها، وأنهم كانوا منعزلين عن السكان الفلسـطينيين في أرجـاء أخرى من البـلاد، وأنهم كانوا بحاجة إلى تصاريـح خاصة لمغادرة القطاعـات المعـدة لهم مـن المنطقة المغلقة من أجـل الوصول إلى أماكن العمل، والدراسـة، والرعايـة الصحيّة، والأسـواق، وغيرها.

مثلت التقييدات التي فرضتهـا الحكومة الإسرائيليّة نوعا من الإقامة القسريّة والتي أنهت، عمليٍّا، نمط الحياة المتنقل وشبه المتنقل.

ظلم وقهر

واعتبر نجل الشهيد يعقوب أبو القيعان، الطالب الجامعي نور أبو القيعان، من أم الحيران مسلوبة الاعتراف في النقب، جنوبي البلاد، "الاتفاق" الذي أبرمته السلطات الإسرائيلية ووقع عليه نحو 170 مواطنا من القرية ويهدف إلى إخلائها ونقل أهلها إلى حارة 12 في قرية حورة خلال شهور، على أن تقام على أنقاضها مستوطنة "حيران" لليهود، بأنه "تكريس لسياسة وممارسات الظلم والقهر التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب في النقب".

وقال أبو القيعان لـ"عرب 48" إن "الاتفاق الذي فُرض علينا كان من المزمع تنفيذه منذ أعوام، غير أن رفضنا وصمودنا في أم الحيران منع ذلك، لكن السلطات الإسرائيلية مارست كل أنواع الضغط لتهجيرنا من أرضنا، وبالتالي حصلت المواجهات في 18.01.2017 وخسرنا والدي الشهيد المربي يعقوب أبو القيعان الذي قُتل برصاص الشرطة الإسرائيلية بدم بارد".

وعن المسار القضائي، قال إن "المسار القضائي وصل إلى طريق مسدود بعد صدور قرار المحكمة العليا بإخلاء أم الحيران. المحكمة أقرت تهجيرنا من أرضنا وتوطين اليهود بدلا منا".

وأضاف أنه "لا نريد تكرار ما حدث، ولا نريد أن تراق دماء أهلنا، وبقينا وصمدنا لوحدنا في أم الحيران، ولذلك أجبرنا على القبول بالاتفاق مكرهين، الكل في الدولة ومؤسساتها ضدنا ونحن نقف لوحدنا في قرية لا تتجازو الأف نسمة".

وختم أبو القيعان بالقول إن "أهالي أم الحيران مروا في ظروف قاهرة وعصيبة، وفي قلوبنا غصة وشعور بالظلم والقهر، وسنهجر بيوتنا وأرضنا وننتقل إلى حورة وسنقبل هذه الكارثة كي لا تقع كارثة أكبر علينا".

اقرأ/ي أيضًا | أهالي أم الحيران: أُرغمنا بالتوقيع على إخلاء منازلنا والانتقال إلى حورة

وفي نفس السياق، قتلت الشرطة الإسرائيلية برصاصها، الشهيد المربي يعقوب أبو القيعان، خلال اقتحامها لقريته أم الحيران، وهدمت 12 منزلا و8 منشآت زراعية في 18.01.2017 وترك جثمانه داخل سيارته المحاصرة بقوات من الشرطة والوحدات الخاصة ومنعت أهله من الاقتراب من المكان.