شكّل مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" الذي طرحه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، تحديا كبيرا أمام المحكمة العليا، خاصة فيما يتعلق بتغيير موقف المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، والذي عمد إلى تغيير موقفه الذي قدمه أمام لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ21، قبيل جلسة المحكمة العليا، يوم الخميس الماضي.

واضطر "عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" إلى توسيع ادعائه حول دستورية البند السابع من قانون الانتخابات (والذي ينص على منع أي قائمة من الترشح إذا تعارضت مع الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل)، ضمن استئناف تحالف الموحدة والتجمع على قرار شطبه قائمته الذي اتخذته لجنة الانتخابات المركزية.

وقال مدير مركز "عدالة"، المحامي حسن جبارين، لـ"عرب 48": "فيما يتعلق بقرار منع عوفر كسيف من الترشح، ينص القانون على أن من يستأنف على منع فرد من الترشح على لجنة الانتخابات أن تحضر طلبها إلى المحكمة العليا لتقر قرار اللجنة أو تنقضه، أي أن العليا شريكة في القرار حول قرار شطب مرشح، ولا يمكن لقرار شطب مرشح أن يكون نهائيا بدون قرار المحكمة العليا. أما فيما يتعلق بشطب قائمة فإن قرار لجنة الانتخابات هو قرار نهائي، ونحن نستأنف لنقض هذا القرار. وبطبيعة الحال من الأسهل مواجهة الرد على طلب الكنيست في حالة كسيف، وفي حالة تحالف الموحدة والتجمع نحن نستأنف للعليا لإبطال القرار، وطبيعة الادعاء تكون أصعب في حالة الاستئناف من حالة إقرار القرار. قدمنا ادعاء بشكل أساسي في الاستئنافين حول عدم شرعية لجنة الكنيست لشطب قوائم أو مرشحين، لأنها بطبيعة الحال هي تركيبة لمن ممثلي الأحزاب بالكنيست، وفي هذه الحالة تستطيع الأغلبية أن تشطب الأقلية سواء كانت أقلية قومية أو سياسية، وهذه الوضعية غير قائمة في العالم، بمعنى أن يتمكن الائتلاف الحكومي من شطب منافسين له أو شطب أقلية سياسة وقومية، ومن هنا طعنا ضد صلاحية لجنة الانتخابات المركزية، ولأول مرة نستخدم هذا الطعن في صلاحية لجنة الانتخابات".

"عرب 48": كيف واجهتم التحول في موقف المستشار القضائي للحكومة حول قائمة تحالف الموحدة والتجمع؟

جبارين: عشية الاستئناف لقائمة تحالف الموحدة والتجمع، قدم المستشار القضائي للحكومة موقفا جديدا لا يتماشى بتاتا مع موقفه أمام لجنة الانتخابات، والتي ادعى فيه، في حينه، أنه لا وجود لبينات بأن قائمة الموحدة والتجمع تخالف القانون، وغالبية الادعاءات والبينات التي طرحت عولجت في جلسات سابقة ولم تقر المحكمة في حينه شطب قائمة التجمع. هذا كان موقف المستشار القضائي أمام لجنة الانتخابات، وهذا الموقف تجانس مع موقفنا.

"عرب 48": إذا ما الذي تغير، لم يكن هناك أي مستجد فلماذا طرح المستشار القضائي مشروع قانون التجمع "دولة كل مواطنيها"؟

جبارين: عشية الجلسة، قدم المستشار القضائي ورقة جديدة ادعى فيها أنه بالإمكان شطب التجمع، ولو كان التجمع يخوض الانتخابات بقائمة منفردة لوحده لأخذنا بعين الاعتبار إمكانية شطبه، والسبب الرئيسي تقديم مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" الذي يشير إلى البرنامج السياسي للتجمع، والذي لم يقر أبدا أمام المحكمة، والذي يطالب عمليا بإلغاء "قانون العودة" لليهود بشكل مباشر، ولذلك بالإمكان شطب التجمع، ولكن بما أن التجمع يخوض الانتخابات بقائمة تحالفية مع القائمة العربية الموحدة ولا توجد طلبات لشطب الأفراد في التجمع، فلا يوجد قانونيا أي فصل للتجمع عن الموحدة، ولا يوجد أي مبرر لأن تدفع الموحدة الثمن. وموقف مندلبليت كان مفاجئا وغير مبرر وأسباب التغيير غير معروفة لنا.

"عرب 48": لكن مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" خضع لامتحان المحكمة العليا في التماس سابق، وقضية تعارضه مع "يهودية الدولة"، فلماذا الآن؟

جبارين: نعم، هذا صحيح، ولكن ادعاء المستشار القضائي للحكومة هذه المرة يقول إن التجمع لم يقل في أي مرة إنه ضد "قانون العودة" (لليهود)، وهذا أيضا غير صحيح. التجمع كان دائما يقول إنه ضد أي قانون يميز في المواطنة. ولم يكن هناك أي تفسير واضح لتغيير موقف المستشار القضائي للحكومة، خاصة وأن الليكود أثار الضجة حول مشروع قانون التجمع "دولة كل مواطنيها"، لذلك لم يكن أي تفسير واضح لتغيير موقف مندلبليت.

"عرب 48": وهل تطلب ذلك إجراء تغيير في إستراتيجية الدفاع القانوني من قبكم؟

جبارين: نعم، بالتأكيد، بما أن المستشار القضائي وسع من ادعائه حول مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" الذي بتت فيه المحكمة في العام 2002، فلذلك ادعينا بدورنا لتوسيع الدائرة ضد بند قانون 7 أ والذي ينص على منع قائمة من الترشح في حال كان ضمن برنامجها ما يتناقض مع كون الدولة يهودية وديمقراطية، ولأول مرة نثير عدم دستورية هذا البند، لأنه يطلب من العرب شرط الولاء للصهيونية.

"عرب 48": لكنهم يمكن أن يدعوا كما نسمعهم دائما بأن الديمقراطية تدافع عن نفسها؟

جبارين: الجواب حاضر، الصهيونية تتحصن وراء هذا البند وليس الديمقراطية، وهذا ينافي القانون الدولي، لأن القانون الدولي يقول إن أية أقلية قومية بل حتى أي فرد يحق له أن يخوض الانتخابات بشكل متساو، ويمنع طلب الولاء من أحد، وكذلك الدولة لا تطلب الولاء من المتدينين اليهود غير الصهيونيين، ولهذا طعنا بعدم دستورية البند 7 أ، ولذلك المحكمة قالت إننا نثير قضية للمرة الأولى منذ 20 عاما، وكان جوابنا نعم، وهذا رد طبيعي جاء بعد إثارة المستشار القضائي هذه القضية مجددا ويرفض القرار السابق من العام 2002، وهي وضعية صعبة تفضل فيها المحكمة العودة إلى البت في قضايا البينات بدل خوض الصراع الدستوري في قضيتين، "دولة كل مواطنيها" من جهة وفقا لادعاء المستشار القضائي، ومن جانب آخر الادعاء الذي قدمناه حول عدم دستورية البند 7 أ، ولذلك طلبت المحكمة العودة للبت في قضايا البينات التقنية، مع إبقاء ادعائنا قائما في حال طلبت المحكمة البت في قضية قانون "دولة كل مواطنيها"، وبالتالي عدنا إلى صراع البت في البيانات في الأمور التقنية، مع إبقاء الرسالة مفتوحة في قضية الإيديولوجيا.

"عرب 48": كيف ساعد هذا الادعاء بقبول الاستئناف؟

جبارين: لو أبقينا ادعاء المستشار القضائي دون توسيع ادعاء من جانبنا، لاضطررنا بالإجابة على أسئلة حول تناقض مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" مع "يهودية الدولة"، ولمنع أي نقاش من هذا النوع قمنا بتوسيع الدائرة حول عدم دستورية البند 7 أ، وليس من باب الصدفة أن يصدر القرار بأغلبية 8 ضد واحد ولم يتماش مع اقتراح المستشار القضائي أنه بالإمكان شطب التجمع، وهكذا تمكنا من محاصرة تغيير موقف المستشار القضائي للحكومة في رده.

"عرب 48": هل ما ادعيته حول عدم صلاحية لجنة الانتخابات ما زال قائما؟

جبارين: نعم، هذا الادعاء قائم وكذلك الادعاء حول عدم دستورية البند 7 أ قائم، فيما لو دخلت المحكمة العليا في موضوع قانون "دولة كل مواطنيها"، فعمليا المحكمة أمام خيارين إما أن تخوض في قضايا تعتبرها موادا متفجرة، أو أن تبقى ضمن إطار قواعد البينات والتقنيات، وهذا يمنحنا وضعية قانونية أفضل لعدم الخوض في مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" الذي يتنافى عمليا مع كل قانون لا يساوي بين المواطنين، مثل "قانون العودة" (لليهود) أو أي قانون لا يعتبر المواطنة أساسا للحقوق.

اقرأ/ي أيضًا | "عدالة" يلتمس للعليا ضد منع رئاسة الكنسيت طرح قانون "دولة كل مواطنيها"