بعد عامين من دفع القسط الأول في عملية شراء قسائم البناء في ضاحية رقم 6 في مدينة رهط بمنطقة النقب، ألغت ما تسمى "سلطة تطوير النقب"، قبل أيام، تسويق قسائم البناء للأهالي دون الخوض في الأسباب أو إعطاء أجوبة لسكان رهط، ووفقا للسلطة إياها فإنها ستعيد مبلغ القسط الأول وقدره 75 ألف شيكل لكل مستحق.

وأثار إلغاء تسويق ضاحية رقم 6 في رهط حالة من الاستياء بين الأهالي الذين كانوا ينتظرون تسويق القسائم منذ عامين، وطالب العديد من الأهالي بالتوجه إلى القضاء بشكل جماعي ضد قرار إلغاء تسويق قسائم البناء في ضاحية 6، والأضرار التي ألحقت بالمستحقين.

وأعلن رئيس بلدية رهط، فايز أبو صهيبان، في أعقاب القرار أحادي الجانب من "سلطة تطوير النقب" بإلغاء تسويق الضاحية 6، قرار إدارة البلدية بالمقاطعة التامة والانفصال عن "سلطة تطوير النقب" وعدم التعامل معها في أي قضية مستقبلية، والتوجه إلى الوزارات والقضاء لتحصيل الحقوق والخدمات والتصاريح.

ودعا أبو صهيبان رؤساء السلطات المحلية في النقب لاتخاذ القرارات في مجالسهم المحلية وإيقاف التعامل مع "سلطة تطوير النقب".

ولاقت الخطوة التي تعتبر الأولى من نوعها في النقب تأييدًا شعبيًا على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الحلقات المحلية، واعتبرها البعض خطوة تاريخية تسجل لمدينة رهط، والبداية لدعوة عامة في النقب لمقاطعة "سلطة تطوير النقب" والمطالبة بإلغائها وإنهاء عملها في أعقاب جرائم هدم البيوت والملاحقة والتحريض على العرب في النقب.

إلغاء مرفوض

وقال عضو بلدية رهط، سليمان العتايقة، لـ"عرب 48" إنه "تم تسويق ضاحية 6 قبل عامين ودفع أكثر من ألف إنسان من مدينة رهط مبلغ 75 ألف شيكل، واليوم بعد معاناة الناس وانتظارهم ألغت السلطة تسويق الضاحية، هذا الأمر مرفوض. السلطة تدير مفاوضات مع السكان الأصليين للضاحية الجديدة منذ 13 عامًا ولم تتوصل لاتفاق وهذا غير معقول".

سليمان العتايقة

وأضاف: "نثمن قرار البلدية بوقف التعامل مع السلطة لأن السلطة تتعامل مع بلدية رهط بعقلية الحاكم العسكري وتعتقد أنها الآمر الناهي في التسويق وكل قضايا الأرض، ومن غير المقبول علينا في رهط اتخاذ قرارات مصيرية لحياة مواطنينا على أيدي عناصر خارجية لا تشركنا ولا ترانا. على السلطة مراجعة حساباتها لأن المرحلة المقبلة في النقب ستكون المقاطعة التامة لها في كل مضارب البدو في النقب والضغط لإغلاقها بكل الطرق".

تخطيط غير ملائم

وقال مسؤول ملف الإسكان في بلدية رهط، عطا أبو مديغم، لـ"عرب 48" إن "التخطيط في ضاحية 6 بدأ قبل أكثر من 10 سنوات، وكان تخطيطًا متخبطًا لا يلائم بالأساس احتياجات سكان مدينة رهط وواقعهم. الضاحية مكونة من 1,400 وحدة سكنية وليس قسيمة بناء. الوحدات صغيرة نسبيا والبناء سيكون على نمط العمارات والطوابق. طلبنا منذ بداية العمل الأخذ بالاعتبار وضع الناس هناك، ومع توسع المدينة دخلت عدة تجمعات سكانية في ضواحي رهط ضمن الخريطة الهيكلية وفي حدود المدينة. لا نستطيع تجاهل هؤلاء ورفضنا تجاهلهم، بالمقابل بالفعل قامت سلطة تطوير النقب بتجاهل السكان ولم تقدم حلولًا كافية".

عطا أبو مديغم

وأضاف أن "المسألة هي عدم توصل السلطة إلى حل مع سكان الضاحية، وبالرغم من ذلك تم تسويق الوحدات السكنية قبل عامين. الكذبة الثانية كانت في تقسيم الضاحية، فقد قسمت الضاحية إلى 500 وحدة سكنية لسكان الضاحية و500 وحدة سكنية لمن هم خارج الضاحية، بالرغم من عدم كفاية 500 وحدة للسكان في الضاحية. إذا عدنا للرقم الأساس فقد قدم 2,400 مواطن طلبات للحصول على وحدات سكنية، و1,500 مواطن منهم تقريبا دفعوا القسط الأول، 75 ألف شيكل، وفي حين أن المجال بالضاحية لا يتسع لتسويق 500 وحدة سكن لمواطنين من رهط فهذا يعني أن 1,000 مواطن دفعوا القسط الأول ولا تتوفر قسائم بناء لهم، وهذا خطأ السلطة، وهو غير معقول".

تضارب وضرر

وقالت المربية فريدة القريناوي، من المتضررين من قرار "سلطة تطوير النقب" إلغاء تسويق وحدات السكن بالضاحية، لـ"عرب 48" إنه "منذ العام 2017 ننتظر، أنا وعائلتي المكونة من 9 أفراد، الحصول على قسيمة بناء ودفعنا الرسوم الملائمة عبر الحصول على قروض بنكية والتزامات شخصية إلى جانب الضغط والأذى النفسي الذي نعانيه بعد هذا الانتظار ووقف التسويق".

حارة جديدة في رهط (تصوير "عرب 48")

وأضافت أن "الأخبار المتضاربة تتناقل بين الناس حول أسباب إلغاء التسويق، فتارة تلقي المسؤولية على البلدية، وتارة أخرى على السلطة، وما زال السبب الحقيقي غير معروف لنا، هل هو بسبب عدم التوصل لحل مع القاطنين في الضاحية أم هي محاولة لتخصيص الضاحية لمجموعة معينة أو لعائلة معينة من رهط؟ ومن ثم هناك حجة أن الضاحية ستفتح للبناء العامودي (طوابق) وهذا لا يناسب طبيعة المجتمع العربي في النقب، ولكن نحن نعلم من سيسكن إلى جانبنا بالوحدات السكنية، هناك إمكانية للاختيار".

وختمت القريناوي بالقول: "نطالب بوقفة جدية من الأهالي والقيادة، ونطالب إدارة بلدية رهط بالصدق والوضوح لأنه لا يمكن أن تكون السلطة والقيادة ضدنا في آن واحد. لن نقبل بتدمير مستقبلنا ومستقبل أبنائنا الذي حلمنا به لسنوات. لماذا يعيدون القسط الأول الذي دفعناه؟ إذا كانت مشكلة بالتخطيط فليخططوا من جديد وليبقوا من أتم دفع القسط في قائمة الاستحقاق. لقد قمنا بمجهود كبير لبلوغ هذه المرحلة، والآن نخسر ما بنيناه منذ أعوام".

انفصال عن السلطة

وقال أحد المتضررين من إلغاء تسويق ضاحية 6 في رهط، الناشط السياسي سليمان النصاصرة، لـ"عرب 48": "أنا والد لثمانية أبناء، وأبنائي أصبحوا بالغين وما زلنا حتى اليوم بلا بيت خاص بنا بسبب الضائقة السكنية في رهط".

سليمان النصاصرة

وأضاف أنه "دفعت القسط الأول للوحدة السكنية في ضاحية رقم 6 قبل عامين، ومنذ تلك اللحظة ونحن في انتظار استكمال العملية وتحصيل قسائم البناء الخاصة بنا، لكن فوجئنا بقرار السلطة إلغاء تسويق الضاحية وهذا سبب لي ولعائلتي ضررًا كبيرا جدًا. لا أعلم ما الأسباب الكاملة التي تقف وراء إلغاء التسويق، ولكن أعلم أن أجندة السلطة ستبقى دائمًا إنهاء قضية القرى، مسلوبة الاعتراف، عبر إسكان أهلها في البلدات والمدن المخططة".

وختم النصاصرة بالقول إنه "أكدنا سابقًا أن الموقف الوطني قبل المشاكل الحياتية يحتم علينا مقاطعة ما تسمى سلطة تطوير النقب، والطريقة الوحيدة لتغيير واقعنا هي الانفصال عن السلطة في كل قرى النقب والضغط على الدولة حتى إغلاقها وإنهاء عملها".

اقرأ/ي أيضًا | مياه الشرب بالنقب: صعوبة في الحصول عليها ودفع أثمانها

اقرأ/ي أيضًا | "برافر الجديد": مخططات تهجير النّقب تبتلع 400 ألف دونم!

اقرأ/ي أيضًا | النقب: ثلاث قرى عربية عايشت التمييز وتواجه شبح التهجير