لا تعير السلطات الإسرائيلية اهتمامًا لنحو 90 ألف مواطن عربي في منطقة النقب، جنوبي البلاد، إذ لا يزال المواطنون العرب في القرى مسلوبة الاعتراف دون ملاجئ أو غرف آمنة، منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على عكس البلدات الإسرائيلية في الشمال والجنوب، التي تتوفر فيها ملاجئ قريبة وكافية لحماية المواطنين من القذائف الصاروخية.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وتعرض المواطنون العرب في النقب لسقوط صواريخ جراء الحرب على غزة، إذ تقطن عشرات الآلاف من المواطنين العرب في القرى مسلوبة الاعتراف داخل مبان من صفيح وأخشاب ومنازل قديمة بسبب عدم اعتراف السلطات الإسرائيلية بهم وحرمانهم من أبسط الحقوق الحياتية، بالإضافة إلى ذلك تهدم السلطات الإسرائيلية المساكن العربية بشكل شبه يومي في النقب.

وقدمت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني وبعض الشخصيات من النقب التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية في مدينة القدس، وذلك للمطالبة بتوفير ملاجئ ومناطق محمية للأهالي في القرى غير المعترف بها والمعترف بها في النقب، حيث يصل عدد السكان الذين يعيشون في القرى غير المعترف بها إلى 90 ألف مواطن من أصل قرابة 320 ألف مواطن يسكنون في النقب، موزعين على عشرات القرى غير المعترف والمعترف بها إسرائيليًا.

ويعيش السكان في القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، في الخيام والمساكن المتواضعة المصنوعة من الأخشاب والنايلون، وذلك بسبب عدم الاعتراف بهم من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ 76 عامًا، على الرغم من وجودهم على هذه الأرض قبل قيام دولة إسرائيل.

وفي حديث مع الناشطة ابنة النقب والعضو في جمعية حقوق المواطن، هدى أبو عبيد، قالت لـ"عرب 48" إن "مجموعة من الجهات ممثلة في جمعيات مجتمع مدني مختلفة وجمعيات حقوقية، بالإضافة إلى مواطنين بشكل شخصي، قدمت الاستئناف للمحكمة العليا، ونحن نتابع مجموعة من القضايا المختلفة، وذلك منذ عدة سنوات وليس وليدة اليوم، وذلك في محاولات لتحقيق بعض حقوق أهالي النقب الذين يعيشون وسط أجواء ومناطق صعبة تفتقر لأبسط الأمور الحياتية الأساسية والضرورية".

هدى أبو عبيد

وأضافت أنه "منذ بداية الحرب والأهالي في النقب يعانون من قلة الملاجئ والمباني المحصنة التي من الممكن أن تحميهم من القصف والصواريخ، خاصةً أن الكثير من أهالي النقب تعرض لإصابات أو فارق الحياة بسبب عدم تأمين مبان محصنة لتحميهم. نحن لا نتحدث عن هذه الحرب فقط إنما ما يحصل على مدار سنوات وليس وليد هذا العام. هذا الإهمال مستمر منذ سنوات، ونحن خضنا العديد من النضالات من أجل انتزاع الحقوق عن طريق المحاكم وطرق أخرى".

وعن غرف الملاجئ التي تم وضعها في بعض الأماكن، أوضحت أبو عبيد أن "قضية الملاجئ التي تم وضعها مثيرة للسخرية، إذ أن الملاجئ تم وضعها قرب محطات الحافلات، والتي يتوقف بها الأطفال لدقائق معدودة، ولكن في القرى والمنازل والأحياء التي يقضي بها الأطفال كل أوقاتهم لا يوجد أي مكان آمن للأطفال والأهالي لتحميهم من الأخطار".

وأشارت إلى أنه "في بداية الحرب ومع استمرارها تم إحضار نوع من الأسفلت الذي يستخدم لأودية واعتبروا ذلك أماكن محصنة للأهالي وهذا مستغرب ومستهجن، وتم استخدامه في القرى العربية فقط، بينما في المناطق الأخرى لم يستخدم بها شيء من هذا القبيل، وخسارة على المبالغ التي دفعت على مثل هذه الأمور التي لا تلبي الغاية".

وقالت أبو عبيد إنه "من ضمن تعليمات وزارة الأمن والجبهة الداخلية الإسرائيلية للأهالي في النقب، أن يخرج الناس من المنازل عند سماع صافرات الإنذار، وكأن هذه الوزارة لا تعرف أن الأهالي في القرى غير المعترف بها يسكنون في منازل من بنى خفيفة ما يُعرف بالصفيح (زينكو)، وهي خطر على الأهالي، وأيضًا في هذه المناطق لا يوجد صافرات انذار، ما يحصل مستهجن وغريب واستخفاف بحياة الأهالي، الحالة في النقب والقرى غير المعترف بها معقدة وصعبة".

وعن عدد السكان الذين يعيشون في القرى مسلوبة الاعتراف، أكدت أبو عبيد أن "عدد سكان النقب بشكل عام 320 ألف مواطن عربي، من بين هؤلاء قرابة 90 ألف في القرى غير المعترف بها، أي معنى ذلك أنهم يسكنون في مبان خفيفة أو خيام بسبب عدم الاعتراف بهم وبأراضيهم، والقرى المعترف بها لا يوجد بها ملاجئ محصنة تحمي المواطنين".

وقال الناشط السياسي، خالد أبو سكوت، لـ"عرب" إن "المجتمع العربي في النقب منذ العام 1948 وهو على هامش المجتمع في البلاد، وذلك في مختلف جوانب الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية والصحة والرفاه الاجتماعين بسبب سياسات وممارسات عنصرية تنتهجها السلطات الإسرائيلية. المجتمع العربي في النقب على هامش الحكومات الإسرائيلية والأهالي الذي يسكنون في القرى غير المعترف بها هم ضحية هذه السياسات، وبالتالي هم عرضة للخطر من الصواريخ بسبب السياسات الإسرائيلية المتبعة ضدهم، والتي لا تعترف بهم، وهذه الحكومات لن تعمل على توفير أماكن آمنة للمواطنين الذين لا تعترف بهم".

وحول القرى مسلوبة الاعتراف، أوضح أن "الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ سنوات تعمل على إفراغ أهالي القرى غير المعترف بها، عبر عدة محاولات ومنها جمع كل المواطنين في النقب في القرى المعترف بها، حيث يتم اتباع سياسة أكبر عدد سكان عرب مككن على أقل مساحة أرض. الصراع بين المواطنين العرب والدولة على الأرض بالأساس، لذلك الحكومات لا تعير أي اهتمام للأهالي في القرى غير المعترف بها، وذلك حتى يخرجوا منها".

وفي سياق قضية الملاجئ، لفت أبو سكوت إلى أن "قضية الملاجئ وتوفيرها ليست معضلة حقيقية، كما معضلة أوامر الهدم، والهدم الحقيقي للأهالي في النقب، إذ أن وتيرة عمليات الهدم ارتفعت بشكل كبير جدًا في النقب خلال الحرب، وهذه معضلة ومشكلة أكبر من مشكلة الملاجئ، إذ أنه يتم قتل الإنسان عبر هدم منزله وتركه بالعراء، وهذا يحصل بشكل يومي في النقب، واليوم يتم الهدم بشراسة ودون حديث أو محاولات لمنع الهدم".

خالد أبو سكوت

وأكد أنه "في قضية الملاجئ أول من دفع الضريبة هم أهالي النقب، الذين يعيشون في بيوت من صفائح لا تقي من البرد، فكيف الأمر عندما تسقط القذائف الصاروخية، لا شيء يحمي أهالي النقب وما يحصل لهم متعمد حتى يتم تهجيرهم من بلداتهم وأراضيهم".

وأشار إلى أن "ما تسمى القبة الحديدية لا تعمل في المناطق العربية في النقب، وهي تعمل فقط في المناطق التي توجد بها معسكرات أو بلدات يهودية، إذ أن القبة الحديدية يتم توجيهها للتمييز بين المناطق العربية واليهودية، خاصةً أن القرى غير المعترف بها يتم تصنيفها كمناطق مفتوحة وبالتالي هي عرضة لسقوط القذائف الصاروخية منذ بداية الحرب على غزة ومنذ عقود عدة".

وختم أبو سكوت بالقول إن "المحاكم الإسرائيلية تعمل كما تريد الدولة، وهي جزء من الدولة وعلى مدار السنوات لم تنصفنا هذه المحاكم ولا نتوقع منها أن تنصفنا اليوم، من أجل توفير ملاجئ لحماية عائلاتنا في القرى غير المعترف بها".

اقرأ/ي أيضًا | العفو الدولية: على إسرائيل توفير وسائل الحماية والملاجئ في القرى العربية بالنقب