قانون إبعاد أفراد عائلات منفذي عمليات.. مواطنة مشروطة وتعميق سياسة الفصل العنصري
صادقت لجنة الكنيست، يوم الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون قدمه عضو الكنيست حانوخ ميليفتسكي، من حزب الليكود، مع أعضاء كنيست آخرين من أحزاب الائتلاف، يقضي بـ"طرد أفراد عائلات منفذي العمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية من البلاد، إذا كان لديهم علم مسبق بالعملية أو بتمجيد وتأييد العملية بعد تنفيذها".
وادعى مندوبو جهاز الأمن العام (الشاباك) خلال مداولات في الكنيست وُصفت بأنها "سرية"، أن إبعاد والد ووالدة منفذي عمليات مسلحة ضد اهداف إسرائيلية عن البلاد يمكن أن يكون "أداة ردع ناجعة"، إذا فُرض على الوالدين فقط شريطة أن يكونا على علم بتنفيذ ابنهما العملية أو أنه تعين عليهما العلم بذلك.
وقال مندوبو جهاز الأمن العام (الشاباك) إنهم يؤيدون سريان القانون على والدي منفذ العملية وليس على أشقائه أو أولاده أو زوجته، فيما طالب أعضاء كنيست من حزب "عوتسما يهوديت" بإبعاد جميع أفراد العائلة وقالوا إنه لا فرق بين إخوة، وأولاد، وزوجة، وأبوين.
وصادقت لجنة الكنيست على مشروع القانون بصيغته الأصلية التي تعطي وزير الداخلية الحق بطرد فرد من عائلة منفذ عملية إذا كان قد "علم مسبقا بخطته لتنفيذ عمل إرهابي، أو عبر عن تماثل مع العمل الإرهابي، أو نشر مديحا له، أو إعجابا أو تشجيعا للعمل الإرهابي". وسيطرح القانون للتصويت عليه في الهيئة العامة للكنيست.
وقالت المحامية هديل أبو صالح من مركز "عدالة" الحقوقي، في حديث لـ"عرب 48" إن "نص القانون يتطرق إلى حالات فردانية من أفراد عائلة منفذ العملية، ولكنه يجيء تحت مسمى طرد العائلات، لأن العائلة تقع تحت طائلة هذا القانون لمجرد وجود صلة قرابة مع منفذ العملية، والفحص يكون فردانيا، بمعنى أن القانون ينص على أنه في حال كان هناك فرد من العائلة على علم مسبق بنيّة قريبه تنفيذ عملية عدائية ولم يقم بالتبليغ عنها، أو قام بعد تنفيذ العملية بتمجيدها أو المجاهرة بدعمها فإنه يسري عليه قانون الطرد من البلاد لعدة سنوات".
وعن موقف جهاز الشاباك المؤيد لطرد الوالدين فقط، بوصفهما الأكثر تأثيرا وتأثرا من جراء قيام ابنهما بتنفيذ عملية "إرهابية"، قالت المحامية أبو صالح إن "الشاباك كان معارضا لطرح القانون بصيغته الأصلية الجارفة التي تشمل كل أفراد العائلة، من خلال اعتبارات أمنية وليست انتقامية، وخلال مناقشة القانون في الأسبوع الماضي لم يكن هناك تحديد للمدة الزمنية للإبعاد عن البلاد، لكن في النقاش الذي جرى في الجلسة الأخيرة، يوم الثلاثاء الماضي، تقرر بأن تتراوح مدة الإبعاد ما بين 5 - 15 عاما، حسب الحالة، لذلك لم تكن معارضة الشاباك مبدئية وإنما هي محاولة لإظهار نوع من الليونة في القانون".
وردا على سؤال "عرب 48" حول ما إذا كان القانون سيسري على فلسطينيي الداخل، والقدس الشرقية، أجابت المحامية أبو صالح إن "الدوافع، من خلال تصريحات أصحاب هذا المقترح، تهدف إلى الإبقاء على مواطنة أو إقامة الفلسطيني في هذه البلاد مشروطة، وواضح أن هذه السياسة بالأساس موجهة للمقدسيين، لكن حسب نص القانون فإنه يجوز أن تطبق على فلسطينيي الداخل من حملة الجنسية الإسرائيلية. بالنسبة لسكان الضفة الغربية فإنه قد يطبق عليهم، لكن إذا طبق في مناطق محتلة فإنه يعتبر جريمة حرب حسب المواثيق الدولية، وهذه واحدة من النقاط التي تطرقنا لها في رسالة مركز عدالة الاحتجاجية على هذا القانون".
وأكدت أن "هناك الكثير من القوانين العبثية التي تمرر في لجان الكنيست ولم يكن أحد يتوقع بأن تمر مثل هذه القوانين. لا أعلم إذا كان هذا القانون سيمر في الكنيست. نحن من جانبنا نقوم بالتوجه إلى كل الجهات للعمل على منع تقديم هذا القانون بصيغته المجحفة، وموقفنا منه واضح وهو أننا نعارضه بشكل مبدئي لأنه يسلب المواطن جنسيته وكل حقوقه الدستورية، ولو كان هدف الدولة مكافحة هذه الأعمال والردع فهناك وسائل بالقانون الجنائي تكفل مكافحة هذه الظاهرة، لكن من الواضح أن الهدف من هذه القوانين هو تعميق الفصل العنصري وسياسة الأبرتهايد".
وترى المحامية أبو صالح أن "إسرائيل تمعن في انتهاكات حقوق الإنسان يوما بعد يوم، من خلال التضييق على حرّيات المجتمع الفلسطيني، لتجعله يقوم بالرقابة الذاتية على سلوكيات الأفراد فيه، وهو ينعكس على حالة الاكتئاب السياسي الجماعي وعدم إبداء أي رد فعل على الجرائم والتوحش الذي يجري في قطاع غزة، والهدف من القانون تفريغ هويتنا من معناها كفلسطينيين، لأننا استطعنا الحفاظ على هويتنا طيلة هذه السنين الطويلة".
واعتبرت هذه القوانين بأنها تمس بجوهر الديمقراطية التي تدعيها إسرائيل.
وختمت الحقوقية من مركز عدالة بالقول إن "هذه القوانين لا تأخذ مبدأ الديمقراطية بعين الاعتبار، وإنما تعتمد على الاعتبار الأمني كاعتبار أساسي وحصري لاتخاذ قراراتها، وهذا واضح من خلال قانون منع إطلاق سراح الأسرى الأمنيين بشروط مقيّدة، والهدف منه تقليل الكثافة داخل السجون، وبذلك فإنهم يمسون بحقوق الأسرى بذرائع أمنية واهية بعيدة عن الواقع وعن المنطق السليم".