تعيش مدينة الطيبة في حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ فترة طويلة، ما تسبب في العديد من الإشكاليات المرتبطة بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، علمًا أن البلدية عانت على مدار أكثر من عام ونصف من غياب أمين صندوق ومدير عام، ما أثر بشكل كبير على إدارة شؤون المدينة وتقديم الخدمات الحيوية لسكانها.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

انعكس هذا الاضطراب الإداري على العديد من الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون في حياتهم اليومية. فعلى سبيل المثال، لم تُجمع النفايات في المواعيد المحددة بشكل منتظم في بعض الأحيان، ما أدى إلى تدهور مستوى النظافة في العديد من أحياء المدينة، كما أن ترميم البنية التحتية التي كانت بحاجة إلى إصلاحات منذ زمن لم يكن ضمن أولويات البلدية.

إلى ذلك، استمرت مشاكل الإضاءة العامة في عدد من المناطق، ما أدى إلى تدني مستوى الخدمات في الشوارع.

وفي الأسبوع الماضي، صوتت بلدية الطيبة على تعيين مدير عام جديد وأمين صندوق، وهي خطوة تُعد بالغة الأهمية في طريق استعادة الاستقرار الإداري في المدينة، كما جرى تشكيل ائتلاف سياسي جديد داخل البلدية، والذي يعكس الرغبة في إعادة الأمور إلى نصابها وتأهيل الخدمات الأساسية بشكل فعال.

ورغم هذه الخطوات الجديدة، لا يزال هنالك تذمر واسع النطاق بين المواطنين بسبب استمرار ضعف الخدمات وعدم تلبيتها لمتطلبات الحياة اليومية. إذ يعبر العديد من المواطنين عن قلقهم من أن هذه التغييرات الإدارية قد تكون غير كافية لإصلاح الأوضاع سريعًا، ويتطلعون إلى تحسن ملموس في الخدمات خلال الأسابيع المقبلة.

مساعي البلدية لتحسين الوضع الإداري والخدماتي

ومن جانبه، وعد رئيس البلدية بأن تكون الطيبة أفضل في الأسابيع القريبة، لافتا إلى أن تشكيل الائتلاف الأخير سيساهم في معالجة العديد من المشاكل الهيكلية والإدارية التي تواجه المدينة. فيما يتطلع المواطنون إلى أن تكون هذه الوعود بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار السياسي وتحسين الخدمات، التي لطالما كانت في حاجة ماسة إلى تطوير.

يحيى حاج يحيى

وتحدث رئيس البلدية، يحيى حاج يحيى، لـ"عرب 48" عن أهمية الخطوات الأخيرة لتحسين الوضع الإداري والخدماتي في البلدية، بالقول إن "الخطوة التي قمنا بها إيجابية لصالح الطيبة. إن تشكيل الائتلاف الجديد وتعيين أمين الصندوق والمدير العام من أبرز الخطوات الضرورية لاستعادة استقرار البلدية".

وأضاف أنه "كان من الصعب إدارة البلدية وإقامة مشاريع وتوفير خدمات من دون وجود أمين صندوق أو مدير عام"، موضحًا أن "شغور هذه المناصب تسبب بتوقف العديد من المشاريع الأساسية، بما في ذلك تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات اليومية التي يحتاجها المواطنون".

وعن الوضع المالي، أشار حاج يحيى إلى أن "الطيبة في وضع مادي صعب جدًا، لذلك يجب أن نتعاون مع جميع الأعضاء لتقديم خطة إنقاذ"، مشيرا إلى أن "العمل جارٍ للمصادقة على الميزانية في القريب العاجل بهدف تقديم خدمات أفضل لأهالي المدينة".

وحول مستقبل البلدية، ذكر أن "المرحلة القادمة ستشهد العديد من التغييرات والإصلاحات في المشاريع والخدمات. كما وعدت أهل الطيبة، وخصوصا بعد تشكيل الائتلاف، ستنشأ العديد من المشاريع قريبًا. هذه المشاريع ستساهم في تحسين أوضاع المدينة بمختلف الجوانب".

وأشار حاج يحيى إلى أن "الإشكالية التي كانت تعيق تنفيذ المشاريع هي غياب أمين الصندوق، وهي مشكلة تم حلها مؤخرًا. هذه الخطوة بمثابة حجر الزاوية لتحسين الوضع العام في البلدية".

وأعرب رئيس بلدية الطيبة في ختام حديثه عن تفاؤله حول إمكانية تحسين الوضع في المدينة، مشددا على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف السياسية لتحقيق الأهداف المرجوة، وقال "أعتقد أننا في الطريق الصحيح. العمل المشترك مع جميع الأعضاء سيؤدي إلى تحسين وضع البلدية وتقديم خدمات أفضل للمواطنين في المستقبل القريب".

خطوة أعضاء المعارضة لتسيير أمور المدينة

وتحدث عضو بلدية الطيبة، سامر مصاروة، في حديث لـ"عرب 48" عن الخطوة التي اتخذت كجزء من الائتلاف الجديد، موضحا أهمية هذه الخطوة في تسهيل إدارة البلدية وتحسين الوضع الخدماتي قي الطيبة، قائلا "نحن كمعارضة رأينا إلى أين وصلت المدينة، وكان من الصعب على الائتلاف إدارة البلدية"، مشيرا إلى التحديات التي واجهت الإدارة السابقة والتي أدت إلى تدهور الوضع بالمدينة.

سامر مصاروة

ولفت إلى أن الوضع الإداري في البلدية بلغ مرحلة من التعقيد والصعوبة، ما دفعهم كأعضاء في المعارضة إلى اتخاذ خطوة جريئة كنوع من الائتلاف لتسيير أمور المدينة والمواطنين، مؤكدا أن "الهدف الأساسي هو منع تدخل جهات خارجية أو لجان معينة في إدارة شؤون البلدية مستقبلا".

وذكر أن "من أبرز أهداف الائتلاف الجديد حل العوائق التي أدت إلى توقف العديد من الخدمات الأساسية في المدينة. أطمئن أهالي الطيبة أن هذه العوائق ستحل في الفترة القريبة، وهذا سيساعدهم كثيرا، سيما وأن المواطنين عانوا من نقص في الخدمات الأساسية على مدار أكثر من عام ونصف".

الصراعات السياسية تؤثر سلبًا على المواطنين

وتطرق رئيس اللجنة الشعبية في الطيبة، المحامي شاكر بلعوم، في حديث لـ"عرب 48" إلى التحديات السياسية والإدارية التي تواجهها البلدية حاليا، مشيرا إلى أن الفوضى والتخبطات داخل البلدية تؤثر بشكل كبير على المواطنين.

شاكر بلعوم

وقال إن "ما يجري في بلدية الطيبة من فوضى وتخبطات وأحاديث يعكس صورة واضحة لخلافات شخصية لا تصب في مصلحة المدينة وأهلها".

ولفت بلعوم إلى أن "هذه الخلافات بين أعضاء البلدية تؤثر بشكل مباشر على إدارة شؤون المدينة. ما يجري منذ الانتخابات الأخيرة أضر بمجريات العمل البلدي، كما أن التقليصات التي فرضتها الحكومة على ميزانيات السلطات المحلية العربية، والتي بلغت 15% منذ مطلع العام 2024 تزيد الوضع تعقيدا، وفي ظل هذه التقليصات يزداد التنافس بين الأعضاء على كيفية توزيع الميزانية بينما تقل الخدمات المقدمة للمواطنين".

ودعا إلى وضع كل هذه الخلافات جانبا ولتكون مصلحة المواطن الطيباوي فوق كل اعتبار. فهذه الصراعات التي تتجاوز المصالح الشخصية للمنتخبين تؤثر سلبا على المدينة؛ على حد قوله.

وختم بلعوم بالقول "من واجب البلدية أن تحسن إدارتها من أجل مصلحة المواطن قبل كل شيء، إذ أن الوضع الحالي لا يسر أحدا، لا من ناحية الخدمات ولا من الناحية السياسية. استقرار الوضع السياسي قد يمنح الأمل للمستقبل لكن طالما استمرت الصراعات والاستقطابات العائلية فإن الفوضى ستستمر".

اقرأ/ي أيضًا | بعد عام ونصف من الفراغ: تعيين أمين صندوق ومدير عام لبلدية الطيبة