تعتبر بلدة تل السبع في النقب، جنوبي البلاد، ثاني أكبر تجمع سكاني عربي في المنطقة، يقطنها أكثر من 25 ألف مواطن، تكتسب أهميتها أيضا من كونها أول قرية مخططة في النقب.

وتجري في تل السبع الانتخابات لرئاسة وعضوية المجلس المحلي كسائر السلطات المحلية في البلاد في تاريخ 30.10.2018.

ويبدو أن الانتخابات المحلية المقبلة مختلفة عن سابقاتها في تل السبع، ويتميز النقاش المحتدم في شبكة التواصل الاجتماعي حول التغيير المقبل إلى تل السبع وشكل المرحلة المقبلة، ويتنافس مرشحون لهم تجربة إلى جانب وجوه شابة جديدة، على قيادة القرية التي عانت على مدار السنوات السابقة من سياسة الإجحاف الحكومي وتهالك البنية التحتية.

في قلب السياج

تقع تل السبع في قلب منطقة السياج التاريخية التي تم تهجير معظم سكان النقب الباقين بعد النكبة إليها من أراضيهم التاريخية. وتعتبر البلدة الأقرب جغرافيا إلى مدينة بئر السبع، والبلدة المخططة الأولى التي أقيمت في النقب ضمن مشروع التجمعات السبعة في العام 1968 وبنية القرية بطريقة الـ"كيبوتس"، حيث قامت السلطات الإسرائيلية ببناء البيوت وتسويقها للعرب في النقب. وسرعان ما أثبت النموذج فشله لعدم تلبيته الاحتياجات الاجتماعية ونمط الحياة للسكان.

عمر أبو رقيق

كما عانت القرية من التعامل الأمني معها منذ تأسيسها، من قبل الشرطة والمؤسسات المختلفة والتمييز في الميزانيات والهبات الحكومية لها، وكذلك ضاقت أحوال مواطني تل السبع بسبب البطالة، الفقر، وانعدام فرص العمل مع الانتقال من حياة البادية إلى التمدن الإجباري، الأمر الذي أدى خلال السنوات إلى العديد من النتائج الاجتماعية السلبية.

وتراكمت المشاكل في البنى الاجتماعية، والتقى التمييز الحكومي والمدني والإدارات البلدية غير المهنية بعد أن أدارت لجان معينة شؤون البلدة لسنوات وأدت إلى تشكيل حالة هي أقرب إلى "غيتو" وإجبار السكان على التعايش معها ومحاولة الإصلاح بأيديهم قدر الإمكان، وتقبل انسداد الأفق في تغيير حقيقي، وظهر التمييز الحكومي في الميزانيات بشكل واضح في المقاربة بين بلدة تل السبع وبين جارتها "عومر"، اليهودية المصنفة الرابعة في سلم الرفاه الاجتماعي وجودة الحياة بين البلدات اليهودية والعربية في البلاد، في حين تحتل تل السبع المركز الأخير على نفس السلم.

وحاور "عرب 48" المرشحين لرئاسة المجلس المحلي في تل السبع، مصلح أبو عصا عن قائمة "قادمون للتغيير"، والمرشح موسى الأعسم عن قائمة "المساواة للتغيير" والمرشح عمر أبو رقيق عن قائمة "رسالة التغيير".

3 مرشحين للرئاسة يرفعون لواء التغيير

وقال المرشح مصلح أبو عصا لـ"عرب 48": "جئت من ميدان العمل الجماهيري. أنا متزوج وأب، حاصل على اللقب الثاني من جامعة حيفا في العلوم السياسية، وعملت في مجال العمل الجماهيري لمدة 20 عاما مديرا للمجلس الإقليمي القسوم، وعملت مبادرا اجتماعيا ومستشارا لشؤون النقب وقضايا التخطيط والبناء في عدة مكاتب حكومية وأطر شعبية".

موسى الأعسم

وأضاف أنه "بعد توجه مجموعة من الشباب الناشطين، قررت الترشح لرئاسة مجلس تل السبع عن قائمة ‘قادمون للتغيير’ بهدف مشاركة خبرتي من سنوات العمل الجماهيري ومحاولة إفادة تل السبع التي تعاني الأمرين بسبب نقص المهنية والخبرة في العمل الإداري والجماهيري".

وقال المرشح موسى الأعسم لـ"عرب 48": "ولدت في العام 1967، وأكملت تعليمي الابتدائي والثانوي في مدارس تل السبع، عملت في الأعمال الحرة، وأنا رجل أعمال ومبادر اجتماعي. تربيت على القيم الاجتماعية الإصلاحية لعائلة من رجال الإصلاح يعرفها النقب".
وأضاف أنه "جرى اختياري من بين 4 مرشحين في انتخابات داخلية في عائلة الأعسم، في شهر تموز/ يوليو 2018، وانطلاقا من المسؤولية الجماعية قررت قائمة ‘المساواة للتغيير’، مد يد الشراكة والتحالف مع قائمة ‘المستقبل’ التي يرأسها المربي نواف أبو عمرة، وهي تمثل العائلات الصغيرة والتي تصبو إلى التغيير وإزالة الغبن والتهميش الذي تعرضت له في السنوات الماضية".

وقال المرشح عمر أبو رقيق لـ"عرب 48" إنه "بلغت 30 عاما، فبعد أن تخرجت من مدرسة البيان في تل السبع بتفوق، وشغلت منصب رئيس مجلس الطلاب في الثانوية، كنت ممثلا عن الطلاب في تل السبع في اللجنة القطرية ومن ثم توجهت إلى الحياة الأكاديمية ودرست موضوع التمريض في جامعة بئر السبع، وتخرجت بامتياز وعملت ممرضا، واليوم أدرس اللقب الثاني في موضوع القيادة والسلطات المحلية. انتقلت إلى ادارة قسم الشبيبة في تل السبع لمدة سنة ونصف، واستطعت إنجاز عدة أهداف ونتائج إيجابية في مجال التربية اللامنهجية في تل السبع، كما استطعت التعرف أكثر على تحديات الحياة شباب تل السبع الآخرين".

"عرب 48": ما هي الأمور التي تعاني منها تل السبع؟

أجاب المرشح أبو عصا إن "تل السبع بلدة عريقة في تاريخها حيث سكنتها العديد من الحضارات القديمة والتي تركت آثارها في مرافق البلدة، سهولها وتلالها، بالإضافة لذلك لعبت دورا محوريا في النقب بحكم كونها أول بلدة عربية أقيمت منذ النكبة، ولكن الإدارات المتعاقبة وسوء الإدارة والتعامل الحكومي غير المناسب أثر سلبا، وحدّ من التطور الطبيعي للبلدة ومستوى رفاهية وحياة المواطنين فيها. تملك تل السبع العديد من نقاط القوة وأهمها الطاقة البشرية الكامنة في أهلها والتي حين تسخيرها يمكن توفير حلول مهنية ومبادرات من قلب المجتمع للتطوير والرقي بالحياة الاجتماعية وتحسين ملامح البلدة".

مصلح أبو عصا

وقال المرشح الأعسم إن "تل السبع تعاني من سوء الإدارة للمجلس المحلي، وعدم المصداقية وعدم وجود نية حقيقية للتغيير، لذلك أخفقت الإدارات السابقة في تنفيذ الوعود بتحسين أوضاع تل السبع، وتخفق كل إدارة لا تملك المصداقية، وتتم ترجمة نقص المهنية والانتفاع الشخصي عبر إهدار المال العام وهو أمر واضح للمواطن، واستغلال المجلس والمركز الجماهيري للتوظيف العبثي الذي لا يساهم في بناء القرية، بل يشكل عبئا يهدم البلدة وينتشر الفساد الإداري والمالي والمحسوبيات، ولهذا نحن في قائمة المستقبل للمساواة والتغيير نؤمن بالانطلاق من الشارع ونركز في عملنا على شخصيات تعرف الحقيقة ومعاناة السكان في تل السبع، بل وتعيشها. لدينا القناعة الكاملة أنه لن تحل مشاكل تل السبع إلا إذا تم التشخيص الحقيقي والموضوعي المهني لها". أما المرشح أبو رقيق فأجاب أن "أهالي تل السبع يعيشون معاناة يومية بسبب الإدارة السيئة للبلدة، وتتفاقم المشاكل بشكل مستمر الأمر الذي دفعنا لمحاولة التغيير بأنفسنا. تل السبع هي ثاني أكبر بلدة في النقب تعاني من الضائقة السكنية الخانقة والنفايات المتراكمة ونقص المرافق العامة وعدم القدرة على تقديم الخدمات، هذا هو الواقع الذي نريد تغييره".

التغيير الآتي

ويرى المرشح أبو عصا أن "إعادة البناء وتنظيم المسطحات إلى جانب الشفافية في العمل هي عنوان المرحلة المقبلة والطريقة الحقيقية الوحيدة للتغيير".

وأضاف أنه "لا يمكن السماح ببقاء تل السبع في مستنقع الفساد والفشل الإداري ولدينا العديد من المثقفين وذوي الكفاءات وهم على قدر كاف من المسؤولية الجماعية، ورؤيتنا في قائمة ‘قادمون للتغيير’ تقضي بمنح أدوار مهنية وإدارية للأكفاء، دفعهم ومنحهم الفرصة لكي ينجزوا، وبالفعل التف الكثير من الأكاديميين وذوي الكفاءات من حولنا وما زال الباب مفتوحا لكل من يريد العمل والتغيير. أملنا كبير جدا بوعي أهلنا في تل السبع واختيارهم للكفاءة، والعمل الجماعي فوق كل اعتبار آخر".

منظر عام لتل السبع (أرشيفية)

وعن رؤيته للتغيير، قال الأعسم إن "قائمة المستقبل للمساواة والتغيير بنت رؤياها انطلاقا من الواقع الصعب، بشكل واقعي حتى نتمكن من التنفيذ ونيل ثقة الجمهور. نؤمن أن تل السبع تحتاج إدارة جديدة تعمل من أجل الصالح العام، وتقوم بعملها بشفافية وأمانة من أجل تقديم خدمات للجمهور وتوفير الحلول للمشاكل الملحة مثل حل أزمة السكن، بتوسيع حارات جديدة في بيئة وتوفير قسائم البناء للشباب، والعمل على تفعيل قسم الصحة والبيئة بشكل حقيقي ليقدم هذه الخدمات للناس يوميا، والعمل على تطوير جهاز التربية والتعليم واستثمار ميزانيات التربية والتعليم لصالح بناء المدارس وبناء بساتين وروضات في جميع الحارات، والعمل أيضا على دعم شبابنا وطلابنا وطالباتنا في التعليم العالي بالسفريات والمنح، كما هو الحال في دعم الأمهات والنساء من حيث فتح أماكن عمل داخل القرية، ومن حيث المساعدات الاجتماعية وتوفير فرص التعليم للكبار وإقامة مراكز للأم والطفل، بالإضافة إلى دعم كبار السن". وأشار الأعسم إلى أن "قائمة المستقبل للمساواة والتغيير تلتزم باحترام العملية الديمقراطية، وتناشد جميع المرشحين بالالتزام بقيم الديمقراطية والتنافس الشريف، وندعو الجميع أن يحافظوا على الاحترام المتبادل والتعاون من أجل إرساء قيم الاحترام وتقبل الرأي والرأي الآخر. كما ندعو الناخبين إلى التعبير عن آرائهم بحرية وديمقراطية".

وتطرق المرشح أبو رقيق إلى رؤيته في إحداث التغيير، وقال إنه" لن يأتي التغيير من الخارج، وشباب تل السبع واعٍ جدا لحجم التحديات الملقاة على عاتقه، لا يرضي أحد بالحالة التي وصلت إليها تل السبع. خضنا الانتخابات من أجل إعادة البناء وإصلاح ذات البين والنهوض بأنفسنا قبل أي شيء آخر. نريد إشراك أهالي تل السبع في التغيير والتواصل المباشر معهم، ونؤمن أن شعبنا ذكي ومطلع، وبإمكانه اتخاذ قراراته على أسس مهنية وموضوعية، ولذلك أعتبر نفسي مرشحا عن شباب تل السبع الذين أثق بوعيهم وقدراتهم جدا".

اقرأ/ي أيضًا | انتخابات رهط: 6 مرشحين للرئاسة و11 قائمة للعضوية

اقرأ/ي أيضًا | انتخابات 2018: تغييب المرأة عن المشهد السياسي في النقب