تعج صفحات شبكات التواصل الاجتماعي بالنقاشات الحادة والتراشق بالاتهامات بين مؤيدي القائمة المشتركة بمركباتها الثلاثة (الجبهة، التجمع، العربية للتغيير) وبين مؤيدي الحركة الإسلامية الجنوبية (القائمة العربية الموحدة) إثر انشقاقها عن القائمة المشتركة، حديثا، وخوضها بقائمة منفصلة انتخابات الكنيست المقبلة، والمزمع إجراؤها يوم 23 آذار/ مارس 2021.

وفيما أطلقت “الموحدة” الفيديو الأول لحملتها الانتخابية والذي رسمت فيها الخطوط العريضة التي تظهر بأنها ستكون صدامية، لم تبرز “المشتركة” بعد معالم حملتها الانتخابية، وركزت على توزيع نشرتها الانتخابية الأولى بشكل مكثف في البلدات العربية.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وعن النقاش الدائر في المجتمع العربي بين ناشطي المشتركة وبين ناشطي الموحدة، قالت الباحثة في علم الاجتماع السياسي ومديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - "مدار"، د. هنيدة غانم، لـ"عرب 48" إن "النقاش الدائر حاليا هو نقاش حقيقي بين توجهين، الأول يريد الحفاظ على حد أدنى من الخطاب السياسي والجماعي، وبين تيار يتبنى طريقة عمل خدماتية مدنية فردانية تتنازل عن النقاش السياسي، وهذا النقاش في المجتمع العربي هو انعكاس للنقاش الجدي الحقيقي بين التيارين، حتى وإن أخذ أحيانا أشكال التلاسن أو ما يخرج عن الموضوع الأساسي، وهو الخلاف السياسي على السياسة، بين التيار السياسي الوطني الجماعي، وبين خطاب يدعو للفردية الخدماتية وينزع السياسة عن السياسي".

د. هنيدة غانم

"عرب 48": هل ترين أن هذا النقاش يثري العمل السياسي في المجتمع العربي، وكيف ترين انعكاساته؟

د. غانم: أنا لا أتعامل مع الموضوع وكأنه استثمار، فلذلك لا أرى أنه بالإمكان توظيف ذلك. النقاش يجب أن يبقى ومهم أن يتركزوا حول الطريق التي يجب أخذها كفلسطينيين مشكلتهم الأساسية سياسية وقومية، وكل ما عدا ذلك من نقاشات حول مواضيع ثقافية أو لها علاقة دينية، هي محاولة للتهرب من النقاش الحقيقي وإبعاد الضوء عن الشرخ الأساسي الموجود اليوم، وهو هل نريد أن نناضل في الداخل على أساس مواضيع قومية جماعية، أم هي فقط مشكلة خدمات وبالتالي نتحول مثل الأحزاب الدينية التي تعمل على قطاعات اجتماعية محددة، وكل النقاش هو محاولة من الإسلامية (الجنوبية) لتحييد النقاش وخلق قضايا تمس بمشاعر دينية تصعد عليها وتعلي صوتها في هذا للتغطية على كل موضوع الخطاب، أي الخطاب الفرداني الخدماتي، وأرى في ذلك إستراتيجية إعلامية يتم استخدامها رغم أنني لا أنفي أن لديهم فعلا هذا البعد، فهم حركة تشكل هذه المواضيع جزء من تكوينهم الفكري، ولكن تحويل النقاش في ظل واقع نظام حكم يقمعك على أساس انتمائك وهويتك وعلى أساس أنك فلسطيني، وفوقية يهودية لتحويل النقاش على قضايا دينية محاولة للتغطية وللهروب من النقاش السياسي الحقيقي وخلط الحابل بالنابل وشرعنه عملية نزع السياسة عن السياسي.

"عرب 48": لم يبدأ التنافس ضمن قوائم متعددة في هذه الانتخابات، والنقاش أو التلاسن؟

د. غانم: أنا ضد مسمى التلاسن، هو نقاش سياسي، وأنا ضد وضع النقاش وكأنه خلاف بين اثنين بينهما نزاع خاص، بل هو نقاش على الطريق وإلى أين نذهب، وهذا سيفرز تلاسنا وغضبا، ونحن الآن في مكان حاسم إلى أين نذهب، إذا منحنا الشرعية لخطاب خدماتي فقط، فماذا يختلف منصور عباس عن أعضاء عرب في الليكود أو اي حزب صهيوني، ما المبرر أصلا لخوض الانتخابات في قائمة منفصلة، اذهب ضمن قائمة الليكود وحقق هذه الخدمات، هو خط يظهر معالم الأدوات التي يمكن استخدامها لخدمة قضية قومية جماعية في ظل نظام أبرتهايد.

"عرب 48": هل هذا النقاش سيؤدي إلى تراجع أو ارتفاع في نسب المشاركة الانتخابية؟

د. غانم: من الصعب تحديد الأمر فالأمور لا زالت تتدحرج، ومن الواضح أنه كلما ارتفع النقاش بين التيارات العربية فهو يعود بالمصلحة على الليكود ونتنياهو وساعر وبينيت وغيرهم، لأنك تنشغل في قضايا داخلية ولا تنشغل بالقضايا الأساسية، ومن الواضح أن نتنياهو غيّر إستراتيجيته الإعلامية، ويحاول التحدث للعرب كمواطنين ضمن مسرحية، رغم تاريخيه الحافل في التحريض على العرب، والناس ليسوا أغبياء، فمن الممكن أن تتطور عدة أمور ضمن النقاش، فقد يحفز النقاش الناس على التصويت في رغبة للتعبير عن دعم طريق معين، وممكن من جهة أخرى أن يثبط ويحبط لأننا لا نستطيع التوافق على خطوط الحد الأدنى الجمعي الوطني، وهذا يؤدي إلى رفض المشاركة الانتخابية، ومن جهة ثالثة نرى تعمق نظام الأبرتهايد الذي يمكن أن يكون الحافز للناس من أجل الخروج والتعبير، في ظل منافسة بين الليكود والليكود إكسترا.

"عرب 48": منذ انتخابات نيسان/أبريل 2019، عايشنا حملات إعلامية سلبية وكان لها مردود سَيِّئ على القائمتين، ونحن نلاحظ في هذه الفترة وجود نقاش سلبي، بل إن حملة الإسلامية (الجنوبية) بدت واضحة في الخطاب الأول بأننا سنُقبل على حملة سلبية، تدعي خلفية نزاع بأنه خرق للمسلمات الاجتماعية والدينية؟

د. غانم: من الواضح أن الإسلامية (الجنوبية) تبادر إلى مثل هذا الخطاب لأنها بحاجة لهذا الادعاء، وبحاجة للكثير من الشرح للتفسير للمواطن العادي كيف تتحول إلى حبل إنقاذ لنتنياهو، الذي رسخ حملاته الانتخابية للتحريض على العرب، فهذا لا يقبله العقل السليم، ولذا تحتاج إلى مثل هذه الادعاءات لتتمكن من الذهاب في مثل هذه الاتجاهات.

"عرب 48": وهل هناك إدراك لمخاطر الحملات السلبية على نسب المشاركة الانتخابية؟

د. غانم: هناك فرق كبير بين انتخابات هذا العام وبين ما حدث عام 2019، عندها لم يستطع المواطن العادي التمييز بين القائمتين، سياسيا لم يكن هذا واضح، اليوم التباين السياسي والإستراتيجي واضح والخلاف سياسي وقدرة التمييز واضحة، وكل مواطن عادي يستطيع الإشارة إلى سبب خروج الإسلامية (الجنوبية) من المشتركة بغض النظر عن الموقف، ولكن النقاش السياسي صار واضحا، وهو على الطريق التي نريد انتهاجها في مواجهة القمع البنيوي، هذا نقاش على الطريق.

اقرأ/ي أيضًا | لجنة الانتخابات المركزية ترفض شطب المشتركة والموحدة