في الوقت الذي أطلقت فيه القائمة المشتركة شعار "كرامة وحقوق" تأكيدا على الهوية الجمعية التي تشتق منها الحقوق كشرط أساسي للتعامل مع المجتمع العربي من مركزية الهوية الجمعية، ذهبت القائمة الموحدة بعيدا من خلال شعاراتها؛ "واقعية، تأثير، محافظة" لتعكس ما مارسه رئيس القائمة والنائب، د. منصور عباس، خلال الشهور الماضية من مرونة سياسية.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ورغم ثبوت فشل تجربة المساومة مقابل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي أدار ظهره لجميع الوعود، أخضِعت القائمة الموحدة لشعارات تنسجم مع هذا النهج تحت قبعة "الواقعية والتأثير" وبدت حملتها الدعائية أشبه بـ"برايمرز" عشائري يجوب في فلك انتخابات السلطات المحلية العربية.

"الموحدة في شعاراتها تؤكد على البراغماتية"

وخلت شعارات القائمتين من أي إبداع ملموس، إذ عادت الموحدة إلى شعارها القديم، فيما استحدثت المشتركة شعارها ذاته مع بعض التعديلات الطفيفة.

خطاب كامل ومتكامل

وتطرق بروفيسور مصطفى كبها، إلى الحملات الانتخابية في حديث لـ"عرب 48" بالقول: "رسميا الحملات انطلقت قبل أيام، ولا يمكن الحكم عليها إلا من خلال الردود وكيفية التعامل معها، وكيف يضع كل طرف ما أعلن عنه من مضامين من خلال برنامج وهذا ما لم نره حتى الآن".

بروفيسور مصطفى كبها

ورأى أنه "في شعار القائمة المشتركة لم يكن هناك جديد، هي ذات الشعارات التي تبنتها من قبل مع بعض التعديلات الطفيفة، وهي ذات روح إقامة المشتركة واشتقاق من وثيقة تأسيس القائمة عام 2015، بما فيها الألوان والحروف، وفيما يتعلق بشعارات حملة القائمة الموحدة ’واقعي، تأثير، محافظ’ هذا يمتحن على أرض الواقع، ولو أننا بحاجة لتفسير ما هي الواقعية وما هي حدودها، وماذا يعتبر واقعيا وما هو غير واقعي، أما بالنسبة للتأثير وكأنه يقول إننا نريد أن نكون جزء من اللعبة السياسية وأن نفاوض، أما بخصوص ’المحافظ’ هذا شعار طبيعي للحركة الإسلامية في جزئية التأكيد على المحافظة على الأعراف، هذا بالنسبة للشعارات أما كيفية إقناع الناس فلم يمتحن هذا بعد، وقد نكون أكثر حكمة مع مرور الوقت ورد الناس على ذلك".

ولخص كبها الحملتين الانتخابيتين بالقول "أعتقد أن الموجود في الحملتين لا يرتقي إلى خطاب كامل ومتكامل، الخطاب يجب أن يضم المواضيع الأساسية، صحيح أن الموضوع الخدماتي مهم ولكن لا يمكن أن يكون استئثار كامل لموضوع الخدمات، وبالتالي أمامنا مواضيع مهمة تنعكس على الموضوع الخدماتي وغيره، تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلية وهي قضية فلسطينية، الحقوق الجماعية والتأكيد عليها، هناك أحزاب لا يظهر خطابها ضمن منظومة الشعارات القائمة مثل ’دولة المواطنين’ و’الحكم الذاتي الثقافي’، وشعار كرامة وحقوق هو فضفاض وجاء ليتسع للمركبات الثلاث للقائمة المشتركة، وفي المقابل الموحدة لديها مساحة مرونة لتختار ما تشاء".

فرق شاسع

من جانبه، رأى بروفيسور أمل جمال، في حديث لـ"عرب 48" أنه "لا زلنا في بداية الطريق وشعارات الانتخابات تمتحن بعد مدة زمنية ويتم تحسين أو تعديل الشعارات وفقا لاستطلاعات داخلية لكل حملة، لكن بدون شك بما أنها البداية فهي دلالات على المعاني والمقاصد لكل حملة وهناك فرقا شاسعا بين المشتركة والموحدة، ومن الواضح أن شق القائمة المشتركة أدت لارتدادات وتأثير على المنظومة الإعلامية لكل طرف، وهناك علامة فارقة بين الطرفين ’واقعي ومحافظ’ للموحدة تؤكد على رسائل والمشتركة أكدت شعارها من خلال ’الكرامة’ وهناك تباين في الحملات على مستوى المكانة من المؤسسة الإسرائيلية".

ولفت إلى أن "المشتركة أكدت على مصطلحي الكرامة والحقوق التي تضع مركزية هوية المجتمع وشموخه ووقوفه أمام المؤسسة الإسرائيلية بشكل مواجهة دون التنازل عن الخطوط الحمرا، واستبدلت ’الكرامة’ بشعار ’إرادة شعب’ لأن مصطلح الكرامة مألوف في الأدبيات القانونية والفلسفية وأخلاقيات السياسة في المجتمعات الليبرالية، كما مألوف في قانون الحقوق دوليا في المجتمعات الديمقراطية، وهذا يعني أن الحقوق يجب أن تكون مربوطة في الهوية والذات دون التنازل عن الذات، من هذا الباب سبقت الكرامة ’الحقوق’ وإيحاء كلمة كرامة ترتبط ارتباطا تراثيا بتاريخ العرب، ومن جهة أخرى ترتبط بفلسفة الحقوق في المجتمعات الليبرالية، والتي أساسها ان الحق يجب أن يكون للهوية والذات التي تطالب بالحق، على عكس سياسات إسرائيل التي تريد منح حقوق كأفراد، والحديث هنا عن حقوق جماعية كفلسطينيين وعرب وثقافة جامعة وهذا جزء من فكر الصمود، وفي الشعار إشارة إلى أن الموحدة نقيض ذلك وأنها انبطاحية براغماتية مستعدة لتقديم التنازلات ولا تقف عند الهوية للمطالبة بالحقوق".

خصخصة الدين

أما في ما يتعلق بقراءة شعارات القائمة الموحدة اعتبر أن "الملاحظ من (تحوّل) شعار ’الإسلام هو الحل’ التاريخي للحركة الإسلامية لشعارات ’واقعي ومحافظ’؛ هو تخلٍّ عن مكانة الدين في الحيز العام، والفكر ’الواقعي’ يدل على ذلك وقبول فقه الفقهاء المسلمين في الدول غير الإسلامية، يعني قبولنا كمهاجرين ولسنا أصحاب البلاد الأصليين في هذه الدولة، لأن أبعاد الدين عن الصراع وعدم الأخذ بعين الاعتبار هوية البلاد الإسلامية كجزء من التعامل مع الدولة هو خصخصة للدين".

بروفيسور أمل جمال

وأشار إلى أن "الموحدة في شعاراتها تؤكد على البراغماتية وعدم استعمال الشعارات الطنانة والرنانة، والتي لا تترجم إلى سياسة فعلية وهذا في صميم انتقاد الموحدة للقائمة المشتركة، والقصد توجيه النقد للخطابات الرنانة دون تقدم ملموس، كما تظهر الشعارات تواضعا كبيرا والتعامل مع الإنسان المتوسط دون تقديم وعود بدون رصيد، ومن جهة أخرى تنازلات عن مواجهة مبدئية مع المؤسسة الإسرائيلية وتحويل الأحزاب في الكنيست إلى نوع من رؤساء السلطات المحلية وخفض سقف التوقعات من الأحزاب وهذا انتقاص من الدور التاريخي للأحزاب السياسية في الكنيست، فهناك رؤساء سلطات محلية من واجبهم المطالبة بالحقوق لكن وظيفة الأحزاب السياسية في الكنيست هي سن القوانين العامة، الضغط على النواب بترجمة وجودهم في الكنيست إلى قرارات مباشرة هي نوع من تضييع البوصلة".

أثناء توزيع الموحدة لمنشورها

وبينّ أستاذ العلوم السياسية، جمال في ختام حديثه "وجود ’واقعي’ في الشعار قبل ’مؤثر’ هو دليل واضح على القول لا تتوقعوا منا تأثير كبير، وهذا يعني قبول سقف المؤسسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالمجتمع العربي، وإيحاءات النائب د. منصور عباس تعني أنني مستعد لقبول أي فتات وهذا يظهر أيضًا بالفيديو الذي صدر لمازن غنايم، وتقبل سقف الزجاج الذي وضعته المؤسسة الإسرائيلية لخفض صوت المجتمع العربي والتعامل مع المؤسسة الإسرائيلية بانتهازية كاملة، بمعنى قبول خطاب اليمين الإسرائيلي، فاليمين ينتهج مع المجتمع العربي ’مستعد دفع الثمن المادي شرط التنازل عن قضايا الهوية والانتماء والتراث القومي الوطني’ ومعادلة اليمين هي جابوتنسكي الأب الروحي الليكود ويستعملها نتنياهو الآن، وصفقة 922 هي من هذا النوع بمعنى نقدم المال شرط أن تكونوا مواطنين جيدين وهذا يعني عدم المطالبة بالهوية الفلسطينية والحقوق الجماعية وقضايا اللاجئين والمهجرين والأرض والمسكن".

اقرأ/ي أيضًا | إطلاق الحملة الانتخابية للقائمة المشتركة