لا زالت أجواء التوتر في الحملات الانتخابية تسود بين القائمة المشتركة من جهة، والقائمة "العربية الموحدة" من جهة أخرى، منذ انشقاق الأخيرة وقرارها خوض انتخابات الكنيست الـ24 في قائمة منفصلة عن المشتركة. وتعززت أجواء التوتر بعد رفض "الموحدة" التوقيع على اتفاق فائض أصوات بين القائمتين، وذلك على الرغم من وعي القائمتين بأن هذه الأجواء لا تخدم الهدف المشترك في رفع نسب التصويت في المجتمع العربي.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويحذر مراقبون من أن تؤدي الحملات الانتخابية المتوترة والصدامية إلى عدم تجاوز نسبة المشاركة العربية في الانتخابات القريبة عتبة الـ55% من أصحاب حق الاقتراع، الأمر الذي قد يشكل ضربة للأحزاب العربية، وقد يؤدي إلى تسجيل تراجع قياسي في التمثيل البرلماني العربي، الذي سيتراجع في جميع الأحوال، حتى بوصول نسب التصويت في المجتمع العربي إلى 60%، وذلك بعد أن أثبتت تجربة انتخابات الكنيست الـ21 أن أرباح الوحدة أعلى من مكاسب التشرذم ضمن قوائم متعددة أو حتى ثنائية.

منصور دهامشة

وحول استعدادات القائمة المشتركة ليوم الانتخابات، قال سكرتير عام الجبهة ووكيل القائمة المشتركة، منصور دهامشة، في حديثه لـ"عرب 48": "نحن نعمل بشكل متواصل للوصول إلى كل ناخب عربي، وهو برنامج عمل يومي مستمر. القائمة المشتركة بكل كوادرها مستعدة ليوم الانتخابات".

وفي ما يتعلق بتوقعات "المشتركة" المتعلقة بنسبة التصويت في المجتمع العربي، قال دهامشه: "نحن نطمح للوصول إلى نسبة مشاركة تصل إلى 60% على الأقل، ونعمل جاهدين على رفع هذه النسبة معتمدين على انتشار جمهورنا وكوادرنا في جميع البلدات العربية، وذلك من خلال خطابنا، الخطاب الذي يعبر عن الخط الوطني السياسي الذي يعتمد على الكرامة والإنجازات، ولا أخفيك أن أرقامنا الداخلية تعكس صورة إيجابية بنسب مشاركة تتراوح بين 56% و60%. نحن نواصل العمل المثابر لرفع هذه النسب".

وعن الأجواء المشحونة بين المشتركة والموحدة، قال دهامشه إن "الأجواء المشحونة بين القائمتين تؤثر سلبا على المشاركة، ونحن نعارض الحملة السلبية التي تنتهجها القائمة الأخرى، رغم ذلك نناقش الأمور سياسيا باستمرار، كي يعرف شعبنا على ماذا تدور المعركة الانتخابية التي تتمحور حول الموقف السياسي، النهج السياسي".

وتابع أنه "نحن نتبع نهجا سياسيا وطنيا ملتزما بقضايا شعبنا وأهدافنا وشعاراتنا واضحة ومعروفة لأبناء شعبنا، وهذا النهج هو الأهم. ليس من باب الصدفة تم اختيار شعار ‘الكرامة‘، نحن نسعى لترسيخ نهج يحافظ على الكرامة الوطنية ويؤكد على ضرورة النضال من أجل انتزاع حقوقنا بدون تسول أو مقايضة، والوصول إلى حقوقنا كأصحاب لهذا الوطن، ونعمل جاهدين لتحقيق هذه الأهداف".

اقرأ/ي أيضًا | رسميا: حزب معا ينضم ويدعم المشتركة

وحول إمكانية التوصل لميثاق شرف وتغيير الأجواء السلبية قال دهامشه: "منذ انطلاق الحملة الانتخابية دعونا إلى ميثاق شرف بين القائمتين، ومن جهتنا، الباب لا يزال مفتوحا للإقدام على ذلك، من جانبها، ترفض القائمة الموحدة التوقيع على ميثاق شرف. ندعو القائمة الأخرى إلى وقف حملة التهجم وتزييف الحقائق وأسلوب الحملة الدعائية السلبية، هذا مطلبا، لكن الطرف الآخر - على ما يبدو - اتخذ قرارا بخوض حملة دعائية سلبية. كما قلت الباب ما زال مفتوحا للتوقيع على ميثاق شرف. نحن ندعو الحركة الإسلامية الشق الجنوبي إلى التوقيع على ميثاق شرف انتخابي".

إبراهيم حجازي

بدوره، قال رئيس الدائرة السياسية في الحركة الإسلامية، إبراهيم حجازي، حول الاستعداد ليوم الانتخابات: "هو يوم قطف ثمار التعب، وحتى نترجم جهدنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى الثمرة التي نرجوها فقد قمنا بتجهيز طواقم عمل انتخابية تنظيمية تعمل في كل بلد وبلد حتى ننجح إلى تحويل التأييد والالتفاف الجماهيري الواسع حول القائمة العربية الموحدة، إلى نسب عالية في كل صناديق الاقتراع، وبالتالي إلى قوة برلمانية تُؤثّر وتُنجز".

وقال حجازي في حديثه لـ"عرب 48": "نحن نعمل على أن يكون الجو الانتخابي شريفا ونظيفا وخاليا من التشكيك والتخوين، وأن يكون المجال مفتوحًا أمام كل حزب ليطرح أفكاره وأن ينافس على تحصيل الخير لأبناء مجتمعنا، الذين يتوقّعون منّا خدمتهم وتخليصهم من قضاياهم الحارقة. بدون إثارة أجواء تحريضية وعنف كلامي أو غيره. هذا من شأنه أن يساهم في رفع نسبة التصويت لدى أبناء مجتمعنا".

اقرأ/ي أيضًا | الموحدة ترفض فائض الأصوات مع المشتركة

وحول توقعات الموحدة في ما يتعلق بنسب التصويت في المجتمع العربي، قال حجازي: "وفقا لما نتوقعه ستصل نسبة التصويت إلى 57%، طبعًا نحن نطمح لأكثر من ذلك، وسنعمل على رفعها قدر المستطاع". وختم حجازي حديثه بالقول: "أرى أنّ التنافس الشريف والنظيف وخلق جو تنافسي صحّي، والالتزام بميثاق شرف يضبط السلوك والتصرف في مجمل الحملة الانتخابية وفي يوم الانتخابات، وتكثيف العمل الانتخابي والوصول للناس وتنظيم الزيارات من شأنها أن تساهم بإرساء أجواء إيجابية وأن تقنع الناس بضرورة الوصول إلى صناديق الاقتراع".

أنطوان شلحت

من جانبه، أكد الباحث والمحلل السياسي، أنطوان شلحت، أنه من الصعب تقييم فرص واستعدادات القوائم العربية المنافسة في الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الـ23 آذار/ مارس الجاري "إلا من خلال الانطباع"، وأوضح شلحت أن "انطباعي أن استعداد القوائم العربية للانتخابات، والمقصود القائمة المشتركة والقائمة ‘العربية الموحدة‘، قد يكون مكثفا ومستنفرا ولكنه لم ينجح في رفع تفاعل الناخبين".

وأشار شلحت في حديث لـ"عرب 48" إلى أن "الأسباب لذلك يجوز أنها أقوى من استعداد القوائم نفسها، بحيث أن أي استعداد - مهما يكن - غير قادر عليها.. وهي أسباب ترتبط بأداء القائمة المشتركة في الكنيست الحالي، قبل انفصال الموحدة عنها، وبهذا الانفصال/ الانشقاق وما ترتب عليه".

وتابع أنه "علينا ألا ننسى أن ثمة أجواء خيبة أمل عامة في المجتمع العربي من جراء استشراء الجريمة والعنف، وكذلك تحت وطأة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وخيبة الأمل توجه عادة إلى القيادات وإلى الأحزاب فما بالك في فترة انتخابات، تكون مدعاة أكثر فأكثر لطرح الأسئلة حول الدور المجتمعي لهذه القيادات وللأحزاب الذي من شأنه أن يدرأ عنها التوصيف بأنها قيادات وأحزاب انتخابات. مرة أخرى أشدّد هذا انطباعي الشخصي بشكل عام حتى الآن، وقد تستجد أمور أخرى إلى يوم الانتخابات".

لافتات انتخابية في رهط، الشهر الجاري (أ ف ب)

وحول سبل رفع نسب التصويت في المجتمع العربي، يرى شلحت أنه "ما من سبيل أفضل لرفع نسبة المشاركة سوى التواصل المباشر مع الناس ومحاولة طرق أكثر ما يمكن من الأبواب. ومثل هذا التواصل ستكون غايته بالتأكيد حث الناخبين على التصويت وعدم الامتناع أو التلكؤ عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وبرأيي ستواجه القوائم العربية معضلة إذا ما لم تعمل على أن تتمحور عوامل التشجيع على التصويت حول ما يمكنه أن يطمئن الناس على أمنهم الشخصي والاقتصادي، وليس حول أهداف تتعلق بوجهة إسرائيل، على غرار المقولة البائسة: كبح حكم اليمين، خصوصا وأن معظم الأحزاب المتنافسة والتي تعتبر مرشحة لأن تؤلف الحكومة المقبلة سواء تحت رئاسة بنيامين نتنياهو أو تحت رئاسة غيره هي أحزاب يمينية وهويتها السياسية تسخف أي إجراء يندرج تحت شعار كبح اليمين".

اقرأ/ي أيضًا | لماذا تغيب نتنياهو عن المهرجان الانتخابي بعسقلان؟ وموقفه من دعم الموحدة لحكومته

ورجّح شلحت أن "تكون نسبة المشاركة منخفضة عن الانتخابات السابقة، نتيجة خيبة الأمل من الأوضاع عموما ومن القائمة المشتركة وأدائها وما حدث فيها خصوصا. وبرأيي هذا الانخفاض في المشاركة يجب أن يكون بمثابة جرس إيقاظ للأحزاب والحركات السياسية بأن تفكر بقضايا أخرى وليس بالانتخابات فقط".

وتطرق شلحت إلى تأثير الأجواء المشحونة بين القائمتين المشتركة والموحدة، قائلا: "بطبيعة الحال تؤثر سلبا على نسب المشاركة. ولكن للأسف لا بد من القول إن تأثيرها في المحصلة العامة وبمنأى عن الانتخابات أشدّ وأدهى".

وأوضح أن "أكثر هذا التأثير السلبي فداحة قد يكون متمثلا في تسديد طعنات نجلاء إلى الفكرة التي وقفت وراء إقامة القائمة المشتركة، والتي يمكن أن نعتبرها سامية ونبيلة من ناحية نظرية. فبالرغم من أن ظروف إقامة القائمة المشتركة كانت قسرية أو إكراهية إلى درجة كبيرة، فإنه سرعان ما نُظر إلى الفكرة بأنها جديرة ويجب التعويل عليها لتطوير كفاح الفلسطينيين هنا على كل الأصعدة، وليس على صعيد العمل البرلماني فقط. برأيي أنه بعد الانتخابات سيلاحظ هذا التأثير، الذي بدأت مؤشراته تظهر منذ الآن".