"علاقة سوريا مع إيران وحزب الله وحركة حماس ليست محور تفاوض، اذ ان سورية دولة سيادية ولا يمكن بحث الموضوع قبل الوصول إلى تسوية سلمية”، هكذا ردت سوريا على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم على الهجمة الإعلامية المسعورة التي جاءت في أعقاب لقاء دمشق الذي جمع ما بين الرئيس بشار الأسد، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، واللقاء بذاته كان ردًا على "دبلوماسية" العربدة الإسرائيلية التي كانت تُجري مناورات عسكرية واسعة النطاق في الجبهة الشمالية بقيادة رئيس الأركان „غابي أشكنازي”.. هكذا ردّ محور المقاومة في الشمال.

مقابل عقلية التحدي هذه في الشمال، كانت عقلية „الهرولة” في „الجنوب” تغذي الغطرسة الإسرائيلية للمضي أكثر في غطرستها، وجاء البيان الختامي „للجنة متابعة مبادرة السلام العربية تلخيصًا لعقليةً نقيضة جاء فيه: „لجنة مبادرة السلام العربية وافقت على إجراء مفاوضات غير مباشرة إسرائيلية-فلسطينية لمدة أربعة أشهر، كمحاولة أخيرة، رغم عدم الاقتناع بجدية إسرائيل ورغبتها في تحقيق السلام”.

هذا في الوقت الذي كان العالم لا زال مشغولاً بتورط „الموساد” في اغتيال المبحوح، وفي الوقت الذي كانت الخليل تشتعل ردًا على قرار ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال وأسوار البلدة القديمة لقائمة „مواقع التراث الإسرائيلية” على منظمة اليونسكو.

ونتنياهو – براك قيادة مغامرة تتربع على رأس الهرم وتؤمن بالرد على القوة بمزيدٍ من القوة، ولكن في الوقت ذاته مغامراتهما لا يمكن أن تكون إلا محسوبة هذه المرة - أو هكذا يمكن أن يُفترض- لأنّ الواقع تغيّر تمامًا ما بعد تموز 2006، فهي تسمع جيدًا ما يُقال، وتصغي أكثر لما لا يقال، إلا تلميحًا ما بين السطور غالبًا، كما جاء في خطاب „العين بالعين” للسيد حسن نصر الله مؤخرًا.

قيادة مغامرة قد لا تحسب مغامراتها جيدًا في مواجهة „دبلوماسية” عربية رسمية لا تتقن غير الثرثرة التي تُتوج في أحسن حالاتها ببيانٍ ختامي يفضحه كم التناقض الكامن فيه ليظهر „التضامن العربي” من خلاله أشبه برقصة الأعرج والأعمى في الظلام.. ولكنها قد لا تغامر في مواجهة عقليةٍ نقيضةٍ بالكامل تكمن قوتها في صمتها، إلا فيما ندر وبما تقتضيه ضرورة الكلام تحذيرًا. قلة كلام أثبتت الأيام الماضية رصيدها الفعلي على الأرض.

قيادة مغامرة تقرأ الكثير من سبّابة تُرفع تحذيرًا من غير كلام، فتعيد حساباتها، ربما، ولكنها بالمقابل لا تسمع „قرقرة” كلام كثير في قمم عربية أكثر، تتكلم ولا تقول، أو لنقل تتكلم لتثبت أنها ليست خرساء، إذ ليس كل من تكلم قال، ولا كل من حمل قلمًا كتب وليس كل من علا منبرًا خطب.

الحرب التي لا يمنعها عدم توازن القوة، قد يمنعها توازن الرعب، ربما، و”قد” تفيد الشك هنا، ولو لغويًا على الأقل.