كما في غزة، كذلك في سورية!../ زهير اندراوس
صدر في الأيام الأخيرة كتاب جديد في الولايات المتحدة الأمريكية جاء فيه أنّ التدخل السياسي للوبي الصهيو-إسرائيلي عاد بالضرر البالغ على أمريكا، وتحديداً بعد أن غرقت في الوحل العراقي، وبعد مرور سنة ونيّف على خسارة الدولة العبرية في المواجهة العسكرية مع حزب الله اللبناني. وقال البروفيسور ستيفان فولت، الذي ألّف الكتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"، بمشاركة البروفيسور جون ميرشهايمر من جامعة شيكاغو، أنّ الكتاب اثأر حفيظة هذا اللوبي المتنفذ في أمريكا، الذي هاجم المؤلفين بطريقة غير مألوفة، ووصفهما بأنهما لاساميين ويريدان إزالة إسرائيل عن الخارطة.
ويقول المؤلفان، وهما من كبار الاختصاصيين الأمريكيين في السياسة الخارجية، في كتابهما إنّ اللوبي الصهيو-إسرائيلي في الولايات المتحدة له التأثير الأكبر جداً على السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. هذا التأثير، يُضيف المؤلفان، سبّب أضراراً فادحة لأمريكا، وأيضاً عاد سلباً على إسرائيل نفسها. لسنا هنا في معرض الدفاع أو الهجوم على الكتاب ومضمونه، وبطبيعة الحال، نربأ بأنفسنا الانحدار إلى درك اتهام المؤلفين باللاسامية، وهي التهمة الحاضرة لكل من يُخالف اللوبي الصهيو-إسرائيلي في الرأي.
ولكن مع ذلك، علينا الإقرار والاعتراف أنّ التعاضد والتماسك لدى اليهود في جميع أماكن تواجدهم، ودفاعهم المستميت عن إسرائيل وسياساتها الإجرامية، يُثير في قلوبنا، نحن أبناء الأمة العربية، نوعاً من الحيرة ويقودنا إلى طرح السؤال الجوهري: لماذا امتنا العربية من محيطها إلى خليجها، تعيش حالة من الشرذمة والنزاعات المختلقة؟ ولماذا كل زعيم نصّب نفسه أو انتخب بنسبة تسعة وتسعين بالمئة من أصوات الناخبين يُحافظ على صمت أهل الكهف عندما يكون الأمر متعلقاً بالشأن العربي؟. وأكثر من ذلك: لماذا يتّحول الملوك والسلاطين والأمراء والزعماء العرب إلى حالة من النفاق والرياء استعصت على اكبر الأخصائيين النفسيين معالجتها؟
نسوق هذا الكلام في ظل الصمت العربي والإسلامي المشين والمخزي إزاء ما تعرضت له سورية من قبل إسرائيل في السادس من شهر أيلول (سبتمبر) الجاري. سورية، سيداتي سادتي، تلّقت ضربة إستراتيجية، بحسب وسائل الإعلام الغربية. سورية تتعرض لحملة شعواء موتورة من قبل الإدارة الأمريكية وربيبتها حبيبتها إسرائيل لنزع الشرعية عنها وتصنيفها فيما يُسمى بمحور الشر. وهذا الأسبوع سجّلت الوقاحة والصلافة والعنجهية الأمريكية رقماً قياسياً جديداً عندما صرح مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس بوش بأنّ سورية هي دولة لاسامية. سورية، أيّها الأشقاء العرب، محاصرة كما هو الحال في قطاع غزة، بأوامر من واشنطن وتل أبيب وبتواطؤ عربي من الزعامات التي تُصّنف أمريكياً وإسرائيلياً بأنّها معتدلة. إسرائيل اخترقت الأجواء السورية دون أن يُحرك العرب ساكناً، فأين أيّها الزعماء، اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية، هذا الجسم الهلامي، الذي يرقد منذ عدة سنوات في غرفة الإنعاش المكثف؟
انتُهكت أجواء سورية فعلاً، ولكن عملياً انتُهكت أعراض الزعماء العرب، فأين هم؟ لماذا لم نسمع تصريحاً واحداً يُدين عملية القرصنة الإسرائيلية؟ ماذا جرى؟ نُريد التصريح، مع أنّنا نؤمن بأنّ تصريحات الزعماء العرب لا تهز أحداً، فقد شبعنا بيانات الشجب والاستنكار وما إلى ذلك من العبارات الإنشائية التي تُذكرنا بأحمد سعيد إبان عدوان حزيران من العام 1967. أهكذا تتركون سورية الشقيقة فريسة على موائد اللئام؟
قبل أكثر من شهر انتقد نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، سياسة المملكة العربية السعودية، الأمر الذي دفع أفراد الأسرة الحاكمة في الرياض إلى افتعال أزمة دبلوماسية مع الأشقاء السوريين، حيث أطلقت المملكة العنان للصحف العربية التي تملكها لتصب جام غضبها على سورية، قيادة وشعباً، ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين بذلك، بل أصدر جلالته الأوامر لإلغاء الزيارة التي كانت مقررة سلفاً لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي أراد من وراء هذه الزيارة حل الإشكال في العلاقات بين بلاده وبين السعودية، المرتمية في أحضان الامبريالية الأمريكية، التي تُديرها عصابة من اليمين المسيحي المحافظ وزمرة من المحافظين الجدد.
لست من عشاق "الفن العجرمي" (!)، نسبة إلى المطربة نانسي عجرم، ومع ذلك اقترح على القراء أن يستمعوا إلى أغنية شاطر، شاطر، بصوت نانسي، ولكن المعلمة التي احتلت مكانها هي السيدة كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، التي نُشر عنها هذا الأسبوع أنها تعشق النساء، أي سحاقية، أما أداء دور الطلاب فقد اُسند إلى عدد من الزعماء العرب...
يللا نغني مع بعض يا زعماء الأمة ، شاطر، شاطر....!