صدقي سليمان المقت ( ص) وعاصم محمود الولي ( ع ) وبشر سليمان المقت ( ب )، عناوين جولانية ( صعبة ) وصلبة جدا، لم تستطع سنوات الاعتقال الطويل وعتمة الزنازين وصلابة قضبان السجون ولا حتى صلافة وعنجهية السجان، أن تنال من عزيمتهم وإرادتهم الفولاذية ولهذا الثالوث الجولاني المتجذر في التراب السوري المحتل وقع خاص ومكانة محفورة على صخور الهضبة التي لا زالت تحن شوقا ( لخبطة ) أقدامهم الهدّارة.

هؤلاء الأبطال الثلاثة ومعهم نخبة من الوطنيين الشرفاء، بادروا وبعد صدور ما يسمى " قانون ضم الجولان عام 1981 " إلى تأسيس تنظيم سري باسم " حركة المقاومة السرية في الجولان " وشاءت الأقدار أن يتم اعتقال عميدهم بشر سليمان المقت يوم 11/8/1985، لتحكم عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية بمدينة اللد بالسجن الفعلي لمدة سبع وعشرين عاما ( 27 عاما)، فيما تم اعتقال شقيقه صدقي ورفيقه عاصم محمود الولي بتاريخ 23/8 من نفس العام، وكل من الأسير المحرر سيطان الولي والأسير الشهيد هايل أبو زيد، ليلتحقوا به في الحكم وبنفس المكان ( محكمة اللد العسكرية ) ونفس المدة ( السجن الفعلي لمدة 27 عاما ).

ومنذ ذلك التاريخ، شهدت قاعة محكمة اللد العسكرية وهيئتها القضائية على صلابة وبسالة هؤلاء الأبطال، عندما وقفوا بعد صدور الحكم المجحف بحقهم ليرددوا بأعلى صوتهم ومن أعماق قلوبهم المفعمة بصدق الانتماء وقوة الإرادة نشيد " حماة الديار"، فكانت هذه الوقفة المشرفة واحدة من أولى معالم الصمود والشموخ للأبطال الأسرى من الجولان العربي السوري المحتل، الذين سطروا وعبر سنوات الاعتقال المرير أسمى معاني الصمود والثبات والنضال جنبا إلى جنب مع إخوتهم ورفاق قيدهم ومعاناتهم من الأسرى الفلسطينيين والعرب.

أربع وعشرون عاما تمر، ليطوي (بشر وصدقي وعاصم) صفحات ناصعة في سجل صمودهم وتضحياتهم ومسيرتهم الأليمة خلف القضبان وفي عتمة الزنازين المظلمة، وما زادتهم هذه السنوات الصعبة إلا مزيدا من الإصرار والتحدي في مقاومة أساليب القمع والتعذيب والعزل ومواجهة المرض والحرمان من العلاج... أربع وعشرون عاما من الرحيل لشق جيوب الليل الدامس بحثا عن قرص الشمس في سماء المجدل... أربع وعشرون عاما بأيامها ولياليها الشرسة في النضال من أجل تحطيم أسلاك الفصل بين الأهل والأحبة في شطري الوطن الذي انتظر طويلا لحظات الانعتاق والتوحد.

أربع وعشرون عاما من الصفقات وعمليات تبادل الأسرى والإفراجات، ولا زال ملف أسرى الجولان وأسرى فلسطينيي الـ48 وأسرى القدس طي النسيان... تمضي الأعوام وتعود لتمر على أجساد أسرانا وهي لا زالت واقفة صابرة في وجه ريح السجن والسجان... تتحدى الأمراض والأوجاع... تقاوم القهر والظلم بالجوع ومعارك الأمعاء... تستقبل أجيالا وتودع أجيالا وتبقى إرادتها صلبة، ومحاولة كسرها وإذلالها صعبة، وعزيمتها شامخة شموخ الجبال... أربع وعشرون عاما، ولا زال أطفال فلسطين والقدس والجولان السوري المحتل على موعد مع لقاء آبائهم في النضال والانتماء... لا زالوا ومعهم كل الجماهير يرددون وينشدون ما كتبه الأسير البطل عاصم الولي في زهر نيسان: " الزمن موت متجدد... طيفه صور صوفية... تعبر الواحد إلى الكل...لا تعرف للقدر حدود.. والحلم بلطف اللحظة يسيل دقات دقات" إلى أن قال " تسقط بذور الزهر... والنحل يبقى رسول الحب الأمين "!!!

ونحن اليوم وبعد ربع قرن من الفراق نقول " أما آن الأوان وبعد أربع وعشرين عاما من المعاناة والعذاب، لإطلاق سراح أسرانا ليعودوا لأحضان أمهاتهم اللواتي انتظرن طويلا؟!! أما آن الأوان لإطلاق سراح كافة الأسرى القدامى والمرضى وكبار السن الذين استثنتهم حتى اتفاقيات السلام المزعوم؟!! أما آن الأوان أن نعطي أسرى الجولان والـ48 والقدس حقهم من الاهتمام والعناية والمساعدة، ونسعى إلى إثارة قضيتهم وإبراز معاناتهم كجزء لا يتجزأ من واقع الحركة الأسيرة، ونطالب بإصرار وجدية بالإفراج عنهم جميعا دون شرط أو تمييز ؟!!!