"سولانا خاطب دمشق بلهجة عالية والسوريون قابلوه بالفتور ورفض الوعود"../ انطوان مراد
الخرق الذي حاول المسؤول الاوروبي خافيير سولانا احداثه في العلاقة مع سوريا من خلال زيارته الاخيرة الى دمشق في اطار جولته التي شملت بيروت والرياض، لم يؤدّ النتيجة المرجوّة الا شكلا، اذ جاءت نتائجه محدودة، بل ان اوساطا ديبلوماسية اوروبية وضعت هذه النتائج تحت عنوان الفشل، الا اذا تمكن سولانا من ايصال رسالة الى القيادة السورية لجهة التأكيد لها بأن الملف اللبناني غير قابل للتفاوض خارج اطار القرار الدولي رقم 1701 وفق ما تقول المصادر الديبلوماسية وتضيف: ان زيارة سولانا الى دمشق كسرت عمليا قطيعة شبه كاملة على المستوى السياسي بين سوريا والاتحاد الاوروبي على خلفية الوضع في كل لبنان والعراق فضلا عن البطء السوري في التجاوب مع شروط الشراكة الاوروبية - المتوسطية ومعارضة الدور السوري ازاء بعض التنظيمات او المجموعات كما تقول الاوساط التي تعتبر ان سولانا كان مباشرا في مخاطبة دمشق في المواضيع التي اثارها التي تركزت عمليا على الشأن اللبناني بهم.
وتضيف الاوساط ان المسؤول الاوروبي كرّر موقف الإتحاد لجهة دعوة دمشق الى المساهمة فعلا في الاستقرار في لبنان والعراق، وشدد خصوصا على مكافحة تهريب السلاح الى لبنان في اطار حضّها على بذل اقصى جهد لتطبيق القرار 1701، ما يعني خصوصا الوصول الى وضع يتخلى معه «حزب الله» عن سلاحه لمصلحة انتشار القوى الشرعية وحدها على الاراضي اللبنانية، وبالتالي انتفاء دور قوة «اليونيفيل».
وفي المعلومات التي اوردتها الاوساط ان سولانا طلب الى سوريا العمل على تسهيل حل قضية مزارع شبعا، في مقابل دور اوروبي فاعل وجدي في العمل على إعادة هضبة الجولان الى السيادة السورية ولم تقتصر الطلبات الاوروبية على ذلك، بل شملت دعوة سوريا الى الموافقة على المحكمة ذات الطابع الدولي، مع الافادة من امكان احداث تعديلات معينة من خلال الحوار بين اللبنانيين انفسهم. وان تقنع دمشق حلفاءها بذلك.
ولكن كيف تمثل الرد السوري على الطلبات الاوروبية؟
تشير المصادر الى ان القيادة السورية استغربت اللهجة التي جاء بها سولانا، وسلة الطلبات بالجملة، من دون تقديم مقابل جدي من جهة، ومن دون توافر قدرة لدى الاوروبيين اساساً على تقديم هذا المقابل الا في شكل محدود جداً. ولذا بدا من الاجوبة السورية تحفظ واضح في الخوض في التفاصيل وفي ابداء اي استعدادات عملية، وسمع سولانا ما معناه، اذا كنتم تعتقدون اننا مستعدون لتقديم اي شيء، مقابل لا شيء او مقابل وعود، فنحن لسنا مستعدين لذلك، فضلاً عن ان اطار البحث في مثل هذه الامور يجب ان يكون اوسع ويتخطى الاطار الاوروبي، اي بمعنى آخر يريد السوريون ان يبحثوا الامور الاساسية مع الاميركيين الذين يشابه موقفهم مع ذلك الموقف الاوروبي، من خلال عدم استعدادهم لعقد اي صفقة، وتسديد اثمان معينة لسوريا.
على ان الاوساط تخلص الى القول، ان معالجة مشكلة لبنان بجوانبها المختلفة، لا يمكن ان تتم بمعزل عن سواها من مشاكلها، كما لا يمكن ان تتم مع سوريا دون سواها، وبالتالي هناك ترابط واضح بين ملفات الشرق الاوسط ككل ومن هنا يمكن فهم الاتجاه الى تفكيك العقد بدءاً بمؤتمر بغداد مروراً بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وصولاً الى المساعي لمعالجة الملف اللبناني.
"الديار"