قلنا سابقاً إن وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية لا تعني اتفاقا ثنائيا بين فصيليين، أو أكثر، أو يمكن تحقيقها -الوحدة- بحكومة فلسطينية من "التكنوقراط" وذلك حتى يقبلها المجتمع الدولي، ولا بتحديد مرجعيات وإعادة هيكلة للأجهزة الأمنية، وبضمانة مصرية هذه المرة، لأن هذا ما حدث في القاهرة. حتى الآن على الأقل. ويمكن العودة الى التصريحات المتتالية لأحد مهندسي المصالحة السيد عزام الأحمد، التي يقول فيها "حركة حماس وقعت على الورقة المصرية التي تمت صياغتها في عهد الرئيس المصري" المخلوع حسني مبارك.
 
لم تتوحد الحركة الوطنية الفلسطينية بعد. ولم تشارك أطيافها وعناصرها وأحزابها في فلسطين والشتات وفي السجون، لأن الحركة الوطنية تتجاوز تشيلات الفصائل والإسلام الجهادي الفلسطيني.
 
ومن حق القوى والمنظمات والهيئات الأهلية والشخصيات الفلسطينية أن تشارك في صوغ المستقبل الفلسطيني، وتبدي رأيها في اتفاق المصالحة. لأن الشرذمة أو المصالحة تؤثر على الجميع ولا تقتصر على الحركتيين. ولأن هذا في المقام الأخير هو معنى وجوهر الوحدة: الاتفاق الشعبي الفلسطيني على رؤية سياسية محددة للراهن ولا لمستقبل القريب والأهداف العامة.
هذا لم يحدث أيضا، ما حدث هو إعطاء ترخيص لأبو مازن أن يعود للمفاوضات مرة أخرى.
 
صحيح أن إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس سوف يسمح للمزيد من العناصر الإيجابية للظهور في إطار مواجهة المخطط الصهيوني، وهذا ما نرجوه على الأقل، وصحيح أيضا أنه قد يوسع من دوائر الأمل في استعادة منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بناء مؤسساتها. لكن يجب أن لا يبيع أحد شعبنا أية أوهام، وهناك ألغام كثيرة في هذا الطريق، كما يقول رئيس الوزراء الفلسطيني في حكومة غزة المقالة السيد إسماعيل هنية.
 
هذه الألغام ستكون صهيونية بلا شك، أو ستأتي بأدوات من الداخل الفلسطيني مرة أخرى وبقرار إسرائيلي. تماما كما حدث قبل ما سميناه الانقسام في 2007.
 
لو أن هذه المصالحة جاءت بفعل الإرادة الذاتية الفلسطينية، وليس بعد تبدل الأحوال في المنطقة، لكان لها وقع حقيقي على المستوى الشعبي الفلسطني والعربي، لكن للأسف احتاجت الحركتان الكبيرتان إلى ثورة عربية عارمة وتغيير جذري في مصر ونتيناهو كي تلتقي وتعقد مصالحة بينها، ولو عقدت هذه المصالحة في ساحة عامة في مخيم عين الحلوة والتمسك بحق العودة ونحن نقترب من ذكرى النكبة لكان استعاد اللاجئين بعضا من دورهم المصادر.
 
المطلوب هو أن تسلم الحركتيين بوجود حركة نضالية وتاريخية للشعب الفلسطيني هي الحركة الوطنية الفلسطينية الراهنة ومهمتها ليس إقامة دولة في الضفة والقطاع بل تحقيق كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق ترابه الوطني.