تشكل منطقة النقب أكثر من نصف الوطن، وفيها ما زال احتياطي الأرض الوحيد لجماهيرنا الفلسطينية في الداخل، وفيها 200 ألف عربي فلسطيني يحملون هوية المواطنة الإسرائيلية، لكنهم عملياً خارج إطار المواطنة، إذ تتعامل معهم الدولة رسمياً كغزاة وليس كأصحاب البلاد وأهلها الأصليين ولا حتى كمواطنين لهم مثل غيرهم.
 
في النقب صراع على الأرض، أو على ما تبقى من أرض بعد أن استولت الدولة العبرية على الأغلبية الساحقة من الأراضي والأملاك العربية في جنوب الوطن. في هذا الصراع لا شيء مفروغا منه. حتى أن يعيش الإنسان في بلده وفي بيته فهو بحاجة أن يصمد حتى لا تقتلعه الدولة وتهجره، وهو بحاجة إلى نضال حتى يستمر في الدفاع عن أرضه، وحتى الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والهواتف والشوارع والمواصلات والصحة والتعليم والبنى التحتية، يحرم منها الناس إلا إذا تركوا أرضهم وقراهم وانتقلوا إلى بلدات خصصتها الدولة لتجميعهم في سبيل الاستيلاء على أرضهم التي يتم تهجيرهم منها.
 
لم تنته الحرب. لم تنته حرب احتلال الأرض الفلسطينية التي شنتها إسرائيل عام 48 وتبعتها بحرب أخرى عام 67، بل استمرت الحرب لاحتلال أرض من تبقى في وطنه من الفلسطينيين، لكنها لا تجري بالدبابات والمدافع بل بالقوانين المسماة ديمقراطية. إنهم يسلبون أرضنا باسم تطبيق القانون.
 
نقولها بوضوح إننا لا نحترم قوانين لا تحترمنا ولا تحترم حقنا في الملكية وفي العيش على أرضنا، التي هي أرض أبائنا وأجدادنا، أرض أمهاتنا وجداتنا، والتي نريدها ان تبقى لنا ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا. نحن أصحاب البلاد وأهل البلاد ولنا الحق في أرضنا، ولن نسمح لهم أن يسرقوها في وضح النهار في إطار مشروع استعماري عنصري يلبس قناع الديمقراطية ويرتدي حلة القانون.
 
بعد عشرات السنين من الصراع على الأرض ومن محاولات محاصرة الوجود العربي الفلسطيني في النقب، ومن محاولات تطبيق مشاريع المصادرة والتهويد والتشريد، قررت الحكومة الإسرائيلية حسم الصراع ومن طرف واحد، ورفض إيجاد حل متفق عليه عبر تفاوض مع الأهالي وممثليهم في النقب وقطرياً في لجنة المتابعة. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على تطبيق توصيات "لجنة برافر" التي تنص في السطر الأخير على مصادرة ما يقارب 800 ألف دونم وتهجير أكثر من 30 ألف مواطن من بيوتهم وقراهم المسماة "غير معترف بها".
 
إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مصممة على تطبيق المشروع المجنون، فنحن أكثر تصميماً على إفشاله. لقد هبت جماهيرنا عام 1976 في يوم الأرض الخالد بسبب مخطط لمصادرة 20 ألف دونما، ونحن اليوم أقوى من السابق، وأهلنا في النقب صامدون وموحدون في التصدي لمحاولات سرقة أرضهم، وهم أكثر ارتباطاً بأهلنا في الجليل والمثلث، فالقضية هي قضية كل الجماهير العربية وكل قواها الوطنية والأهلية.
 
كعادتها، تحول إسرائيل معارك الحدود إلى معارك وجود. والمعركة في النقب هي على الوجود لا تراجع فيها وإذا أصرت الحكومة على مشروعها، فإننا على أعتاب يوم الأرض الثاني.
 
لقد حاولنا كل ما نستطيع لمنع المواجهة، واقترحنا على الحكومة الإسرائيلية مرات عديدة مفاوضات من أجل حل مشكلة النقب، لكننا اصطدمنا بآذان صماء، واختارت الحكومة وعملياً اختارت الدولة أن تفرض حلاً من طرف واحد، وفرضت علينا المواجهة، التي حاولنا تجنبها، فلسنا هواة مواجهات. وإذ فرضت علينا المواجهة، وإذ فرضت علينا معركة، فيا أهلاً بالمعارك! ولا خيار لنا في هذه المعركة الا الانتصار وإفشال مخطط سلب الأرض وتهجير الناس.
 
 لقد أعلنت لجنة المتابعة لجماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل الإضراب العام يوم الأحد 11.12.2011، ودعت إلى مظاهرة قطرية في أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس في الساعة الحادية عشرة من نفس اليوم. هذه هي إشارة البداية لحملتنا الشعبية لإنقاذ النقب، ومن المهم جداً أن نضع كل ثقلنا وكل طاقاتنا لإنجاح الإضراب والمظاهرة القطرية.