طرحنا مرات عديدة ضرورة التوزيع العادل لميزانيات المساهمة الحكومية في مشاريع وخدمات وفعاليات الحكم المحلي.  وطالبنا بتوزيع أموال أرنونا المرافق والبنايات الحكومية على جميع السلطات  المحلية وفق معايير اقتصادية اجتماعية، فلا يعقل أن تذهب كل هذه الأموال الطائلة, والتي تزيد عن مليار شاقل إلى خزينة البلديات الغنية حيث توجد هذه المرافق، وتحرم البلدات الفقيرة، منها ومن مستحقات الارنونا التي تدفع عنها.  

وطالبنا كذلك إتباع مبدأ التدريج في مساهمة السلطات المحلية وفق قدراتها المادية، في تمويل مشاريع لا تحظى بتمويل حكومي كامل.  هذه الخطوات وبعض الخطوات المماثلة، إذا طبقت، يمكن أن تؤدي إلى تحسن ملموس في أوضاع السلطات المحلية العربية، التي هي الأفقر في البلاد، وبالتالي تحسن في الخدمات التي تقدمها للمواطنين.

لق تبين في الأسابيع الأخيرة أن وزارة المالية قررت تحويل مبلغ 1.2 مليار شاقل من السلطات المحلية الغنية إلى السلطات المحلية الفقيرة عن طريق تغيير المعايير القائمة حالياً في مساهمة الحكومة والسلطات المحلية في تمويل مشاريع معينة. 

الوضع القائم اليوم هو أن جميع السلطات المحلية، فقيرة وغنية، تدفع نفس النسية وهي غالباً 25% من ميزانية المشاريع وفي المقابل تساهم الحكومة بنسبة 75% من التمويل. في ذلك غبن شديد، فلا يعقل ان تدفع بلد فقير مثل جسر الزرقاء نفس النسبة التي تدفع بلدية هرتصليا الغنية. الأدهى من ذلك هو أن السلطات المحلية الفقيرة, وبالأخص العربية منها، تستغني عن مشاريع كثيرة لأنها لا تستطيع أن تدفع حصتها، فتذهب هذه الحصة إلى البلديات الغنية، القادرة على الدفع. لقد وصل الأمر إلى أن ميزانية الرفاه الاجتماعي، المعدة للمسحوقين فعلاً، تصل للمستحق الواحد في البلدات الغنية خمسة أضعاف ما هو مخصص لمثيله في البلدات الفقيرة.

من العدل إذن تغيير المعايير الحالية، بحيث يدفع البلد الفقير اقل من الغني، وتدفع الحكومة للسلطات الضعيفة أكثر مما تدفع للغنية، التي تتمتع بدخل عال متعدد المصادر.  وجاء اقتراح جديد لوزارة المالية باعتماد التدريج بحيث تدفع السلطة الفقيرة 10% والغنية 40% من تكلفة المشاريع، بعد مطالبة مستمرة السنوات الأخيرة. 

بعد معارضة شديدة لهذا الاقتراح من قبل رؤساء البلدات الغنية، تقرر في إدارة مركز السلطات المحلية تبني موقفهم على حساب البلدات الفقيرة, وغاب الرؤساء العرب عن هذا الاجتماع كما غاب اغلبهم عن جلسة للسلطات المحلية الفقيرة، عقد للتصدي لحملة البلديات القوية والهادفة إلى منع تطبيق التوزيع العادل للدعم الحكومي للحكم المحلي.

لسنا هنا في معرض المناكفة ولكن يجب أن يكون هناك تحرك سريع وطارئ لرؤساء السلطات المحلية العرب، الذين لهم وزن هام في مركز الحكم المحلي، وما يزيد من قوتهم في هذه الحالة هو وقوف رؤساء السلطات اليهودية الفقيرة إلى جانب المشروع الجديد. هناك اغلبية في مركز الحكم المحلي ويجب تفعيلها لاستصدار قرار داعم للتوزيع العادل للدعم الحكومي.

يقود الحملة ضد تحويل أكثر من مليار شاقل إلى البلدات الفقيرة، مجموعة رؤساء 50 بلدة سيتقلص دعمها باعتبارها غنية, ولكنهم ليسوا وحدهم فمعهم وفي مقدمتهم رئيس مركز الحكم المحلي شلومو بوحبوط، الذي انتخب بأصوات الرؤساء العرب, والذي تربطه علاقات خاصة مع عدد منهم، والذي يدعي دائماً أنه من أنصار التوزيع العادل للموارد العامة.  لقد استطاع بوحبوط تمرير قرار معارض للتحويل، رغم أن أغلبية أعضاء المركز هم من العرب ومن ممثلي البلدات اليهودية الفقيرة، الذين من المفروض أن يكون لهم موقف مغاير.

يستحق هذا الموضوع ان يحظى بأولوية لدى رؤساء السلطات المحلية العربية, فالحديث يجري عن مبالغ كبيرة جداً، إذ تبلغ حصة العرب من التحويل المقترح أكثر من نصف مليار شاقل, وإذا أضفنا إلى ذلك توزيع الأرنونا الحكومية (وهو قيد البحث)، فإن المبلغ سيصل إلى حوالي مليار شاقل للسلطات المحلية العربية، الغارقة في أزمات مالية خانقة.

المطلوب عقد جلسة طارئة وسريعة للجنة الرؤساء العرب للانطلاق بتحرك فوري والعمل مع رؤساء البلدات اليهودية الفقيرة (الذي بدءوا التحرك قبل العرب) للضغط على بوحبوط لتغيير موقفه الداعم للأغنياء على حساب الفقراء, وإذا لم يستجب بالإمكان شل عمله تماماً، فالأغلبية ليست معه في هذه الحال.

وزارة المالية تتعرض لضغوط باتجاه واحد وهو الغاء التحويل، يجدب ان يقابل ذلك ضغط باتجاه معاكس لتطبيق مخطط تحويل 1.2 مليار شاقل للبلدات الفقيرة.  سلطاتنا هي الأحوج للدعم وحتى لا نخسر نصف مليار يجب ان تكون في طليعة العمل للحصول عليه،.  موقف مركز الحكم المحلي حاسم في هذه القضية, وبمقدورنا التأثير عليه، فعلام السكوت؟