كشف تحقيق استقصائي أعدّته قناة الجزيرة، وبثّته أول من أمس، الأحد، تحت عنوان "في حرم السفارة"، تفاصيل جديدة في ملف "وفاة" المناضل الفلسطيني عمر النايف، الذي توفي في السادس والعشرين من شباط/فبراير الماضي، داخل سفارة فلسطين بالعاصمة البلغاريّة، صوفيا.

وعاد التحقيق الذي قدّمته تامر المسحال، ضمن برنامجه الجديد "ما خفي أعظم"، في سيرة عمر النايف إلى العام 1986، حين اعتقل بتهمة المشاركة في قتل مستوطن بمدينة القدس وحكم عليه بالسجن المؤبد، وبعد أربع سنوات، هرب من السجن واستقر في بلغاريا عام 1994، وظل مطلوبا وملاحقا وهدفا لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

مذكرة الاستدعاء

وكشف التحقيق أنه في 15 كانون الأول/ديسمبر 2015 ابتدأ المشهد الأول من الخاتمة المأساوية، مع طلب استدعاء من النيابة البلغارية تلقاه النايف لتسليم نفسه، تمهيدًا لتسليمه إلى القضاء الإسرائيلي، وهو اليوم الذي قلب حياة العائلة رأسا على عقب، وفقًا لما تقوله زوجته، رانية.

وفي اليوم التالي، لجأ النايف إلى السفارة الفلسطينية، "لأنه المكان الوحيد الذي لا يمكن للشرطة أن تعتقله فيه"، وفق المحامي الموكل في قضية النايف، عمر مصلح.

المفاتيح مع الموساد

ومنذ اليوم الأول للجوئه "كان السفير الفلسطيني، أحمد المذبوح، معاديًا لعمر وطلب منه الخروج"، وفقا لما أضافته رانية، التي أضافت أن المذبوح أبلغها أن السفارة لن تحميه وأن الموساد لديه مفاتيح كل أبواب السفارة.

في حين يضيء الخبير في الشؤون الأمنية الإسرائيلية، ريتشارد سيلفرفستين، جانبًا آخر، إذ يصف بلغاريا بـ"الغرب المتوحش لأوروبا، فهي مشهورة بعصابات المافيا والفساد، ما يسهل للموساد استخدام رشوة أمنيين بلغاريين أو رشوة أحد في السفارة الفلسطينية لتسهيل تنفيذ العملية داخل السفارة".

وبعد ستة أسابيع من وجوده في السفارة، أرسل السفير الفلسطيني رسالة لوزارة الخارجية الفلسطينية تفيد بأن الشرطة البلغارية ستفتش السفارة بعد تبليغ عن قنبلة فيها، ويقول في الرسالة إنه يعتقد أن ذلك تحضير لعمل ما لاحقا.

وقبل العثور على جثته، كان التواصل الأخير للنايف فجر يوم الحادثة مع أحد أصدقائه في سورية، عند الساعة الثانية وثلاث دقائق، إذ تكشف الرسائل التي أرسلت من هاتف عمر الشخصي قلقه من أن شيئا ما يحدث وصفه بالمؤامرة وأصر على البقاء والمواجهة.

سيناريو الانتحار

من جهتها، عمدت الأوساط البلغارية الرسمية والأوساط المحيطة بالسفير الفلسطيني إلى ترويج سيناريو أن عمر انتحر بتناول كمية مفرطة من دواء لتنظيم السكر في الدم، ثم صعد إلى الطابق الثالث وألقى بنفسه من شرفة فيه.

لكن صور الجثة التي تم الكشف عنها، لأول مرة، أظهرت حجم الكدمات المختلفة في جسده، فضلا عن تشكيك خبراء الطب الجنائي في منطقية ومصداقية سيناريو الانتحار.

وكشف التحقيق، كذلك، تناقضات وتباينات كثيرة في إفادات طاقم السفارة للجان التحقيق الفلسطينية، لكن الأبرز كان هشام رشدان، الذي صور مقطع فيديو من داخل السفارة بعد العثور على جثة عمر مباشرة ونشره وروج له من خلاله لفرضية الانتحار.

علمًا بأن رشدان لم يكن من طاقم السفارة ولم يذكر اسمه في أي من لجان التحقيق بل هو شخصية مقربة من السفير ومسؤول الأمن في السفارة ودوائر صنع القرار في صوفيا.

وتمكّن فريق التحقيق من الحصول على تسجيل سري مسرب لرشدان يحمل رواية متناقضة وتفاصيل مثيرة، ما يطرح علامات استفهام عما جرى في تلك الليلة.