عراق المالكي تتهاوي بين أيدي التنظيمات "الجهادية": نينوى تسقط في ساعات

قتل في العراق منذ بداية شهر حزيران (يونيو) الحالي اكثر من 550 شخصًا في أعمال العنف اليومية التي بلغت مؤخرا معدلات هي الأعلى منذ النزاع الداخلية الأهلية بين عامي 2006 و2008.

عراق المالكي تتهاوي بين أيدي التنظيمات

سقطت محافظة نينوى الواقعة شمال العراق عند حدود إقليم كردستان والمحاذية لسوريا خلال ساعات بأيدي مجموعات جهادية، اليوم الثلاثاء، في حدث استثنائي يهدد بكارثة أمنية كبرى وبفتح ممر جديد لتنظيمات مسلحة تنشط عند الحدود العراقية - السورية.

وأعلن رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، في مؤتمر صحافي في بغداد أن "كل محافظة نينوى سقطت بأيدي المسلحين"، وذلك بعد ساعات قليلة من تأكيد مصادر أمنية خروج مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد)، عاصمة نينوى وثاني أكبر مدن العراق، عن سلطة الدولة.

ويمثل سقوط نينوى في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة والتي يشكل الجهاديون وعناصر "داعش" أبرز مكوناتها حدثًا استثنائيًا بالنسبة إلى الوضع الأمني في العراق بشكل عام، لما تحظى به هذه المحافظة من أهمية استراتيجية نظرا لحجمها ولموقعها القريب من إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.

كما أن مدينة الموصل، عاصمة الشمال العراقي، تقع على بعد كيلومترات فقط من الحدود مع سوريا، حيث تفصل بينها وبين معبر اليعربية الفاصل بين العراق وسوريا منطقة تسكنها عائلات لها امتدادات عشائرية وعائلية على الجانب الآخر من الحدود. والموصل ثاني مدينة تفقد القوات العراقية السيطرة عليها منذ بداية 2014 بعد الفلوجة، الواقعة في محافظة الأنبار.

وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول عراقي عن خروج محافظة بكاملها عن سيطرة الدولة العراقية. وفي في أعقاب هذه التطورات، دعت الحكومة العراقية البرلمان الذي سيعقد جلسة طارئة الخميس المقبل إلى اعلان حالة الطوارئ في البلاد، وأعلنت عن وضع قواتها في حالة التأهب القصوى، كما تعهدت بتسليح كل مواطن يتطوع لقتال "الإرهاب"، مشيرةً إلى قرار بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وخططها.

وقد طالب رئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي تلا بيان الحكومة بحشد "كل الطاقات الوطنية من أجل إنهاء تنظيم داعش في محافظة نينوى والمحافظات الأخرى"، وذلك في إشارة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أقوى التنظيمات المسلحة "الجهادية" في العراق وسوريا.

وقال المحلل السياسي، عزيز جبر، لوكالة فرانس برس إن "سقوط محافظة مثل نينوى يشكل تهديداً خطيراً جداً للأمن القومي العراقي (...) والمسالة تنذر بكارثة وطنية كبرى، واذا لم تعالج فستنسحب المسالة نحو محافظات أخرى". وأضاف أن "الجماعات المسلحة تريد إقامة دولة إسلامية وهذه الدولة تريد أن تقتطع الموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى في العراق وتضيفها إلى دير الزور والرقة في سوريا، وهذه هي الأهمية الإستراتيجية لما حدث اليوم".

ورأى جبر أن "الخطر داهم باتجاه العراق والمنطقة وبعدما تحقق مثل هذا الانتصار على القوات العراقية لا بد أن يقوم اقليم كردستان وجيران العراق بتقديم أي مساعدة لهذا البلد".

وفي التفاصيل الأمنية، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية لفرانس برس إن "مجموعات من المسلحين سيطرت أولاً على مبنى المحافظة في الموصل وعلى القنوات الفضائية، وبثوا عبر مكبرات الصوت أنهم جاءوا لتحرير الموصل وانهم سيقاتلون فقط من يقاتلهم".

وأضاف أن "أفراد الجيش والشرطة نزعوا ملابسهم العسكرية والأمنية (...) وأصبحت مراكز الجيش والشرطة في المدينة فارغة، فيما قام المسلحون باطلاق سراح سجناء" من السجون في المدينة. وتابع: "مدينة الموصل خارج سيطرة الدولة وتحت رحمة المسلحين".

وفيما لم يحدد المصدر في وزارة الداخلية الجهة التي ينتمي إليها المسلحون، قال ضابط رفيع المستوى في الشرطة برتبة عميد لفرانس برس إن هؤلاء المسلحين ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وأوضح الضابط أن الهجوم "بدأ في الساعة 23,30، فيما بدأ سكان المدينة بالنزوح عنها صوب اقليم كردستان". أاضاف أن "جميع القطعات العسكرية التابعة للفرقة الثانية خرجت إلى خارج المدينة" وكذلك القيادات العسكرية العليا، مؤكداً أن "الموصل بأكملها باتت تحت سيطرة إرهابيي داعش عبر انتشار وفراغ أمني كبير وانتشار لمئات المسلحين".

وتابع أن "مقر قيادة عمليات نينوى ومبنى المحافظة ومكافحة الإرهاب وقناتي سما الموصل ونينوى الغد (...) والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد داعش، وتم اقتحام سجون الدواسة والفيصلية وبادوش وهناك إطلاق سراح لمئات من المعتقلين".

وفي وقت لاحق، قال النجيفي في مؤتمره الصحافي إن "كل محافظة نينوى سقطت في أيدي المسلحين"، مضيفًا أن "مسلحين يتوجهون إلى محافظة صلاح الدين لاحتلالها".

وتشهد نينوى حاليا حركة نزوح كثيفة باتجاه إقليم كردستان المجاور الذي يتمتع بحكم ذاتي، بحسب ما أفاد مراسل فرانس برس في الموصل.

وقال المراسل انه شاهد سيارات تحمل عائلات تفر من المدينة، وسيارات شرطة واليات للجيش بعضها محترق وأخرى متروكة على الطريق، فيما اغلقت المحلات ابوابها.

وتتشارك نينوى والأنبار مع سوريا بحدود بطول نحو 600 كلم، علمًا أن سقوط المحافظة الشمالية اليوم يأتي في وقت يشن فيه تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" هجوما على تنظيمات "جهادية" أخرى في شرق سوريا قرب الحدود العراقية بهدف إنشاء "دولته".

واعتبر المحلل المتخصص بالشان العراقي في مجموعة "اي كي ايه" الاستشارية الأمنية البريطانية، جون دريك، إن "ما حدث له دلالة بالغة. خسارة نينوى ستخلق ممراً للمسلحين بين الأنبار والموصل والحدود السورية ما سيسهل عملية تهريب الأسلحة والأموال والمسلحين بين جبهات القتال المختلفة".

وتلقي أحداث نينوى الضوء مجددا على عجز القوات الأمنية والعسكرية التي يبلغ عديدها نحو مليون عنصر، عن وقف التدهور الأمني المتواصل منذ أكثر من عام. وقتل في العراق منذ بداية شهر حزيران (يونيو) الحالي اكثر من 550 شخصًا في أعمال العنف اليومية التي بلغت مؤخرا معدلات هي الأعلى منذ النزاع الداخلية الأهلية بين عامي 2006 و2008.

التعليقات