واشنطن تعفي طهران من "عقوبات نووية" مع دخول المفاوضات مرحلة حاسمة

قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، إن إدارة الرئيس جو بايدن أعادت، أمس الجمعة، إعفاء إيران من "عقوبات نووية"، مع دخول المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، مرحلة حاسمة.

واشنطن تعفي طهران من

مُفاعل آراك النووي الإيراني (أ ب)

قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، إن إدارة الرئيس جو بايدن أعادت، أمس الجمعة، إعفاء إيران من "عقوبات نووية"، مع دخول المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، مرحلة حاسمة.

وقال المسؤول: "قررنا إعادة العمل بإعفاء من العقوبات من أجل السماح بمشاركة خارجية" لضمان "عدم الانتشار"، بسبب "مخاوف متزايدة" ناتجة عن التطوير المستمر للأنشطة النووية الإيرانية.

وأضاف أن هذا القرار يجب أن يتيح أيضا "تسهيل المناقشات الفنية" التي تعتبر "ضرورية في الأسابيع الأخيرة من المحادثات"، في إشارة إلى المفاوضات التي تستأنف في الأيام المقبلة في فيينا بين طهران والقوى الدولية.

وأوضح المسؤول أن "الإعفاء في حد ذاته سيكون ضروريا لضمان الامتثال السريع لإيران لالتزاماتها النووية"، في حال التوصل إلى تسوية في فيينا حيث تجري المفاوضات.

وأكد أنه حتى بدون اتفاق في العاصمة النمساوية، فإن "هذه المناقشات الفنية ستظل تساهم في تحقيق أهدافنا المتعلقة بعدم الانتشار".

وشدد على أن ذلك "ليس تنازلا لإيران" كما أنه ليس "إشارة إلى أننا على وشك التوصل إلى توافق" لإنقاذ اتفاق العام 2015 الذي يفترض أن يمنع إيران من تطوير قنبلة ذرية.

من جانبه، قال المبعوث الأميركي الخاص للشأن الإيراني، روب مالي، لقناة "إم إس إن بي سي" الأميركية، إن واشنطن "تعتزم الإبقاء على بعض العقوبات على إيران رغم أننا سنرفع غالبيتها".

وأوضح أن "بعض العقوبات المفروضة سابقا على طهران لا علاقة لها بالاتفاق النووي وإنما بسلوكها"، مشيرا إلى أنه لدى الولايات المتحدة "اشتراطات بشأن ما تعنيه عودة إيران للامتثال للاتفاق النووي".

وأكد مالي أن بلاده "تعمل عن كثب مع إسرائيل بشأن الملف النووي الإيراني لكن لدينا خلاف بوجهات النظر"، وتابع "سيتعين علينا التفكير في طرق أخرى للتعامل مع برنامج إيران النووي إذا لم نتوصل إلى اتفاق".

وقال مالي: "سنعود إلى فيينا الأسبوع المقبل ما يدل على اعتقادنا المستمر بأن الاتفاق النووي ليس جثة هامدة".

وانسحب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي وأعاد فرض معظم العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران، وألغى في أيار/ مايو 2020 هذه الإعفاءات أيضا.

وكان ترامب قد عمد في بادئ الأمر إلى تمديد العمل بهذه الإعفاءات بانتظام، مشيرا إلى الحاجة لـ"تقليل مخاطر الانتشار". لكنّ إدارته ألغت في أيّار/ مايو 2020، هذه الإعفاءات عندما فشلت في دفع طهران نحو التوصّل إلى "أفضل اتّفاق".

وأبدى الأوروبيون وقتذاك "أسفهم العميق" لقرار ترامب، معتبرين أنّه يُزيل "الضمانات" المتعلّقة بالطبيعة "السلميّة" للبرنامج الإيراني.

وتتعلق هذه الإعفاءات خصوصا بمفاعل طهران المخصص للأبحاث وبمفاعل الماء الثقيل في آراك الذي تم تحويله تحت أنظار المجتمع الدولي بشكل يجعل من المستحيل إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري.

وردّا منها على العقوبات الأميركيّة منذ العام 2018، حرّرت السلطات الإيرانية نفسها تدريجا من القيود التي فرَضَها الاتّفاق النووي على أنشطتها، إلى درجة أنها باتت حاليّا بحسب خبراء على بعد أسابيع قليلة فقط من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطاريّة لصنع سلاح نووي.

وتأتي هذه "البادرة" الأميركية تجاه طهران، بعد يوم من إعلان الاتحاد الأوروبي أن المفاوضات النووية مع إيران ستستأنف في فيينا الأسبوع المقبل، في حين عبّرت طهران عن استعدادها للتوصل إلى اتفاق "جيد ومستدام".

وعقدت الولايات المتحدة وإيران 8 جولات من المحادثات غير المباشرة في فيينا منذ نيسان/ أبريل بهدف إعادة العمل بالاتفاق الذي رفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وتجري المحادثات بتنسيق من الاتّحاد الأوروبي، بين الإيرانيين والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق (ألمانيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا)، وبمشاركة غير مباشرة من الأميركيّين.

وتم إجراز تقدّم بعد أشهر من الجمود. وعُلّقَت المناقشات الأسبوع الماضي ومن المقرّر أن تستأنف في الأيام المقبلة.

وكان مسؤول أميركي قد صرّح للصحافيين، الإثنين الماضي، بأن المحادثات الأخيرة في فيينا كانت "من بين أكثر المحادثات كثافة حتى الآن"، لافتا إلى أنه تم إحراز بعض التقدم بشأن تقليص الخلافات وأنه حان الوقت لاتخاذ قرارات سياسية.

وقالت المختصة في شؤون إيران في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، باربرا سلافين، إنّ إعادة العمل بالإعفاءات "شرط أساس لاستعادة الاتّفاق" النووي و"بالتالي فهي إشارة جيّدة إلى إمكانية تحقيق" ذلك.

وقال عدد من المفاوضين إنّ وقت "القرارات السياسية" قد حان للتوصّل إلى اتّفاق، مؤكّدين أنّه لم يتبقّ سوى بضعة أسابيع لتجنّب فشل الدبلوماسيّة ولجوء واشنطن أو إسرائيل إلى خيارات أخرى، بما في ذلك العسكريّة منها، والتي يمكن أن تتسبّب في تصعيد التوتّرات.

وعلى صلة، أفاد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شبه الجزيرة العربية، دانيال بنايم، بأن المبعوث الأميركي الخاص للشأن الإيراني، مالي، أجرى اتصالات مع مسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي.

ولفت بنايم إلى أن الاتصالات جرت صباح أمس، وأطلع مالي خلال المسؤولين الخليجيين، عما وصلت إليه المحادثات النووية في فيينا، وتشاور معهم بشأن ما قد يحدث في حال فشل المسار الدبلوماسي.

التعليقات