انهيار مفاوضات النووي الإيراني؟ أوروبا تبحث عن "خيارات أخرى"

أفاد دبلوماسي أوروبي رفيع، مساء اليوم، الجمعة، بأنه يتعين استكشاف خيارات أخرى إذا استمرت روسيا في ما وصفه بـ"عرقلة" إحياء الاتفاق النووي مع ايران.

انهيار مفاوضات النووي الإيراني؟ أوروبا تبحث عن

من منشأة نووية إيرانية قرب مدينة أصفهان (أ ب)

حذّر الأطراف المشاركة في المحادثات الرامية لإعادة إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا، من انهيار المفاوضات على الرغم من دخولها في مرحلة نهائية وفي ظل التوصل إلى جاهز للتوقيع، وذلك بسبب الضمانات التي تطالب بها موسكو.

وأفاد دبلوماسي أوروبي رفيع، تحدث لوكالة "فرانس برس"، مساء اليوم، الجمعة، بأنه يتعين استكشاف خيارات أخرى إذا استمرت روسيا في ما وصفه بـ"عرقلة" إحياء الاتفاق النووي مع ايران.

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "إذا تم التأكد من أن العرقلة الروسية نهائية، فسنضطر إلى النظر في خيارات أخرى"، مضيفا أن الأطراف المشاركة لا تريد أن تترك في وضع تتخذ فيه روسيا "الاتفاق رهينة".

وأعلن الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق، اليوم، وقف المحادثات، على الرغم من أن النص النهائي للاتفاق بات جاهزا للتوقيع ومطروحا على الطاولة، بحسب ما يؤكد أطراف التفاوض، بمن فيهم الجانب الأوروبي.

من جانبها، حضت الولايات المتحدة كلا من إيران وروسيا على اتخاذ "قرارات" ضرورية للتوصل سريعا إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني، معتبرة أن الكرة باتت في ملعبهما لتجاوز المأزق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، "نعتقد أنه يمكن انقاذ الاتفاق إذا اتخذت هذه القرارات في أمكنة مثل طهران وموسكو".

وقال برايس أن "العقوبات الجديدة المرتبطة بروسيا لا علاقة لها البتة" بالاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني و"ينبغي ألا يكون لها أي تأثير" على هذه المفاوضات. وأضاف "ليس لدينا أي نية لنقدم إلى روسيا أي أمر جديد أو محدد، هذا ليس ضروريا".

وأوضح المتحدث أن الموفد الأميركي، روب مالي، وأفراد فريقه عادوا أيضا إلى واشنطن. وتابع "لم يبق سوى وقت قليل جدا" لانقاذ الاتفاق الذي من شأنه منع الجمهورية الاسلامية من حيازة سلاح نووي.

ودخل على خط التفاوض، السبت الماضي، إعلان روسيا طلبها ضمانات خطية من واشنطن بأن العقوبات الغربية الأخيرة على موسكو، لن تؤثر على تعاونها مع طهران في مجالات اقتصادية وعسكرية.

وأشار الدبلوماسي إلى أن القضايا الأساسية في المفاوضات بين القوى الدولية وإيران، كانت قد اختتمت عندما أعلنت روسيا مطالبها الأسبوع الماضي، عبر بيان لوزير خارجيتها، سيرغي لافروف.

وقال الدبلوماسي الذي ينتمي إلى مجموعة "إي 3" للدول الأوروبية الثلاث التي تشارك في المفاوضات، إن "فشل هذا الاتفاق (...) سيكون مضرا إلى حد كبير وسيكون من غير المسؤول لروسيا أن تقدم على ذلك".

وأكد أن المحادثات توقفت بسبب "عرقلة" روسيا وحتى تتمكن الأطراف من إجراء محادثات في عواصمها. وأضاف الدبلوماسي "لدينا جميعا مصلحة في التوصل إلى اتفاق"، مؤكدا أن لدى الصين "دورا مهما لتلعبه" في هذه اللحظة.

هذا وقال رئيسا الوفدين البريطاني والفرنسي في المحادثات النووية الإيرانية، اليوم، إنه لا بد من حل العوامل الخارجية التي أعاقت المحادثات خلال الأيام القليلة المقبلة، وحذرا من أنه بغير ذلك قد تنهار المحادثات.

وقالت المندوبة البريطانية، ستيفاني القاق، على "تويتر" إن "اتفاقا عادلا وشاملا جاهز للتوقيع. لا بد من حل العوامل الخارجية في الأيام القليلة المقبلة وإلا سينهار الاتفاق المحتمل". فيما كرر نظيرها الفرنسي فيليب إيريرا تصريحاتها في تغريدة منفصلة.

وكتب وزير خارجية الاتحاد، جوزيب بوريل، عبر تويتر: "ثمة حاجة إلى وقفة في مباحثات فيينا، نظرا لعوامل خارجية"، على الرغم من أن "نصا نهائيا بات جاهزا تقريبا ومطروحا على الطاولة".

وتجري إيران وقوى كبرى (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، منذ أشهر مباحثات في فيينا لاحياء اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي. وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق أحاديا في العام 2018، في المباحثات بشكل غير مباشر.

وقد يؤدي انهيار المحادثات إلى اقتراب طهران من تطوير أسلحة نووية، كما أن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي أيضا إلى دفع الغرب إلى فرض عقوبات قاسية إضافية على إيران، وبالتالي زيادة أسعار النفط العالمية غير المستقرة بالفعل بسبب الصراع في أوكرانيا.

وقال مسؤولون إنهم كانوا يأملون في استئناف المحادثات في الأيام المقبلة. وأشار مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إلى قضيتين أو ثلاث تتعلق بمسائل فنية تحتاج إلى حل بين واشنطن وطهران، لكن يمكن حلها بسرعة.

وقال المسؤول إنه تعين وقف المحادثات مؤقتا للحصول على رد من موسكو بعد إبلاغها بأن مطالبها، التي تجاوزت التزاماتها النووية، لا يمكن تلبيتها. وأضاف المسؤول "إنهم يفكرون في الرد وفي غضون ذلك لا يمكننا التقدم بمعنى أننا لا نستطيع إنهاء المفاوضات. (روسيا) قالت إنها سترد في غضون أيام".

من جانبه، رفض مبعوث روسيا في المحادثات، ميخائيل أوليانوف، التلميحات بأن موسكو هي سبب توقف المحادثات. وصرح للصحافيين عقب اجتماعه مع منسق الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، أن "إبرام الاتفاق لا يتوقف على روسيا وحدها... هناك أطراف أخرى تحتاج إلى وقت إضافي ولديها مخاوف أخرى تتم مناقشتها".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن توقف المحادثات قد يخلق زخما لحل أي قضايا معلقة، لكنه أصر على أن العوامل الخارجية لن تؤثر على الإرادة للمضي قدما في اتفاق مشترك.

بدوره، قال المبعوث الصيني، وانغ كون، الذي بدا أنه يدعم موسكو، إن المفاوضات لا يمكن إجراؤها في ظل "فراغ سياسي" وإنه ينبغي النظر في مطالب جميع الأطراف.

وقال دبلوماسيون إن مطلب روسيا أثار غضب طهران في البداية وبدا أنه سيساعدها هي وواشنطن على المضي قدما في التوصل لاتفاق بشأن القضايا الشائكة القليلة المتبقية.

لكن وابلا مفاجئا من التصريحات العلنية لمسؤولين إيرانيين من بينهم المرشد الأعلى، علي خامنئي، أمس، الخميس، أشار إلى تغيير في موقف طهران.

التعليقات