زيارة إردوغان إلى الخليج: "تصفير المشاكل"

أفاد دبلوماسي عربي في الرياض فضّل عدم ذكر اسمه بأنّ زيارة إردوغان للمنطقة تأتي استكمالا للنهج الجديد في تبني سياسة "تصفير المشاكل" في المنطقة.

زيارة إردوغان إلى الخليج:

وصول إردوغان إلى السعودية (Gettyimages)

وصل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى مدينة جدة السعودية مساء الإثنين في مستهل جولة خليجية ستحمله أيضا إلى قطر والإمارات، وتهدف إلى تعزيز الاستثمارات الخليجية في اقتصاد بلاده الذي يواجه صعوبات جمة.

وسيعمل إردوغان، الذي أعيد انتخابه رئيسا لولاية ثالثة بعد دورة انتخابية ثانية في أيار/مايو، على ضمان تأمين تدفق مالي لإنعاش اقتصاد بلاده الذي يعاني تضخما كبيرا وانهيارا في سعر صرف العملة الوطنية، خلال الجولة التي تستمر ثلاثة أيام.

واستقبل مسؤولون سعوديون إردوغان أثناء وصوله رفقة زوجته إلى مقر انعقاد منتدى الأعمال السعودي التركي في جدة، وبعد ذلك باشر المنتدى أعماله؛ حسبما بثت إحدى القنوات السعودية.

وقبل مغادرته إسطنبول، قال إردوغان الإثنين "خلال زياراتنا سيكون جدول أعمالنا الأساسي هو الاستثمار المشترك والأنشطة التجارية مع هذه الدول خلال الفترة المقبلة".

وأشار الرئيس التركي إلى أنّ التبادل التجاري مع دول الخليج زاد من 1,6 مليار دولار إلى قرابة 22 مليار دولار في السنوات العشرين الماضية.

وأضاف "مع تنظيم منتديات الأعمال، سنبحث عن وسائل لتحريك هذا الرقم إلى أبعد من ذلك بكثير".

ومن المقرر أن يلتقي إردوغان العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في قصر السلام في جدة على ساحل البحر الأحمر.

وهذه الزيارة الثانية لإردوغان للسعودية منذ المصالحة بين البلدين في نيسان/أبريل 2022، إثر قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018 والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الإقليميتين. وزار بن سلمان أنقرة في حزيران/يونيو 2022.

ولم يُعلن عن أي مؤتمر صحافي. لكن يتوقع توقيع اتفاقات عدة خلال الزيارة، كما أفاد مسؤول سعودي كبير وكالة "فرانس برس".

وكان التضخم في تركيا قد تراجع في أيار/مايو إلى ما دون 40 % للمرة الأولى منذ كانون الأول/ديسمبر. لكن يتوقع المحللون أن يرتفع أكثر في تموز/يوليو متأثرا بتراجع سعر صرف الليرة التركية التي فقدت 23% من قيمتها في مقابل الدولار منذ نهاية أيار/مايو.

لنحو عقد، طبع التوتر علاقات تركيا مع السعودية والإمارات. كما كانت تركيا والبلدان الخليجيان على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الإقليمية في سورية وليبيا.

وساهم الحصار الذي فرضته السعودية على قطر، حليفة تركيا، لمدة ثلاث سنوات ومن ثم قضية خاشقجي في السنة التالية في تسميم العلاقات بين أنقرة والرياض.

وقالت الباحثة في العلاقات التركية الخليجية في جامعة قطر سينيم جنكيز "لا يُعد الاستقرار الاقتصادي والفرص التجارية القوة الدافعة الوحيدة وراء الزيارة".

وتابعت أنّ "المخاوف الأمنية الإقليمية ومناخ التطبيع الدبلوماسي يدفعان أنقرة إلى إقامة علاقات أعمق مع دول الخليج في الفترة المقبلة".

وتأتي الزيارة بعد أشهر من انفراجات دبلوماسية شهدها الشرق الأوسط إثر اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في العاشر من آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران. كما أعلنت الرياض استئناف العلاقات مع النظام السوري، حليف طهران، قبل أن تستضيف رئيس النظام بشار الأسد في القمة العربية قبل شهرين.

وأفاد دبلوماسي عربي في الرياض فضّل عدم ذكر اسمه بأنّ زيارة إردوغان للمنطقة تأتي استكمالا للنهج الجديد في تبني سياسة "تصفير المشاكل" في المنطقة.

وتابع "كل من الرياض وأنقرة يتبع حاليا نهج تصفير المشاكل والتركيز على الجانب الاقتصادي الداخلي".

وأضاف "تركيا تريد جذب استثمارات أجنبية وخليجية خصوصا لإنعاش اقتصادها المتداعي والرياض تواصل إنهاء الخروج من النزاعات الإقليمية".

وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت الرياض من مساعيها للسلام في اليمن حيث تقود منذ سنوات تحالفا عسكريا ضد الحوثيين المدعومين من إيران.

وقال مراقبون إنّ السعودية تريد التركيز على مشروعها الاقتصادي "رؤية 2030" الذي أطلقه ولي العهد ويلحظ استثمار مليارات الدولارات على تطوير البنى التحتية والاقتصاد المرتهن للنفط.

التعليقات