الجزيرة نت.. هل تصمد في وجه الضغوط؟

يبدو أن ساحات الحرب في العراق وحدها غير كافية لتحقيق الأهداف الأميركية البريطانية، فتوسعت ميادين هذه الحرب إلى عالم الإنترنت. وكان موقع قناة الجزيرة على الإنترنت أحد هذه الميادين

الجزيرة نت.. هل تصمد في وجه الضغوط؟
وبالطبع لن تكون هذه هي آخر جولات الحرب الإلكترونية، تماما كما أنها لم تكن الأولى. فلا تزال ماثلة في الأذهان حادثة اقتحام مجموعة تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالية الأميركية (FBI) واستيلائها على الأجهزة المرتبطة باستضافة الموقع في سبتمبر/ أيلول 2001، ورفض أكبر شركة برمجيات وأنظمة نشر في العالم عقدا للشراكة مع الجزيرة نت متعللة بتعرضها لضغوط رسمية لا تستطيع تحملها.
يبدو أن ساحات الحرب في العراق وحدها غير كافية لتحقيق الأهداف الأميركية البريطانية، فتوسعت ميادين هذه الحرب إلى عالم الإنترنت. وكان موقع قناة الجزيرة على الإنترنت أحد هذه الميادين الذي أصابه بعض من شظاياها.فعلى مدى عدة ساعات من يوم السبت 23 مارس/ آذار تعرض موقع الجزيرة نت لقرصنة إلكترونية -يعتقد أنها من جهات كبرى- أثرت في إمكانية الوصول إلى الموقع إلى أن تمكن مهندسوه من التغلب عليها.

بدأت هذه الهجمات منذ اليوم الأول لتغطية الموقع لأحداث الحرب على العراق، والتي خصص لها موقع جديد يحمل نفس عنوان الموقع الأصلي (الجزيرة نت) ليسهل دخول الزائرين إليه.

ثم وصلت الهجمة إلى ذروتها في أعقاب نشر الموقع لصور الأسرى والقتلى الأميركيين يوم السبت مساءً، الأمر الذي أثر على إمكانية الوصول للموقع لعدة ساعات.
وفيما يبدو أن الضغوطات "الفنية" التي يتعرض لها موقع الجزيرة تتزايد يوما بعد يوم، وتتناسب في قوتها مع زيادة أعداد زوار الموقع والتي وصلت نسبتها خلال الأسبوع الماضي فقط إلى أكثر من 100% مقارنة بالأسبوع السابق للحرب، وهو ما تزيده الإحصائيات التالية وضوحا:

وصل ترتيب الموقع في قائمة أكثر مواقع العالم حركة على الشبكة العالمية إلى رقم 45 بعد أن كان ترتيبه الـ 444 قبل بداية الحرب في 20/3.


زادت سعة نقل المعلومات (bandwidth) من 35 ميغا/ثانية قبل يوم 20/3 (بداية الحرب) إلى 185 ميغا.


زاد متوسط عدد الصفحات المشاهدة للزائر الواحد حتى وصلت إلى 4.2 صفحات وهو ما يزيد على مواقع كثيرة شهيرة في عالم الأخبار مثل الـ CNN والتي بلغ متوسط صفحاتها المشاهدة بالنسبة للزائر الواحد 3.3 صفحات.


ولم تكن هجمات القراصنة أو "الهاكرز" كما اعتادت لغة الإنترنت على تسميتهم هي ردود الأفعال الغاضبة الوحيدة على شكل ومضمون تغطية الموقع للحرب على العراق.

فامتدت هذه الضغوط لتطال يدها الثقيلة مجموعة من كبريات مواقع الإنترنت العالمية الأميركية التي اعتذرت عن عدم نشر إعلان يتعلق بإطلاق الجزيرة نت موقعها الإنجليزي، متعللة بأنها لا تستطيع تحمل الضغوط التي تعرضت لها من قبل جهات رسمية أيضا.

ولم يكن كل ذلك بالأمر المستغرب، لكن أحدا لم يخطر بباله أن يصل الأمر بالشركة المستضيفة للموقع في الولايات المتحدة إلى أن تطلب صراحة من الجزيرة نت البحث عن مستضيف آخر "خارج الولايات المتحدة بأكملها" في غضون أيام قليلة. وقد جاءت المبررات هذه المرة مشابهة لتلك التي ساقتها أكبر شركة برمجيات وأنظمة نشر في العالم، بأنها تعرضت لضغوط رسمية جعلتها تقدم على هذا القرار رغم ما سيلحق بها من خسائر مالية كبيرة نتيجة لإلغاء العقود المبرمة.

هي الحرب إذن، تتسع ميادينها وتتناثر شظاياها يوما بعد يوم، وتزداد ضراوة كلما ازدادت الحرب على العراق تعقدا، لتطال مبادئ ليبرالية كثيرا ما انتشى العالم لسماعها حول حرية الكلمة والعمل والفكر والإبداع وغيرها من الشعارات التي عاش الناس في أوطان كثيرة يحلمون بها.

التعليقات