نصر الله: بدون الصمود والإنتصار لم يكن بالإمكان إنجاز عملية الرضوان..

"الهوية الحقيقية الأصيلة الراسخة والثابتة لشعوبنا في المنطقة هي هوية المقاومة وإرادة المقاومة وثقافة المقاومة، ورفض الذل والاحتلال أيا كان المحتلون والطغاة"..

نصر الله: بدون الصمود والإنتصار لم يكن بالإمكان إنجاز عملية الرضوان..
في كلمته في العرس الوطني احتفالا بالأسرى المحررين، تحدث الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، عن عدة عوامل أدت إلى إنجاز عملية "الرضوان" بهذه النتيجة، أولها الصمود والانتصار، وثانيها المفاوضات الصعبة والشاقة، وثالثها صمود الأسرى اللبنانيين. كما تحدث عن حقيقة أن راية المقاومة لا تسقط، وأن المقاومة هي الهوية الحقيقة والراسخة لشعوبنا في المنطقة. كما أكد على ضرورة استغلال الفرصة التاريخية الموجود أمام الحكومة اللبنانية الجديدة من أجل لم الشمل، طالبا من الجميع المشاركة في الدفاع عن لبنان، وأبدى استعداده لفتح كافة الملفات بدون استثناءات.

وعلى مستوى الأسرى الفلسطينيين والعرب، طالب بتشكيل إطار جدي على المستوى الرسمي وعلى مستوى الأحزاب والحركات على امتداد الأمة لكي تبقى قضية الأسرى حية.

وبعد أن رحب بكافة الحضور، ووصف الاحتفال بأنه عرس وطني كبير، رحب بالاسم بالأسرى سمير وماهر وخضر وحسين ومحمد، وبالشهداء، الذي وصفهم بـ" الأطهار مفخرة الأمة"، والذين سيتم استقبالهم، الخميس، استقبالا يليق بهم، كما تم استقبال الأسرى الأحياء.

بدأ حديثه بالإشارة إلى عملية "الوعد الصادق في الثاني عشر من تموز/ يوليو 2006 لأسر جنود إسرائيليين من أجل تحرير الأسرى اللبنانيين والعرب، وفي مقدمتهم عميد الأسرى اللبنانيين والعرب، سمير قنطار، واليوم، 16/07/2008، يعود سمير ومعه الأخوة الذين قاتلوا من أجل إطلاق سراحه.

وأكد نصر الله على أن العامل الأكبر في التوصل إلى هذه النتيجة، إنجاز اليوم – عملية الرضوان، هو الصمود والانتصار في مواجهة عدوان تموز 2006، وفشل العدو في تحقيق أهدافه، والتداعيات الكبرى لهذه الهزيمة على الكيان وشعبه وجيشه. مشيرا إلى أنه بدون هذا الانتصار لما عاد سمير ورفاقه، ودخلت المنطقة في متاهة الشرق الأوسط الجديد الأمريكي.

وقال إنه حين رفض العالم أن يصغي إلى لبنان وشروط لبنان، فإن الصمود والانتصار جعل لبنان والمقاومة تقف على أرض صلبة لمواصلة عملية تحرير الأسرى والشهداء.

وأضاف أنه في هذا السياق يجب استذكار أولئك الذين قاتلوا في مواقع القيادة والخطوط الأمامية، وفي مقدمتهم القائد الفذ عماد مغنية. كما استذكر "شعبنا الأبي، ووقفة العز في بعض مواقع السلطة، وعذابات الناس، وخاصة المهجرين الذين باتوا في العراء 33 يوما دون أن ينطقوا بكلمة".

أما العامل الثاني فهو المفاوضات الصعبة والشاقة. وقال إنه كان واضحا فيها "عجز العدو عن استعادة جنوده إلا من خلال التفاوض، والأمر الثاني هو عجزه الأمني والاستخباري، ليس فقط في معرفة مكان الجنديين، وإنما في معرفة مصيرهما، أما الأمر الثالث فهو الخشية من قيام المقاومة بعملية جديدة في حال أعلن عن فشل المفاوضات أو أوصل المفاوضات إلى الفشل.. ومن هنا فإن دوافع العدو لم تكن إنسانية كما يدعي، وإنما الخشية من العودة إلى مكان لا تريد إسرائيل العودة إليه.. وكان ذلك واضحا من خلال نقاشات الإسرائيليين.. وهم عطلوا فرصة تحرير الأسرى في العام 2004، وحينها قلنا لهم انتم احتفظتم بسمير قنطار وستندمون.. وقد ندموا".

وأضاف أن العامل الثالث هو صمود سمير قنطار وصلابته ومواقفه، علاوة على كونه لم يضغط على المفاوضين طوال شهور المفاوضات ليستعجل النتيجة، وإنما منح الوقت للتفاوض. ينضاف إلى ذلك صمود بقية الأسرى، وعائلاتهم الشريفة الصادقة، والتي منحت المقاومة الثقة من أجل الوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة.

كما لفت إلى الجهد الذي بذله الفريق المفاوض، والذي تكشف النتيجة حجم الجهد الذي بذله. ولفت أيضا إلى الجهد الكبير الذي بذله الوسيط الدولي لدى الطرفين، كما شكر الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، بان كي مون، ومبعوثيه من وسطاء.

وأشار نصر الله إلى أنه عندما ذهب سمير (لتنفيذ العملية في نهارية) لم يكن حزب الله قد وجد، وعندما ذهبت الشهيدة دلال المغربي بدورها، لم يكن حزب الله قد وجد، وأن يعيدهم حزب الله فلذلك دلالات كثيرة. وقال إن مشروع المقاومة مشروع واحد وحركتها حركة واحدة ومسارها واحد ومصيرها واحد، وهدفها واحد، حتى وإن تعددت فصائلها وأحزابها واتجاهاتها الفكرية والسياسية. كما قال إن ذلك يؤكد على أن حركات المقاومة في فلسطين وفي لبنان هي حركات متكاملة، حيث تتكامل جهودها في تحقيق نفس الهدف.

وفي سياق حديثه عن هذا الحشد من الشهداء على مدى 30 عاما، من فلسطينيين ولبنانيين وعرب، أكد على اعتزازه وتقديره لكل الفصائل والأحزاب والمقاومين والشهداء، الذين سبقوا إلى ساحات النضال، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من تجاربهم وضرورة حفظ مكانتهم.

وقال نصر الله إن "الهوية الحقيقية الأصيلة الراسخة والثابتة لشعوبنا في المنطقة هي هوية المقاومة وإرادة المقاومة وثقافة المقاومة، ورفض الذل والاحتلال أيا كان المحتلون والطغاة.. تجدون أن راية المقاومة لا تسقط، وإنما تنتقل من مجموعة إلى مجموعة، ومن حزب إلى حزب، ومن فصيل إلى فصيل، ولكنها تبقى بيد المقاومة.. قد يتعب بعضنا، وقد يقتل بعضنا، وقد يخلي بعضنا الساحات، ولكن كان هناك دائما من يتسلم الراية ويواصل الطريق.. فالمقاومات والفصائل تقدم النموذج لكي تستفيد الشعوب والأجيال".

وأشار في كلمته إلى أن الأسرى العرب لم يغيبوا عن بال المفاوضين، إلا أنه ومع إدراك الصعوبات القائمة، وحقيقة وضع الجنديين الأسيرين الحقيقي، وفي الوقت الذي قدمت فيها إسرائيل الحجج عن عدم قدرتها على إطلاق سراح أسرى غير لبنانيين، فقد تم الاتفاق على تسليمهم لمن يشاؤون، وبأي شكل، وليس من المهم أن ينسب الأمر لحزب الله، وإنما الغاية هي إطلاق سراحهم. وقال في هذا السياق إنه تم التوصل إلى اتفاق على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، بغض النظر عن العدد والأسماء، وترك ذلك لجهود الوسيط الألماني والأمين العام للأمم المتحدة، مع رسالة تطالب بإطلاق سراح النساء والأطفال والمرضى.

وتوجه نصر الله إلى العالمين العربي والإسلامي والحكومات العربية والإسلامية، وبينها التي لها علاقات حسنة مع الولايات المتحدة، وكذلك الشعوب، ليذكر بحرية 11 ألف أسير فلسطيني وعشرات الأسرى العرب. وقال إنه "لا يجوز أن يقال أن هذا شأن فلسطيني، ولا يجوز أن يترك الأمر لفصائل المقاومة الفلسطينية لوحدها.. هذه الأمة يجب أن تستحضر معاناة 11 ألف أسير وعائلاتهم.. العالم العربي لا يحرك ساكنا.. أنا أؤمن بخيار المقاومة، ومن يؤمن بخيار الدبلوماسية فليتفضل وليبذل جهوده.. لم يبذل جهد حقيقي على هذا الصعيد.. وليشكل إطار جدي على المستوى الرسمي وعلى مستوى الأحزاب والحركات على امتداد الأمة، والعمل على المستويين على مساندة الشعب الفلسطيني، ولكي تبقى قضية الأسرى قضية حية.. وبتكامل الجهد نصل إلى النتيجة المطلوبة".

وعلى مستوى لبنان، قال نصر الله إن الإنجازات تكتمل وقد اجتمعت في يوم واحد. وأضاف أنه كان لدى المقاومة هدفان؛ إطلاق سراح الأسرى وقد تحقق، والثاني المطالبة بحكومة وحدة وطنية وهذا ما تحقق اليوم أيضا.

وقال إنه يوجد أمام الحكومة اللبنانية الوطنية الأولى في العهد الجديد فرصة تاريخية. مشيرا إلى أنه من التوفيقات أن تلتقي الحكومة الجديدة للمرة الأولى وتكون مهمتها الأولى أن تستقبل الأسرى المحررين في مطار بيروت.

وهنا يتوجه بالشكر إلى الرئيس اللبناني، ميشيل سليمان، الذي أصر على استقبال الأسرى بهذا الشكل الجليل، كما فعل سلفه الرئيس السابق إميل لحود في العام 2004.

وقال "مجددا ومن خلال المشهد الرسمي في مطار بيروت، والمشهد المتكرر في وقفه المقاومة والجيش جنبا إلى جنب، والمشهد الشعبي والقومي السياسي، يثبت لبنان أنه وطن جدير بأن يضحي اللبناني بنفسه وبأبنائه من أجل رفعة هذا الوطن.. هذا يوم مبشر ويجب أن يؤسس عليه.. ندعو مجددا إلى لم الشمل، والاستفادة من الفرصة الجديدة كلبنانيين، وبروح التضامن، فالجميع يدخل الحكومة ليشارك بشكل فعال وجاد، وإعادة إحياء لبنان".

وأضاف "بروح التعاون والتضامن، وأمام ما هو مطروح للنقاش، إن همنا هو تحرير بقية أرضنا.. وإننا منفتحون لكل نقاش واستراتيجية دفاع وتحرير لتحرير مزارع شبعا وكفر شوبا والجزء المتبقي من الغجر.. لبنان لم يخرج بعد من دائرة التهديد والخطر.. هدفنا هو حماية بلدنا، ونصر على أن يشارك الجميع في حماية هذا البلد.. أقول لكم في عرس حرية الأسرى أننا نطالب الجميع بأن يساهموا في حماية هذا البلد، ومن يتخلف فهو خائن".

كما أكد نصر الله على الجاهزية لمعالجة كافة الملفات بدون تحفظات واستثناءات، بكل ما يضمن المصلحة الوطنية ومنعة لبنان.

وأشار إلى أنه في الأيام المقبلة سيتم تحديد هوية رفات الشهداء والمفقودين، بالإضافة إلى ملف الدبلوماسيين الإيرانيين.

وقبل أن ينهي كلمته، لفت إلى أن الإمام موسى الصدر قد مضى على اختفائه 30 عاما، هي المدة التي قضاها سمير القنطار في الأسر. وأكد في هذا السياق على الرغبة في إغلاق هذا الملف ليصل إلى نتيجة حاسمة، مع إدراكه للحساسيات العربية الرسمية، داعيا إلى تعاون عربي وإسلامي لإغلاق هذا الملف.

وختم حديثه بالقول "أهنئكم بانتصاركم.. هذا إنجازكم أنتم، ووعدكم أنتم، وصمودكم أنتم، وصبركم أنتم.. بكم ننتصر، وبكم نفرض الهزيمة على أعدائنا.. سمير هو ثروة وطنية وقومية وإنسانية وحضارية..".
دعا عميد الأسرى اللبنانيين والعرب في كلمته أمام مئات الآلاف من الحشود في الضاحية الجنوبية إلى توحيد صفوف المقاومة الفلسطينية، مستذكرا الشهداء ودورهم، كما أكد على العودة إلى فلسطين مع إخوانه في المقاومة.

وفي بداية كلمته قدم الأسير المحرر سمير القنطار شكره للوطن والمقاومة اللبنانية، مشيرا إلى أن اليوم هو يوم الإنتصارات، ولا عودة إلى زمن الهزائم.

وقال إن الفضل في إطلاق سراحه يعود إلى الشهداء وجماهير الوعد الصادق الذين تحملوا كل شيء، وقدموا الأموال والأبناء، وتحملوا كل الأذى، ولم يساوموا على المقاومة.

واستذكر القنطار الشهداء، كل الشهداء الذين سقطوا في لبنان وفي فلسطين. كما استذكر الشهيد عباس الموسوي، الذي وصفه بـ"سيد الشهداء"، مؤكدا على أن المقاومة أصحبت قوة نوعية لا تهزم، وأنها أصبحت ثقافة الأجيال. كما استذكر القيادي في حزب الله الشهيد عماد مغنية، الذي وصفه بـ"القائد الأسطوري"، وهنا يؤكد على أن الرد على اغتيال مغنية، بالقول: "سنكون بمستوى دمائك فقد إذا أجبرنا العدو على أن يشتاق إلى أيامك"!..

واستذكر القنطار في حديثه قول أحد السجانين له بأنه "لم يخلق بعد الرجل الذي يستطيع إخراجه من السجن"، وهنا يشير إلى رده بأن "هناك آلاف من الرجال إذا قالوا فعلوا وإذا وعدوا صدقوا، وعلى رأسهم سماحة حسن نصر الله".

وقال القنطار: "لقد عدت من فلسطين، الأغلى على قلوبنا، ولكن لم أعد إلى لبنان إلا لكي أعود إلى فلسطين.. أعد أهلي وأحبائي وأعزائي بأننا عائدون، أنا وإخواني في المقاومة".

وأشاد القنطار في كلمته بالرئيس اللبناني السابق إميل لحود الذي كان موجودا في الاحتفال عندما وجه إليه شكر الأسرى المحررين بوصفه "الرئيس المقاوم".

كما حمل للفلسطينيين تحيات 11500 أسير وأسيرة في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى رسالة تدعو للوحدة على قاعدة برنامج سياسي واحد وتوحيد صفوف المقاومة.

التعليقات