البرادعي: فرصتي في الفوز ليست منعدمة في انتخابات نزيهة..

فى حواره مع عمرو أديب: "لم أرى أي إنسان في مصر من محدود الحال إلى ميسور الحال سعيد.."

البرادعي: فرصتي في الفوز ليست منعدمة في انتخابات نزيهة..

بعد شهور من الجدل حول إبداء استعداده لترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة، أكد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق د.محمد البرادعى، أنه هدفه ليس الوصول لمقعد الرئاسة، موضحا أن هدفه هو الارتقاء بمستوى الدخل والتعليم والخدمات الصحية المقدمة للمواطن المصرى البسيط من خلال نظام ديمقراطى يتيح للشعب اختيار رئيسه المقبل، ومؤسسات قومية قوية تستطيع أن تدير الحياة السياسية داخل مصر من خلال المحاسبة، مؤسسات تستطيع أن تحقق المساواة والعدالة الاجتماعية، مغايرة لتلك المؤسسات التى تبنتها الشرعية الثورية والإدارة المصرية لمدة خمسين عاما.

ورجح البرادعى، خلال حواره مع الإعلامى عمرو أديب فى حلقة أمس السبت من برنامج القاهرة اليوم فى فيينا، أنه قد يرشح نفسه للرئاسة المصرية فى حال تحققت هذه المعايير، لافتا إلى أن التوقعات المبنية على المقارنة بين الانتخابات المقبلة والانتخابات الأمريكية الماضية ظالمة لأن باراك أوباما كان يعمل فى ظل نظام ديمقراطى معتدل يسمح له بخوض غمار الانتخابات مستقلا، مؤكدا أنه ماض فى معركته لتغيير الدستور وإنشاء مؤسسات قوية للدولة المصرية حتى إذا لم يسمح له بالترشح كمستقل، مضيفا "لدى رؤية وقناعة أن نشرع فى السير بخطى واضحة ومدروسة نحو مجتمع قائم على الاعتدال والحداثة والسلام والأمن الاجتماعى.. لكنى أرى مصر الآن منقسمة اقتصاديا بين غنى وفقير ودينيا بين مسلم ومسيحى.. أريد أن يعيش كل مصرى حياة حرة وكريمة".
كما أكد البرادعى أن الشعب المصرى قادر على التعبير عن نفسه والتغيير، مشيرا إلى أنه إذا وقع 10 آلاف محام على بيانات تطالب بضمانات بنزاهة الانتخابات وتغيير الدستور، سوف يشكلون ضغط قوى نحو التغيير الديمقراطى فى إشارة للالتفاف الشعب المصرى حول جمع التوقيعات لسعد زغلول لتغيير الدستور، إلا أن هذا يظل رهنا بقدرة الإدارة المصرية على الحديث بشفافية عن المشاكل الداخلية وصولا إلى معالجة واضحة قد تأتى من رجل بسيط تحققت له فرصته فى المشاركة السياسية، مؤكدا أن فكرة "المنقذ" انتهت من العالم كله وأصبح الشعب شريكا أساسيا فى العملية السياسية وفى تقرير مصيره"، لافتا إلى أن هناك 42% فى مصر تحت خط الفقر، وأن الأمية تجاوزت الخط الأحمر، إلا أنه أعرب عن اعتقاده أن التغيير ليس بالضرورة أن يتحقق بالصدام مع النظام، معتبرا أنه مسئولا أمام ضميره فى المشاركة فى الإصلاح السياسى.

لا أستطيع أن أؤسس حزبا إلا بالعودة إلى الحزب الحاكم..

وحول تعديل المادة 76 التى تحدد مواصفات محددة فى المرشح لرئاسة الجمهورية، قال البرادعى "للأسف غبنا عن الديمقراطية 50 عاما.. وضعت خلالها عوائق غير منطقية أمام المرشح للانتخابات التشريعية والرئاسية"، مشيرا إلى أن مصر تخالف بهذه المادة التزاماتها الدولية التى تؤكد حق كل إنسان فى يرشح نفسه وأن ينتخب بدون عراقيل، غير أن الدستور يغلق الباب تماما أمام أى مرشح مستقل.

طريقة تأسيس الاحزاب معيبة..

وعن دعوة بعض الأحزاب المصرية للبرادعى بالانضمام لها ليتسنى له الترشح تحت مظلة حزبية، قال البرادعى "حزبى هو الشعب المصرى.. 80 مليون مواطن لا أرى لهم تمثيلا فى الأحزاب أو البرلمان"، مضيفا "لا هذه أحزاب انتمى إليها ولا أنا جزء منها.. بالإضافة إلى أن طريقة تأسيسها معيبة"، كما أن هناك خلافات بين الأحزاب المعارضة أكثر من خلافتها مع الحزب الحاكم، مشيرا إلى أن "الوضع فى مصر بالنسبة للأحزاب غريب جدا.. فلا أستطيع أن أؤسس حزبا إلا بالعودة إلى الحزب الحاكم.. فكيف لحزب يفترض أنه معارض أن يحصل على ترخيص إلا إذا قدم تنازلات"، مؤكدا أن حرية تكوين الأحزاب جزء من أى نظام ديمقراطى، حيث يستطيع تأسيس حزب بالنمسا بمجرد الإعلان عنه.

وحول موافقة مجلس الشعب على التعديل الأخير للدستور، رأى البرادعى أن المجلس لا يمثل الشعب، مشيرا إلى أن المعارضة فى المجلس تمثل نسبة 3% وأن نسبة 50% عمال وفلاحين أصبحت هامشية، وبالتالى فإن المجلس لا يعبر تعبيرا حقيقيا عن 80 مليون مصرى أو نظام ديمقراطى، وبالتالى تخلى عن دوره الرقابى والمحاسبى، فضلا عن ضعف مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أنه قارن الدستور المصرى بالفرنسى، فوجد اختلافا فظيع، كما وجد أنه "أخذ من كل بستان زهرة"، وصولا إلى مواد لا يوجد بينها تناسق.

" شهرتي هي حمايتي.."

وحول تصريحات الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل حول جدية البرادعى فى الترشح، قال البرادعى، إن الأولوية للإصلاح السياسى ووضع إطار سياسى يضمن لكل مصرى حقه فى الترشح كمستقل، إلا أنه قال إنه قد يرشح نفسه إذا توفرت ضمانات برقابة جيدة على الانتخابات لا تسمح بالتزوير، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسمح بمراقبة الانتخابات، متسائلا عما يمنع النظام من الموافقة على "الضمانات" لطالما كانت الانتخابات نزيهة، مستنكرا حرمان المصريين فى الخارج من المشاركة فى الانتخابات، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالات من العديد من المصريين فى أوروبا وأمريكا يعرضون عليه المساندة والدعم فى مسيرته.

ولفت البرادعى إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات التى تطلب منه التراجع خوفا على حياته، إلا أنه رد قائلا "شهرتى هى حمايتى"، نافيا اتصال الإدارة المصرية به.

وحول إشارة الصحف إلى انفصاله عن الواقع المصرى، قال البرادعى" لم أنفصل عن مصر أبدا.. أزور مصر كل شهر.. وأعرف مشاكلها الداخلية"، مؤكدا أن مشكلات مصر لا تختلف عن مشكلات 100 دولة نامية أخرى، إلا أنه قال "المرض معروف.. لكننا بحاجة إلى الفريق الطبى الذى يستطيع تقديم الحل السريع الذى يقضى على المرض"، فى إشارة لداء الفساد الذى استشرى فى المجتمع المصرى، مشيرا إلى أنه اقترح لجنة تحدد شكل مصر سنة 2020، لجنة تتوقع التحديات وتضع الحلول بطريقة علمية لا تحتاج إلى خبير رئاسى.

وعن تناول الصحف القومية لشخص البرادعى، قال البرادعى إن "رد فعل الصحافة القومية تراوح بين الكذب والإساءة.. وصنعوا منى بطلا قوميا..ومن كان لا يعرفنى أصبح يعرفنى من خلال هذه الصحف"، مضيفا أنه "لو أردت أن أجرهم إلى قضايا سب وقذف فى المحاكم لفعلت.. هذه ليست صحف"، مشيرا إلى التناقض الواضح بين موقف هذه الصحف عندما حاز على جائزة نوبل وموقفها عندما أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، لافتا إلى أن هناك 150 دولة قدمت له الشكر على جهوده فى الوكالة الذرية فى حين تهاجمه صحف بلده ومواطنيه.

وحول تشكيك الصحف القومية فى ولاء البرادعى وأنه مزدوج الجنسية، قال البرادعى إن "هذا شىء يدل على تدنى الأخلاق" مضيفا "لم أجد لدى رئيس التحرير غضاضة فى أن يكذب على هذا المستوى"، مرجحا أن يكون دافع هذه الصحف هو إظهار الولاء للحزب الوطنى، إلا أنه أشار إلى عمق علاقته بالرئيس مبارك، مؤكدا أنه يهاجم سياسات وأفعال ولا يهاجم أشخاص، معربا عن اعتقاده بأن كل شخص خارج الحزب الوطنى الديمقراطى وداخله يعمل لصالح مصر، لكن المحك هو الطريقة والنتيجة.

"لم ير أى إنسان فى مصر من محدود الحال إلى ميسور الحال سعيد"..

وحول طموحه القوى فى إصلاح الوضع السياسى فى ظل جهاز دولة قوى قد تتحطم على ضفافه العديد من الآمال والطموحات، وعلى الرغم من محاولات الصحافة النيل منه، قال البرادعى إنه "لم يرى أى إنسان فى مصر من محدود الحال إلى ميسور الحال سعيد.. وضميرى يحتم على أن أدافع عن حق هؤلاء فى التعليم والصحة والمشاركة السياسية حتى لو لم أكن رئيسا، لكنى سأواصل دفاعى عن حقوقهم حتى ينالوها أو يطلب منى الشعب التراجع.. أما غير ذلك فأنا لا أستطيع أن أخذل الشعب، مشيرا إلى أن هناك استجابة واسعة من الشباب، إلا أنه أعرب عن أسفه لحملة الاعتقالات التى استهدفت هؤلاء الشباب لمجرد إعلانهم عن نيتهم استقباله فى المطار فى إشارة لاعتقال منسق حركة 6 إبريل، متسائلا "فى مصلحة من تناول اعتقال هؤلاء الشباب فى وسائل الإعلام الأجنبية؟".

وشدد البرادعى على ضرورة التحاور مع الشباب والاستماع إليهم بعيدا عن فكرة الأمن، "فهم لا يشكلون خطرا على الأمن بل ينشدون حقهم فى الممارسة السياسية"، مؤكدا أنه "ليس عدلا أن أعيش 30 عاما فى حالة طوارئ".

وأشار إلى أنه اقترح على الرئيس مبارك من عشر سنوات أن يدفع القادرين مقابل التعليم ويتمتع الفقير بتعليم مجانى بحت، متسائلا عما يمنع الدولة من منح الفقراء قرضا مدته عشرين عاما حتى يجد وظيفة وحتى يعلم أولاده، مضيفا "أنه لا مانع من أن انفتح على الاقتصاد العالمى وأخصخص لكن مع الاحتفاظ بالمرافق الحيوية كما هى".

القضية الفلسطينية...يحاول الأول تحديد حقه بينما أكل الثانى حقه وزحف على حق الأول..

وعن رؤيته للقيادة المصرية، قال البرادعى إن "الدولة ليست شخص ولكن مؤسسات لم يصيبها النجاح فى أحيان كثيرة.. جمال عبد الناصر فعل أشياء جيدة لكنه تركنا فى حرب.. وأنور السادات فتح الاقتصاد لكنه وقع اتفاقية السلام التى فصلت مصر عن العالم العربى لسنوات"، مشددا على ضرورة إيجاد حل عاجل للقضية الفلسطينية التى تصفى، وشبه الصراع الفلسطينى الإسرائيلى باثنين يتنازعان على اقتسام فطيرة البيتزا، فيحاول الأول تحديد حقه بينما أكل الثانى حقه وزحف على حق الأول.

وحول ما إذا كان إصراره على تعديل الدستور جاء كرد فعل لتخلى مصر عن البرادعى عند ترشحه للوكالة الذرية، نفى البرادعى ذلك، مؤكدا أن مصر بالنسبة له هى الشعب المصرى، مشيرا إلى تكريم الرئيس مبارك له بإعطائه قلادة النيل التى تأتى بعد الرئيس بدرجة، إلا أنه عاب على الإعلام المصرى عدم اهتمامه بالتكريم أو أى تكريم أخر، متسائلا"هل هذا هو الحكم الرشيد أن أحرم المواطن المصرى من أن يفتخر بعالم أو عالمة ناجحة؟".

فرصتي للفوز ليست منعدمة...

وأكد البرادعى أن "فرصتى فى الفوز ليست منعدمة إذا توافرت الشروط ونافست الرئيس مبارك أو نجله شخصيا فى الانتخابات، إذا كانت نزيهة ومتكافئة، لأن الفيصل الوحيد سيكون قبول الشعب والبرنامج الانتخابى، لكن وقتها سيكون هناك إطار ديمقراطى يعطى الحق للمواطن العادى فى المشاركة السياسية".

وحول ما تردد عن احتمالات أن يكون البرادعى جزء من مؤامرة أمريكية، قال "يا ليت.. لكن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها اعترضت على ترشيحى مرة أخرى للوكالة الذرية لموقفى من الحرب على العراق والبرنامج النووى الإيرانى"، معربا عن اعتقاده أنه لا توجد دولة فى العالم تستطيع أن تغير مسار دولة أخرى.

يجب ان يكفل الدستور حرية العقيدة وبناء دور الكنائس للأقباط..

وعن علاقته بالإخوان فى حالة نجاحه فى الوصول إلى الرئاسة، أكد البرادعى أن "الإخوان جزء من المشاركة فى العمل السياسى.. وأنه سيدعم بقوة تأسيس حزب للإخوان إذا اتفقت مع الدستور والتزمت الأسلوب السلمى"، متسائلا "كيف يمنع الدستور الإخوان من تأسيس حزب على أساس دينى وهو ينص على أن المصدر الرئيسى للتشريع هى العقيدة الإسلامية؟"، فيما شدد على ضرورة أن يكفل الدستور حرية العقيدة وبناء دور الكنائس للأقباط.

وعن توقعاته للفائز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال البرادعى إن هذا الأمر سيظل رهنا بالتطورات التى تشهدها الساحة السياسية فى الفترة المقبلة، مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة أن يفوز الرئيس مبارك أو نجله جمال لكن مع استمرار هذا الوضع فلا فائز سوى الرئيس مبارك، معربا عن تأييده فكرة ترشح قبطى أو امرأة للرئاسة، إلا أنه قال إنه سوف يدلى بصوته للبرنامج الذى يتفق مع مصلحة الشعب وليس لشخص بعينه.

خمسون عاما من الحكم غير الديمقراطي..

وأكد البرادعى أنه من مصلحة مصر أن يتم تداول السلطة بعد خمسين عاما من "الحكم غير الديمقراطى"، مشددا على ضرورة أن ضخ دم وفكر جديد من خارج الحزب الوطنى، لأنه إذا جاء الرئيس المقبل من الحزب الوطنى فلن تختلف منهجيته عن المنهجية الحالية.

وعن إعلان أيمن نور عن ترشحه باسم حزب الغد، قال البرادعى "سمعت عن نور وقرأت أخباره فى الصحف وعلمت أنه دخل السجن.. لكنى لم أقابله ولا أعلم الكثير عنه"، معربا عن استعداده للقاء أى شخص فى مصر، وأنه إذا طلب الإخوان لقاءه سيلبى رغبتهم.

وعن قضية النقاب التى فرضت نفسها مؤخرا على المجتمع المصرى، قال البرادعى "المشكلة أصبحت صعبة للغاية.. لقد أخذنا من الدين الإسلامى المظهر ونسينا الجوهر.. المرأة ليست عورة"، مشيرا إلى قول الشيخ محمد عبده عن النقاب "النقاب عادة قبلية وليس فرضا أو عبادة"، إلا أنه قال إن من حق المرأة أن تنتقب مع مراعاة الأمن القومى، موضحا أن "النقاب فى حد ذاته يعكس فكر.. وأنا يهمنى الفكر وراء النقاب".

لا داعي للطاقة النووية..

حول امتلاك مصر لطاقة نووية سلمية، رأى البرادعى أن مصر لديها ما يلبى احتياجاتها الرئيسية وأنه لا داع لامتلاك طاقة نووية، خاصة وأن الموظف المصرى لا يعرف ثقافة الأمان أو تشغيل مفاعل نووى، إلا أنه قال إنه ليس هناك ما يمنع من امتلاك طاقة نووية سلمية، مشددا على ضرورة بناء قاعدة جديدة من التقدم تستغرق 10 سنوات.

وأشار إلى أن إيران دخلت سباق التسلح النووى لأنها تريد أن يعترف الغرب بأنها قوى إقليمية كبيرة، مشيرا إلى أن قوة مصر هى فى علاقتها بالعالم العربى، قائلا "إن وضع مصر سيئ للغاية" لأنها بعيدة عن السودان الذى أوشك على الانقسام وعن فلسطين والصومال.

وأكد البرادعى أن زوجته وأولاده لا يودون فى هذا المنصب الرئاسى لأنهم نالوا من التكريم والجوائز ما يكفيهم، مشيرا إلى أن عائلته وهو يرغبان فى قضاء وقت أطول سويا، إلا أنه أكد أنه سيواصل معركته لتعديل الدستور والإصلاح السياسى، قائلا "كونك رئيسا أو غفيرا فهذا لا يهم.. المهم أن تشارك فى إصلاح بلدك ومساعدة أهلك وإسعادهم".

كما رأى البرادعى، ردا على سؤال عما إذا كان بقوة قيادة مصر، أن القوة هى قوة الفكر، وأن الكاريزما هى التى تجمع الشعب حول شخص ما، وأن الشخص الكفء لا يشترط أن يتمتع بكاريزما، واصفا الرئيس مبارك بأنه متواضع ومستمع جيد ويتمتع بالبساطة الريفية...

التعليقات