الرئيس السوري الأسد: جهوزية لخياري الحرب والسلم ومن الخطأ شطب خيار المقاومة..

ويضيف: "وحدها عناصر القوة توصلك الى السلام الفعلي. السلام ليس غصن زيتون نلوّح به.. غصن الزيتون ينفع للدبكة، ولكن ليس للتعامل مع الواقع ولصنع موازين القوى"..

الرئيس السوري الأسد: جهوزية لخياري الحرب والسلم ومن الخطأ شطب خيار المقاومة..
خلال استقباله في قصر الشعب أمس المشاركين في مؤتمر «العروبة والمستقبل» الذي استضافته دمشق، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنه رفض عرضا إسرائيليا لمقايضة الجولان بعلاقات سورية مع إيران وحركات المقاومة، كما أكد على أهمية امتلاك عناصر القوة بوصفها الضمان للوصول إلى سلام فعلي.

وكشف الرئيس السوري عن أن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف نقل خلال زيارته الأخيرة الى دمشق رسالة إسرائيلية من شمعون بيرس تتضمن عرضاً بالمقايضة بين الجولان وفك علاقة سوريا بإيران وحركات المقاومة، مشيرا إلى أن جوابه كان واضحا وهو أن الواقع يثبت ان اسرائيل لا تعمل من أجل السلام، وبالتالي فإن باقي الكلام لا يفيد.

وشدد الرئيس الاسد على أن للقيادة السورية منهجية في التعامل مع الملفات المطروحة من لبنان إلى إيران مروراً بفلسطين والعراق، «فنحن لا نربط الملفات بدول بل بقضايا، وقد نصحنا من يأتي لمحاورتنا بأن لا يضيّع وقته في السعي الى الربط بين هذه الملفات». وأضاف: نحن نتكلم حول كل ملف على حدة، انطلاقاً من اننا نعرف ماذا نريد والقرار في نهاية المطاف هو قرارنا.

وأكد أن سوريا دخلت في المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل عام 2008 من دون أوهام، «ولن يكون هناك ما نخافه عندما تكون الثوابت واضحة ونهائية، وعندما يكون القرار بعدم التنازل عن أي جزء منها مهما كان صغيراً هو قرار نهائي لا يخضع الى المساومة».

وأشار الرئيس الأسد الى أن المقاومة هي من أجل السلام المشرّف وليس من أجل الحرب للحرب. وتابع: إذا لم تكن قوياً، لا أحد يحترمك. الاوراق التي تمتلكها هي التي تعبر عن قوتك وتجعل الآخرين يحسبون لك حساباً، ولو اننا لم نمتلك اوراقاً ما كانوا ليقتنعوا بدورنا. وحدها عناصر القوة توصلك الى السلام الفعلي. السلام ليس غصن زيتون نلوّح به.. غصن الزيتون ينفع للدبكة، ولكن ليس للتعامل مع الواقع ولصنع موازين القوى.

وشدد الرئيس بشار الاسد على انه يرفض ممارسة الضغوط على حركة حماس او غيرها من حركات المقاومة الفلسطينية كي تتخذ مواقف مخالفة لإرادتها: «نحن لا نقبل ان نفرض رأينا على أحد من الفلسطينيين. وهذا هو سبب خلافنا مع البعض. وبرأينا ان المطلوب ان يتحمل كل طرف مسؤولياته. موضوع المصالحة الفلسطينية عند مصر، أما هل نجحت أم لا فهذا موضوع آخر».

وفي موضوع الخلاف مع مصر أكد الرئيس الاسد ان أحداً لا يريد لمصر أن تتقزّم «ونحن لا نسعى الى أن نؤدي دوراً على حسابها، بل نريد أن تبقى مصر التاريخية ولا بأس في أن نختلف أحياناً، المهم أن نحسن إدارة خلافاتنا، تماماً كالأشقاء الذين يختلفون، ولكن ذلك لا يمنعهم من العيش في بيت واحد. لا يجب أن نعتمد قاعدة «إذا لم تكن مثلي فأنت عدوي»، على طريقة بوش «من ليس معي فهو ضدي». توجد أشياء لا نتفق فيها مع مصر، إلا انه يجب ألا نحوّل ذلك الى مشكلة».

وأبدى الرئيس الأسد اعتراضه على توصيف سوريا بانها دولة ممانعة حصراً، قائلاً: نحن لسنا دولة ممانعة فقط، لأن هذا التعبير ينطوي على دفاع سلبي، بينما ينبغي أن نكون فاعلين. الممانعة هي كالشجرة التي تظل واقفة مكانها. هي تمانع ولكنها لا تتحرك وقد تأتي عاصفة وتكسرها يوماً ما. نحن نتحرك والمقاومة بهذا المعنى هي فكرة ايجابية. وما فعلناه في السنوات الماضية كان نتاج قناعة وليس ضربة حظ. لقد كنا مقتنعين أننا سنربح التحدي، ولم نكن نجرّب. لقد واجهناهم في كل الساحات التي فتحوها ونجحنا".

واعتبر أن الذين استهدفوا سوريا فشلوا في اللعب على الداخل السوري «حيث أن الحالة الوطنية طاغية من دون حاجة إلى الجانب الأمني، ولذلك لا قلق لدينا من ثورات داخلية. نحن نرى أن التنوع الموجود عندنا هو عنصر غنى، ووحدتنا الوطنية متينة استناداً الى ثوابت لا يمكن أن نخرج عنها».

وبالنسبة الى العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، أوضح الرئيس الأسد «إن الأساس بالنسبة الينا هو مصالح سوريا ووحدة العراق واستقرار لبنان والسلام العادل، والحوار مع الاميركيين بدأ يلامس تفاصيل هذه العناوين، وإذا أراد الأميركيون أن ينجح الحوار بيننا وبينهم، فانا أقول لهم ما سبق أن رددته أمام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في أول لقاء معه حين قلت له إن عليه ان يتوقع مني أن أقول «لا» أكثر من «نعم». وبالفعل نجحت التجربة والآن هناك احترام متبادل».
وفيما يتصل بلبنان، شدّد على أن «الثابتة الأساسية لدينا هي أننا مع وحدة لبنان وعروبته، وما يُلفت انتباهي ان البعض في لبنان يقولون إنهم ليسوا عرباً بل هم فينيقيون، متجاهلين الحقيقة التاريخية القائلة إن الفينيقيين جاؤوا الى هذا الساحل عبر هجرات من داخل الجزيرة العربية، أي انهم في المحصلة عرب».

وأضاف: لقد دفعنا في الماضي ثمن الانقسام السياسي في لبنان، والبعض عندكم كان لهم مصلحة في الانقسامات والمحاصصة بعد اتفاق الطائف. أما الآن فنحن نريد ضمن إمكانياتنا ان نساعد اللبنانيين على الحوار، وعليهم هم أن يحددوا اي لبنان يريدون، فهذا شأنهم، والحوار وحده كفيل بالوصول الى نتيجة. نحن ندعو اللبنانيين الى ان يتفقوا على ماذا يريدون حتى نستطيع أن نساعدهم بشكل أفضل. والحوار الذي انطلق هو البداية الصحيحة. ولكن يبقى أن دورنا هو عنصر مساعد وليس أساسياً.

ولفت الانتباه الى أنه خلال السنوات الماضية «لم نحاول أن نردّ بالمثل على ما تعرضنا له من قبل لبنان. لقد تعاملنا مع ما حصل باعتباره حالة انفعالية موقتة. نحن دولة أكبر ولم يشهد تاريخنا حروباً أهلية كما جرى في لبنان، ولذلك كان علينا أن نستوعبه، في حين أننا لو تصرّفنا بحقد ووفق حسابات ضيقة، لكنا قد خرّبنا الوضع بدل ان نساهم في معالجته».

وأشار الى أن السعوديين أدركوا أهمية الدور السوري في لبنان، وكان لديهم وعي حقيقي بانه إذا لم تساعد سوريا على تجاوز لبنان أزمته فإن أحداً لا يستطيع ان يساعده، وهذا الفهم سهل علينا ان نؤدي دورنا الايجابي في لبنان.

وردا على سؤال حول ماذا سيكون موقف سوريا إذا شنت اسرائيل حرباً جديدة على لبنان؟ هل ستشارك في الحرب ترجمة لصورة القمة الثلاثية الشهيرة في دمشق؟ أجاب: أعتقد ان الإسرائيليين يتمنون ان يسمعوا الجواب على هذا السؤال وأنا لن أحقق لهم أمنيتهم. هذه أمور عسكرية لن نبوح بها ولن نكشف أوراقنا او خططنا..

وعما إذا كانت التهديدات الاسرائيلية التي رافقت الكلام عن تزويد سوريا لحزب الله بصواريخ الـ«سكود» هي مؤشر الى احتمال وقوع حرب قريبة، أكد الرئيس السوري أن كل مظاهر الحرب والسلم التي تطفو على السطح هي مظاهر وهمية، «وأنا اقول إنه علينا ان نقلق إذا صمت الاسرائيليون وليس إذا هدّدوا».

وأضاف: إن التهديدات التي تسمعونها وصواريخ الـ«سكود» التي يتكلمون عنها ليس لها علاقة بشروط الحرب واحتمالات وقوعها، تماماً كما ان محاولات الطمـأنة اللاحقة لا تعني ان فرص السلام تزداد.

وتابع: نحن لا نثق في الإسرائيلي، ونتصرف على أساس أن نكون جاهزين للحرب والسلم في أي لحظة، والخطأ الذي ارتكبه البعض أنه شطب خيار المقاومة وتحوّل الى أسير لخيار السلام، في حين أنه من المفترض أن نكون في أتم الجهوزية للخيارين معاً.

التعليقات