استقالة الحكومة اللبنانية ومواجهات في طرابلس تسفر عن قتيل!

تأتي هذه الاستقالة على الرغم من ضمان كرامي لأغلبية في التصويت على حجب الثقة عن الحكومة في البرلمان اللبناني، * كرامي: أستقيل حتى لا تكون حكومتي حجر عثرة أمام السلام!

استقالة الحكومة اللبنانية ومواجهات في طرابلس تسفر عن قتيل!
أعلنت الحكومة اللبنانية استقالتها، الاثنين 28.2.2005، أثناء جلسة لمجلس النواب في بيروت، تمّ تخصيصها لاقتراع على حجب الثقة عنها!

وأثناء الجلسة قدّم رئيس الوزراء اللبناني، عمر كرامي، استقالته من منصبه، وإثر أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي رفع الجلسة.

واندلعت ليلة الاثنين الثلاثاء مواجهات عنيفة بين مؤيدي كرامي في مدينته طرابلس، وبين مؤيدي نواب معارضين من نفس المدينة، تخللها إطلاق نيران وإحراق للسيارات. وقد قُتل أحد الموالين لكرامي في هذه المواجهات، ونجحت قوات الأمن اللبنانية في احتواء المواجهات قبل قليل، وفرضت منع التجول في المدينة!

وقال كرامي في مجلس النواب إنه بالرغم من أنه سيفوز بالاقتراع على حجب الثقة عن حكومته، إلا أنّه يستقيل حتى لا تكون حكومته حجر عثرة أمام السلام. وقال: "أنا واثق من أنّ الحكومة لن تكون عقبة أمام هؤلاء الذين يريدون الخير لهذا البلد. أعلن استقالة الحكومة التي تشرفت برئاستها. ليحفظ الله لبنان".

وكان الرئيس المستقيل اعتبر في كلمته أن تعطيل الحياة السياسية في لبنان بانتظار نتيجة التحقيق أمر غير مفيد. وطالب جميع الأطراف بالتعاون لتجرى انتخابات نيابية في مواعيدها لتجنب أي فراغ دستوري.

وأضاف كرامي أن الحكومة مع تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا، ودعا المعارضة إلى حوار لتعزيز التوافق الوطني. وأوضح خلال الجلسة أن "إطلاق التهم السياسية لتحميل الحكومة المسؤولية الجزائية هو منتهى الظلم" وعدد التدابير الأمنية والقضائية التي اتخذتها الحكومة إثر اغتيال الحريري يوم 14 شباط.

كما دعا أيضا إلى إعادة بناء العلاقة مع سوريا على أساس المصالح المشتركة والشراكة المتميزة في مواجهة العدو الصهيوني. وأشار إلى الأوضاع بالمنطقة العربية وما يجري في العراق، محذرا من استغلال المطالب الوطنية أداة لتحقيق مصالح خارجية لا علاقة لها بالقضية اللبنانية.
وكان كرامي سارع في كلمته باسم الحكومة في مستهل الجلسة الصباحية لمجلس النواب، الى طرح الثقة بالحكومة معتبرا ان تحميلها مسؤولية اغتيال الحريري "في منتهى الظلم".

ولا تتمتع المعارضة اللبنانية سوى بثلث أعضاء المجلس النيابي الذين باتوا 127 بعد اغتيال الحريري. وكان أول المتكلمين من نواب المعارضة في جلسة المناقشة العامة الصباحية النائبة بهية الحريري، شقيقة رئيس الحكومة الراحل، فطالبت باسقاط الحكومة "لتقصيرها". وقالت الحريري: "جئنا لنقول فليسقط هذا المجلس حكومة التخاذل والتقصير والخيبة هي وأدواتها وأجهزتها وليمتثل هذا المجلس لارادة الشعب".

ومن ناحيته طالب غطاس خوري من كتلة الحريري النيابية بـ "تحويل لجنة الامم المتحدة لتقصي الحقائق الى لجنة تحقيق دولية كاملة الصلاحيات".

وشددت كلمات نواب المعارضة على ضرورة "اقالة الحكومة" وحملتها في قضية اغتيال الحريري "بالحد الادنى مسؤولية الاهمال والتقصير وبالحد الاقصى التخطيط للعملية ان لم يكن تنفيذها بالاصالة او بالوكالة".

وكان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قد ناشد الامين العام لحزب الله الشيعي حسن نصر الله الانضمام الى صفوف المعارضة، علمًا بأن "حزب اله" الذي له في البرلمان كتلة تضم 12 نائبا درج منذ دخوله مجلس النواب على الامتناع عن اعطاء الثقة للحكومة.

وقد رفع رئيس البرلمان بعيد ظهر الاثنين الجلسة الاولى لمدة ثلاث ساعات ونصف لتستأنف مساءً.

وقد تكلم في الجلسة 11 نائبا غالبيتهم الساحقة من نواب المعارضة مطالبين باسقاط الحكومة.

ونالت حكومة كرامي في 6 تشرين الثاني ثقة في مجلس النواب بلغت 59 صوتا. وجاء تشكيلها بعد أن مدد البرلمان اللبناني في الثالث من ايلول ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود لمدة ثلاث سنوات.
ودعت المعارضة اللبنانية إلى استمرار المظاهرات والاحتجاجات بعد إعلان استقالة كرامي، أمام مجلس النواب . كما دعت قيادات المعارضة إلى استقالة ومحاكمة قادة الأجهزة الأمنية, فيما دعا المعارض النائب وليد جنبلاط إلى التهدئة والحوار.

وعقب الإعلان عن ذلك القرار أُعلن بشكل رسمي في بيروت أن رئيس الجمهورية قبل استقالة الحكومة. وقال رفيق شلالا، المستشار الإعلامي للرئاسة، إنّ إميل لحود بدأ مشاورات نيابية وفقا للأصول الدستورية لبحث تشكيل حكومة جديدة.

وسارع نواب المعارضة الذين خرجوا من مبنى البرلمان للانضمام الى المتظاهرين، لاستمرار التظاهرات "إلى حين رحيل السلطة الموالية لدمشق" كما صرحوا، في إشارة إلى إدارة الرئيس إميل لحود، وكذلك خروج القوات السورية من البلاد.

وفي أول رد فعل لها على الاستقالة، اعتبرت سوريا على لسان مصدر مسؤول ان استقالة حكومة كرامي "شأن داخلي".

وفي أول تعقيب لها على استقالة الحكومة اللبنانية، قالت إسرائيل عبر تصريحات صدرت عن وزارة خارجيتها: "حكومة إسرائيل تتابع عن قرب ما يحدث في لبنان. إسرائيل عبرت في الماضي عن آمالها في أن يكون لبنان دولة ذات سيادة واستقرار. نحن نتابع باهتمام ما يحدث هناك من دون أيّ تدخل". وقالت مصادر صحفية إسرائيلية إنّ وزارة الخارجية الاسرائيلية رفضت إعطاء أية تقييمات حول أسباب استقالة رئيس الحكومة اللبناني، كرامي.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض، سكوت مكليلان، في تصريحات لوسائل الاعلام: "استقالة حكومة (رئيس الوزراء عمر) كرامي تمثل فرصة للشعب اللبناني كي تكون له حكومة تمثل التنوع في بلده بحق."

وتابع: "ستقع على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية اجراء الانتخابات الحرة والنزيهة التي أبدى الشعب اللبناني بوضوح رغبته في اجرائها".

وتعرضت الحكومة اللبنانية لعملية تشريح سياسية داخل البرلمان قادها نواب معارضون اتهموها بتهيئة الاجواء التي أدت إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، بينما تحدى الآلاف من اللبنانيين حظرا حكوميا على التظاهر في وسط بيروت، انفجروا في الهتافات خارج مبنى البرلمان مرحبين بالاستقالة!

وفيما كان نواب المعارضة يهاجمون الحكومة في مجلس النواب كان الآلاف في ساحة الشهداء في وسط بيروت يطالبون بخروج سوريا من لبنان وبإسقاط الحكومة. وقدّرت مصادر صحفية عدد المتظاهرين بخمسين ألفًا، فيما قدّرت أجهزة الأمن اللبنانية عددهم بعشرين ألفًا.

وتمكنت المعارضة اللبنانية من تنفيذ خطتها التي أعلنت عنها سابقا، ونجحت في تنظيم مظاهرة (الاثنين) متحدية بذلك قرار وزارة الداخلية اللبنانية، الأحد، بمنع المظاهرات "حفاظا على السلم الأهلي."

ودعا منظمو التظاهرة إلى إضراب عام في لبنان، (الاثنين)، أثناء انعقاد جلسة البرلمان اللبناني، استجاب لها القطاع المصرفي والتجاري والمدارس والجامعات.

وكان وزير الداخلية اللبناني سليمان فرنجية أعلن (الأحد)، منع أية مظاهرات عامة للحفاظ على الأمن، بينما كانت القوى السياسية اللبنانية تستعد لتنظيم عدد من المظاهرات للمعارضة والموالاة في بيروت، تنديدا أو مساندة للوجود العسكري السوري في لبنان. وجاء قرار فرنجية فيما بدأ عدد من المتظاهرين في التجمع بالفعل وسط بيروت.

في هذه الأثناء، جدّدت واشنطن على لسان مساعد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، ديفيد ساترفيلد، دعوتها سوريا لسحب قواتها من لبنان "بأقصى سرعة"، فيما تستعدّ بيروت لما يشبه القبضة الحديدية، داخل البرلمان وفي الشارع، بين الحكومة القريبة من دمشق والمعارضة.

وجاءت الزيارة فيما تستعد الحكومة اللبنانية لمواجهة في البرلمان وفي الشوارع، مع معارضة غاضبة ومصممة بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري.

ومن جهتها، دعت المجموعات الموالية لسوريا إلى التظاهر الاثنين احتجاجا على ما أسموه التدخل الفرنسي الأمريكي في الشؤون الداخلية اللبنانية. واعتبر المؤيدون في بيان وزع الليلة الماضية أن زيارة المسؤول الأمريكي بالخارجية الأمريكية إلى لبنان "تحدٍّ لكرامة الوطن وأبنائه."

ورأى البيان، الصادر في ختام اللقاء الذي عقد في مقر نقابة الصحافة ببيروت, في هذه الزيارة "تكريسًا لتدخل أجنبي سافر في شؤون لبنان وانتهاكا فاضحًا لسيادته"، معتبرًا أنّ هذه "الزيارة تمهيد لإعلان وضع لبنان تحت الوصاية الأجنبية, وإعداد ديفد ساترفيلد ليكون بول بريمر لبنان."

التعليقات