الانتخابات اللبنانية تنطلق اليوم وتوقعات بأن تكون النتائج متقاربة بين القوتين الرئيسيتين

تصاعدت حدة الحملات الانتخابية التي ستجرى صباح يوم غد الأحد لاختيار 128 نائبا في البرلمان من خلال قوائم يتغلب عليها الطابع الطائفي وسط اتهامات متبادلة بين تيار الرابع عشر من آذار والمعارضة

الانتخابات اللبنانية تنطلق اليوم  وتوقعات بأن تكون النتائج متقاربة بين القوتين الرئيسيتين
يتوجه اللبنانيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 128 نائبا للبرلمان، وفق نظام انتخاب يهيمن عليه الطابع الطائفي. وتتركز المنافسة بين تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر ومجموعة من القوى اللبنانية، مقابل قوى الرابع عشر من آذار التي تضم مجموعة من الأحزاب. وأشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن النتائج ستكون متقاربة بين القوتين مع ترجيح فوز معسكر الثامن من آذار بفارق طفيف.

ويتنافس المرشحون على 128 مقعدا، الا ان المعركة تتركز على حوالى ثلاثين مقعدا فقط، اذ يجمع المحللون على ان المقاعد الاخرى محسومة او شبه محسومة بسبب الاصطفافات الطائفية الحادة لا سيما في المناطق ذات الغالبية السنية والغالبية الشيعية.

وتتوزع المقاعد المتنازع عليها في الدوائر الانتخابية ذات الغالبية المسيحية، كون المسيحيين مقسومين بين الاكثرية والمعارضة. ويرى المحللون ان الاغلبية في البرلمان ستحدد بالاستناد الى عدد ضئيل جدا من المقاعد.

ويبلغ عدد الناخبين، بحسب القوائم الانتخابية الصادرة عن وزارة الداخلية، ثلاثة ملايين و257 الفا، الا ان نسبة كبيرة منهم موجودة خارج البلاد.

ويتوقع ان يكون للقادمين من الخارج والذين تقدر اعدادهم بالالاف وصلوا خلال الايام الماضية، بحسب مصادر ملاحية وماكينات انتخابية، دور مهم في ترجيح كفة هذه او تلك من الجبهتين السياسيتين المتنافستين.

وانتهت الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة السبت بعد اسابيع حافلة من المهرجانات والاحتفالات والتصريحات التي لم يوفر فيها الخصوم الاتهامات لبعضهم البعض حول الرشوة والارتهان للخارج.

ويشارك في مراقبة الانتخابات حوالى 2200 مراقب محلي واكثر من مئتي مراقب اجنبي، ابرزهم من الاتحاد الاوروبي ومنظمات دولية غير حكومية.

وسيتولى حوالى خمسين الف عنصر امني حماية العملية الانتخابية التي تبدأ السابعة صباحا (4,00 تغ) وتنتهي السابعة مساء.

ومقاعد البرلمان موزعة وفق اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين يتم انتخابهم وفق النظام الاكثري البسيط الذي يرى مراقبون انه يلحق الغبن بالاقليات ولا ينتج نخبا جديدة. ويكرس الطائفية كانتماء سياسي، وتترسخ لدى الكثير من الأكاديميين والمثقفين اللبنانيين ضرورة تغيير طريقة الانتخاب وجغلها نسبية حرة دون اي تأثير للطائفة.
ومدة ولاية المجلس النيابي اربع سنوات.

وتملك قوى 14 آذار في المجلس الحالي 67 مقعدا، بينما حصة المعارضة فيه 55، وهناك خمسة نواب مستقلين، بالاضافة الى مقعد شاغر في البرلمان منذ اغتيال النائب انطوان غانم في ايلول/سبتمبر 2007.

وركزت قوى 14 آذار حملتها على التحذير من سلاح حزب الله والهيمنة الإيرانية، في حال فوز المعارضة بقيادة حزب الله. في المقابل، يحذر معسكر حزب الله من الهيمنة الأمريكية ويؤكد على ضرورة "اسقاط المشروع الاميركي" في المنطقة، بينما دعا التيار الوطني الحر بزعامة النائب ميشال عون الى تغيير الاكثرية الحالية محملا اياها كل مسؤولية الفساد والديون التي ترهق لبنان.

ويستبعد عدد من المحللين حصول تغيير جذري في المشهد السياسي اللبناني مهما كان الفائز، بالنظر الى النظام السياسي المعقد في البلد.

ويتمسك حزب الله بتشكيلة حكومية شبيهة مهما كان الطرف الفائز في الانتخابات، وهو ما ترفضه الاكثرية في ضوء تجربة الحكومة الحالية، مشيرة الى ان القدرة على التعطيل تشل العمل الحكومي.

وينتظر ان تبدأ نتائج الانتخابات بالظهور اعتبارا من بعد ظهر الاثنين، علما انها المرة الاولى في تاريخ لبنان التي تجري فيها الانتخابات في كل المناطق اللبنانية في يوم واحد.

وقد توقفت الدعاية الانتخابية فجر السبت وفقا للقانون الانتخابي، وشهدت الأيام الأخيرة تصاعدا في التوتر بين القوتين المتنافستين.


والتقى المرشحون في أنحاء لبنان بالناخبين في دوائرهم في جهود اللحظات الأخيرة لكسب تأييدهم عشية الانتخابات. وركزت قوى الأغلبية دعايتها للنيل من المعارضة وأقطابها وتخويف اللبنانيين من سلاح حزب الله ودور سوريا. مما استدعى الطرف الآخر إلى سياق تبريرات طمأنة. وقال الجنرال ميشيل عون، زعيم كتلة التغيير والإصلاح بالبرلمان اللبناني، المتحالف مع حزب الله في خطاب له الجمعة أمام مناصريه، إن هناك جهات "تحاول إخافة الناخبين المسيحيين عبر أحاديثهم عن سلاح حزب الله، ولكنني أسأل هؤلاء الذين ينعون على سلاح الحزب، عن الطريقة التي سيزيلون بها هذا السلاح." وأضاف عون، أن سلاح حزب الله لن يشكل مشكلة بعد زوال الأسباب التي دعت إلى حمله، بما في ذلك الإشكالات على الحدود مع إسرائيل.

وشكل اقتراع الموظفين المعنيين بالعملية الانتخابية الخميس بنسب "مرتفعة بلغت 85,2% بروفة" ناجحة لسير العمليات الانتخابية يوم الاحد كما اعلن وزير الداخلية زياد بارود.

وسيتم فرز اصوات الموظفين المكلفين من قبل وزارة الداخلية ادارة مراكز الاقتراع في اطار فرز النتائج العامة.

واوضح بارود ان عملية اقتراعهم جرت "بدون معوقات اساسية وبمستوى تنظيم لوجستي واداري جيد". وقال "شكل اقتراعهم بروفة انتخابية ليوم الاحد".

وذكر بارود بالتدابير المتخذة حفاظا على حسن سير عملية التصويت التي ستجري في كل لبنان للمرة الاولى. من ابرز هذه التدابير وقف الحملات الاعلانية منتصف ليل الجمعة السبت.

وقبيل هذا الموعد، ارتفعت حدة الاتهامات وطاولت شظاياها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي اتهمته الجمعة صحف لبنانية مقربة من قوى 8 اذار بالانحياز الى الجانب الاخر على خلفية تحالفات انتخابية تمت في مسقط راسه (جبيل) بين مرشحين يعتبرون انفسهم مقربين منه ومرشح من قوى 14 اذار.

وعنونت صحيفة السفير على صدر صفحتها الاولى "سليمان يغامر بموقعه التوافقي" وكتبت انه "قرر ان يغامر بمحاولة ربح مقعد اضافي في دائرة جبيل ولو ادى ذلك الى خسارته لدوره التوافقي" الذي انتخب على اساسه.

وتصدرت الصفحة الاولى لصحيفة الاخبار عبارة "سليمان ينحاز ل14 اذار" التي كتبت "غادر الرئيس سليمان مربع الغموض البناء الى مربع التحالف المباشر مع 14 اذار في جبيل بوجه لائحة التيار الوطني الحر".

وتركز تبادل الاتهامات خصوصا في بعض المناطق المسيحية التي تعتبر نتائجها حاسمة لتكريس الجهة الفائزة ومنها زحلة في سهل البقاع (شرق).

فقد اتهم النائب الياس سكاف حليف عون "الدولة بالانحياز لفريق دون اخر" واتهم خصومه بدفع الرشاوى. وقال في مؤتمر صحافي "شاهدنا الخميس داخل سرايا زحلة رشاوى تدفع للمقترعين من رؤساء الاقلام امام الناس".

وتقدم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري احد ابرز قوى 14 اذار بشكوى الى هيئة الاشراف على انتخابات ضد اللائحة التي يتزعمها ايلي سكاف بشان قيام ماكينته الحزبية برفع صور ضخمة للحريري في زحلة وهو غير مرشح فيها بهدف اثارة الشحن الطائفي.

وتشرف هذه الهيئة المختصة على سلامة العملية الانتخابية اضافة الى مراقبين اجانب وعرب.

واوضح الوزير بارود ان الشكاوى عن الرشوة الانتخابية التي تقدم بها بعض المرشحين "احيلت الى القضاء المختص فورا".

وردا على سؤال عن وجود بطاقات هوية مزورة تبادل الطرفان الاتهامات بشانها، قال بارود "التزوير ممكن لكن المهم الا يكون هناك فرصة لاستخدام المزور" مؤكدا ان الوزارة لديها الوسائل التقنية الضرورية.

ويقترع الناخبون اما بواسطة بطاقة الهوية او جواز السفر.

وفي ما يتعلق بالوضع الامني يوم الاحد، بدأت وحدات الجيش والامن الداخلي بالانتشار على الاراضي اللبنانية في اطار خطة تقضي بنشر حوالى خمسين الف عنصر منهم لضمان الامن يوم الانتخابات.

وكانت الاحتفالات والمهرجانات الخطابية عمت انحاء لبنان خلال الايام الماضية، وادى بعضها الى احتكاكات بين انصار المتنافسين جرى خلالها تحطيم زجاج سيارات واحراق لوحات دعاية انتخابية.

كما اتخذت خطابات بعض السياسيين وتصريحاتهم طابعا تصعيديا قويا مع اتهامات متبادلة في كل الاتجاهات.

ومن التدابير التي اقرتها وزارة الداخلية للحفاظ على الهدوء حظر المواكب السيارة للمرشحين ابتداء من صباح السبت "منعا للاستفزازات".

كما ستقفل الملاهي ابتداء من منتصف ليل السبت ويحظر سير الدراجات النارية واستعمال اسلحة الصيد.

وتشير القوائم الانتخابية الصادرة عن وزارة الداخلية الى ان عدد الناخبين يبلغ ثلاثة ملايين و257 الفا ومئتين وثلاثين، لكن نسبة كبيرة منهم مقيمة خارج البلاد، ولا يعرف بالتحديد عدد الذين سيعودون للمشاركة في الاقتراع.

وينتخب اللبنانيون الاحد ممثليهم لملء 128 مقعدا يتوزعون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ولولاية مدتها اربع سنوات.


"عرب48" و"الفرنسية"

التعليقات