الحريري في آخر لقاء صحفي: "أنا معارض لكن أرفض الالتحاق بأحد"

في آخر لقاء صحفي اجرته معه "السفير" مساء امس، ونشرته اليوم، اكد الحريري اعتباره لاتفاق الطائف السقف السياسي الذي يلتزم به في مسألة الوجود السوري والصلاحيات الدستورية

الحريري في آخر لقاء صحفي:

الحريري لـ"السفير": أرفض التشكيك في خياراتي ولا أحتاج لشهادة أحد

أصبح <<الزيت>> ومشتقاته السياسية، حديث زوار قريطم منذ أن انتشر خبر توقيف أربعة من متطوعي جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية، على خلفية قيامهم بتوزيع حصص من الزيت، مجانا، في بعض المناطق. بالنسبة الى البعض من أنصار الرئيس رفيق الحريري فهي قصة إبريق الزيت، تتوالى فصولا منذ ان أصبح زعيمهم خارج الحكم، وبالنسبة الى البعض الآخر فان عملية التوقيف لم تفعل سوى صب المزيد من الزيت على نار المواجهة المتنامية مع السلطة.
يستمع الحريري الى تحليلات زواره.. ويبتسم.

هناك من يقول له مازحا: لعلك نجحت في ان تزرع موالين لك، داخل السلطة، مكلفين بالتشجيع على ارتكاب هذا النوع من ألأخطاء بحقك، لان من يرتكبها لا يفعل سوى انه يفيدك ويخدمك. يبتسم الحريري مجددا، ويجيب: في كل الحالات، لست بحاجة الى مثل هذه الخدمات.. لان شعبيتي كبيرة من تلقاء ذاتها.

ولكن ما هي قراءتك لما جرى؟

يقول الحريري ل<<السفير>>: ما أقدموا عليه لم تقم به حكومة الرئيس سليم الحص في عز هجومها عليّ.. إنه فعلا أمر في منتهى الغباء. نحن نقدم المساعدات منذ العام 1977، وبالتالي فلا علاقة لعملنا بأي موسم إنتخابي، ثم لو أردنا ان نجاريهم في منطقهم حول ضرورة مكافحة ما يسمى بالرشوة الانتخابية، فان ما فعلوه لا يستقيم أيضا مع هذا الطرح لان قانون الانتخاب الذي يضع الضوابط لم يصدر بعد، علما انه حتى في مشروع القانون المحال فهم يلحظون ان الجمعيات والهيئات التي إعتادت على منح المساعدات تكون مستثناة من أي ملاحقة، ويضاف الى كل ذلك ان الهيئات الناخبة لم تُدع الى الاقتراع، حتى تاريخه، الامر الذي يعني ان كل هذه الهمروجة لم تكن في محلها.

ويتابع الحريري: عندما كنت رئيسا لمجلس الوزراء، كنا كحكومة نشتري بواسطة الهيئة العليا للاغاثة كميات من الزيت، ولكن الحكومة الحالية برئاسة الرئيس عمر كرامي توقفت عن ذلك، فلجأنا الى شراء حوالى 50 ألف تنكة زيت، لمساعدة المزارعين على تصريف إنتاجهم من جهة ولتقديم المعونة الغذائية الى المحتاجين من جهة أخرى، إلا ان هذا الامر أثار على ما يبدو الرئيس كرامي وربما غيره أيضا في الشمال، لاسباب إنتخابية على الارجح، لان معظم الزيت الذي إشتريناه شمالي.

ويتساءل الحريري: يتحدثون عن العدالة والمساواة بين المرشحين.. اين كان هذا المعيار عندما تم توزير شخصيات في هذه الحكومة كانت قد رسبت في الانتخابات النيابية، وأين هو هذا المعيار عندما يلجأ البعض في الحكومة الى تنفيذ خدمات إنتخابية مموهة بشعارات سياسية، ثم هل سيكون ممنوعا إخراج الزكاة في الموسم الانتخابي، وما الذي سيكون مطلوبا منا ان نفعله حين يأتي قريبا موعد تسديد أقساط مدرسية لطلاب تعهدنا بتعليمهم.. هل نمتنع عن تسديدها لانها تزامنت مع الانتخابات؟

بعيدا عن بقع الزيت التي بللت النقاش السياسي في اليومين الماضيين.. أين يمكن تصنيف الحريري الآن وسط الفرز الحاد الحاصل بين الموالاة والمعارضة، ولماذا هذا الالتباس في تحديد موقعك النهائي حتى قيل انك تترك قدما في البور وأخرى في الفلاحة؟

يجيب الرئيس السابق للحكومة: لا يوجد إلتباس إلا في ذهن البعض.. أنا لست في الحكم فمن الطبيعي والحال هذه ان أكون في المعارضة، ولكن لي معارضتي وكياني وأنا أرفض الالتحاق بأحد، وعندما إندفع لقاء البريستول الاخير في خطابه سارعت الى التشديد على الطائف كسقف سياسي ألتزم به في مسألة الوجود السوري والصلاحيات الدستورية.

ويضيف بلهجة لا تخلو من الانفعال: المشكلة في هذه السلطة أنك إذا إعترضت على أدائها وسلوكها، تسارع الى التشكيك في خياراتك الوطنية والقومية.. أنا قومي عربي منذ عشرات السنين ولن ألجأ الى تغيير قناعاتي الآن في عمر الستين.. والاكيد انني لست بحاجة الى شهادة من أحد في هذا المجال وليس أنا من يُسأل عن خياراته عندما أبادر مقتنعا الى حفظ مقعد نيابي للمقاومة في بيروت، وهذا ما سأسعى الى الحفاظ عليه في الانتخابات المقبلة كذلك لانه يجب ان يكون للمقاومة تمثيلها في العاصمة.. ويتابع: أنا أرفض معادلة <<عليك ان تكون معنا وإلا فانت ضد الخط العربي>>، وللمناسبة، هناك العديد من النقاط الواردة في بيان عين التينة التقي معها، ولكنني لم أحضر اللقاء، فهل يجوز إعتبار كل من غاب معاديا للثوابت الكبرى ؟.

ويقول الحريري: الغريب انهم في السلطة يتهمونني بالتحالف مع بعض أطراف المعارضة، بينما هم يحاولون بكل الوسائل إستمالة العماد ميشال عون، ويلتقون بالسيدة ستريدا جعجع، وسبق لبعضهم ان إلتقى الرئيس أمين الجميل لدى عودته الى لبنان وأشادوا به.. أما أنا فلم ألتق بأي من هؤلاء الا في مناسبات عامة.

ويشير الرئيس السابق للحكومة الى انه من الخطأ الاعتقاد بانه إذا فازت المعارضة في الانتخابات، تكون سوريا قد هُزمت، <<لاننا لن نقبل الا بان نتمسك بطروحاتنا الوطنية والقومية التي التزمنا بها عن قناعة ونحن سنكون الاحرص على بناء علاقات مميزة وصحيحة مع سوريا وعلى الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية>>، الا ان الحريري يلفت الانتباه في الوقت ذاته الى انه من الخطأ ايضا الاعتقاد بان الوجود السوري في لبنان هو ضمانة لتلازم المسارين لان مثل هذا الكلام يوحي وكأن اللبنانيين خونة، سينقلبون على سوريا بمجرد إنسحابها.

وماذا عن قانون الانتخاب وما هي الاحتمالات المتاحة أمامك في بيروت؟

يقول الحريري انه سيسعى جاهدا الى تصحيح الخلل الحاصل في طريقة توزيع الناخبين والمقاعد النيابية في الدائرة الثانية، فإذا نجحت يكون ذلك جيدا وإذا تمسكوا بالتقسيم المعتمد للعاصمة فانني سأخوض المعركة الانتخابية بلائحة كاملة في الدائرة الثانية وسأثبت لهم أنني الاقوى فيها، لانني لست زعيما سنيا بل لي روابط وثيقة مع الشرائح الاخرى في بيروت وفي مناطق أخرى، لان المذاهب والطوائف، خلافا لما يصوره البعض، ليست أملاكا خاصة لهذا أو ذاك ولا أحد يحتكر تمثيلها.

ولماذا اعترضت على طريقة تفصيل الدائرة الثانية ولم تعترض على صيغة الدائرة الثالثة؟

يرد الحريري: لقد أرادوا منها إستدراجي الى موقف سلبي حتى أصطدم بالمسيحيين ولكنني تفاديت هذا الفخ.

التعليقات